الجمعة 26 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
إحراق الجثث“.. عندما يصبح دفن الموتى في الأرجنتين ”ترفا“
الساعة 19:44 (الرأي برس_ارم نيوز)

لم يسلم أحد في الأرجنتين من الأزمة الاقتصادية، ووصل الأمر إلى الموتى، ففي بلد يعيش نحو 40% من سكانه تحت خط الفقر، أصبحت مراسم الدفن وصيانة القبور ترفا.

الغلاء الفاحش لأسعار الدفن وصيانة القبور، جعل أغلب الأسر بين خيارين، إحراق جثث موتاهم أو البقاء جوعى لأشهر، فيختارون الحل الأول.

وقال خوان تابيا، وهو صاحب شركة ”كوتشيريا تاكواري“ لدفن الموتى: إن ”المشكلة اقتصادية، والناس لا يملكون المال الكافي لمراسم الجنازة، فيساعد الأقارب بعضهم البعض أو يقترضون، وبعض الأشخاص يدفعون بمدخرات خبأوها تحت الفراش“.


وأضاف: ”أسعارنا آخذة بالتراجع؛ لأنه لسوء الحظ، القدرة الشرائية لم تعد كما كانت عليه قبل بضع سنوات. والدفع لهذه الخدمات قد يعني أن بعض الأسر لن تأكل لمدة شهر“.

إحراق جثث الموتى

وأرخص خدمات هذه المؤسسة التي أنشئت قبل 60 عاما في بوينس آيرس، هي إحراق جثث الموتى بكلفة 25 ألف بيزو (حوالي 376 يورو) من دون أن يسجى الجثمان. فمن المستشفى، ينقل المتوفى مباشرة إلى المقبرة في نعش عادي مصنوع من خشب الحور.

وبحسب نوعية النعش والخدمات، قد تصل الكلفة إلى 180 ألف بيزو (حوالي 2700 يورو)، وقد أصبحت هذه الخدمة المباشرة الأكثر شعبية.

وأوضح تابيا: ”يختار نحو 90% من الزبائن إحراق الجثث. لا يريد الشباب معرفة أي شيء عن قبر أو كوة في مرمدة أو مدفن“.

وفي العام 2018، أحرقت جثث 78.5% من إجمالي عدد الوفيات المسجلة في بوينس آيرس، وفقا لحسابات وكالة فرانس برس، استنادا إلى السجلات الرسمية. وهذا الرقم الأعلى الذي يسجل في العقد الماضي.

وقال تابيا، الخبير في مجال خدمات الموتى في الأرجنتين، التي تمر بأخطر أزمة اقتصادية منذ العام 2001، مع اتخاذ الحكومة تدابير طارئة لمواجهتها: ”لاستئجار مساحة في المقبرة، ينبغي دفع مبلغ معين سنويا، ولا يرغب الكثيرون في ذلك أو لا يستطيعون القيام به، لذلك يختارون إحراق جثث الموتى، الذي يعتبر حلا للمشكلة“.

مدفن للبيع

في حالة دفن جثة أو إيداع جرة تحتوي على رماد شخص متوفى في مرمدة، فإن المقابر البلدية في العاصمة الأرجنتينية تفرض رسوما سنوية، وتكاليف صيانة تتراوح بين 400 إلى ألفي بيزو (من 6 إلى 30 يورو).

أما في المقابر الخاصة، فتباع المدافن بداية من سعر 55 ألف بيزو (830 يورو) وتكون كلفة صيانتها 500 بيزو (7 يورو) كحد أدنى في الشهر.

وقبل بضعة أشهر، وضعت المترجمة باتريسيا ألفاريس، إعلانا على الإنترنت لبيع مدفن اشترته عائلتها في مقبرة بلدية لا تشاكاريتا في قلب بوينس آيرس. وقالت: ”أريد بيعه لأنه لم يعد لامتلاكه أي معنى“.

وأضافت: ”تكاليف صيانته ليست مرتفعة كثيرا، تبلغ حوالي 500 بيزو في الشهر، لكن عندما تتراكم تصبح كبيرة وتضاف إلى تكاليف أخرى في الوقت الحالي“.

وتبدو حالة مدفن عائلة ألفاريس جيدة، لكن ثمة أشخاصا يراكمون ديونا، كما هو واضح في المناشير الملصقة على المدافن التي يملكونها، والتي تطلب منهم ”القدوم للتكلم مع إدارة“ المقبرة.

وثمة الكثير من القبور المهجورة أو المدمرة التي غطاها النبات في أرجاء المقبرة.

خدمة من المستشفى إلى المقبرة

وتقف ماريا قرب قبر والدتها، وتضع قفازين وتمسك مقصا بيدها مفضلة عدم الكشف عن اسم عائلتها؛ خوفا من محاولة موظفي المقبرة الانتقام منها، وهي تقول: ”أنوي التوقف عن دفع 1500 بيزو (22 يورو) شهريا لقطع العشب. إنه مبلغ كبير! أفضل المجيء والقيام بذلك بنفسي“.


وبالنسبة إلى خورخي بوناكورسي، رئيس الاتحاد الأرجنتيني للخدمات الجنائزية، تتوافق هذه الممارسات الجديدة مع تغيير ثقافي حاصل، وتشكل جزءا من توجه عالمي.

وأوضح أن ”الجانب العملي بات يتغلب على العواطف“.

من جانبه، حذر دانيال فيريرا، أحد المسؤولين عن مجموعة المقابر الخاصة ”غروبو خاردين ديل بيلار“ الواقعة في الضواحي الشمالية للعاصمة، من أن الخدمة المباشرة من المستشفى إلى المقبرة لها أثر نفسي قوي للغاية؛ لأنه لا يسمح للأحباء برثاء الميت.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24