الاثنين 29 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
هذا الغلاف لا استطيع ان انساه ابدا .... - محمد عبدالوكيل جازم
الساعة 08:58 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

 

رواية موسم الهجرة الى الشمال لعبقري الرواية العربية الطيب صالح ..كلما قرأتها اكتشفت ان هناك جديدا لانها نقطة صراع متشضية جدا بين الشرق والغرب صراع يتحول من منظور فني الى فن خالد.. 
واذا كانت له جدوى فإنها هذه الثيمة الغزيرة: الفن؛ حسب الرواية ..ادهشتني الطريقة التي تم فيها ادخال مصطفى سعيد وهو طفل الى المدرسة التي تشرف عليها الحكومة حيث يخرج اعوانها للبحث عن اطفال للدراسة. بدا الامر أشبه مايكون بالتقاط جوهرة.. ولكن السؤال كم اناس يشبهون مصطفى سعيد تاهوا في درب الحياة.يقول سألني هل تريد ان تتعلم في المدرسة .قلت له ماهي المدرسة؟ 
يقول في لقاءه بجده بعد عوته من بلد المستعمر
(تمهلت عند باب الغرفة، وأنا استمريء ذلك الإحساس العذب، الذي يسبق لحظة لقائي مع جدي كلما عدت من السفر. إحساس صاف بالعجب، من أن ذلك الكيان العتيق، ما يزال موجوداً أصلاً على ظاهر الأرض، وحين أعانقه، أستنشق رائحته الفريدة، التي هي خليط من رائحة الضريح الكبير في المقبرة، ورائحة الطفل الرضيع...نحن بمقاييس العالم الصناعي الأوربي، فلاحون فقراء، ولكنني حين أعانق جدي، أحس بالغنى، كأنني نغمة من دقات قلب الكون نفسه.)
ومن مظاهر الصراع التصورات المتبادة: 
(هل صحيح أنهم لا يتزوجون ولكن الرجل منهم يعيش مع المرأة بالحرام ؟ ) .
....
ومن اجواء الرواية التي تلامس عبقرية سعيد:
اسمعني قصيدة وجدتها فيما بعد بين قصائد عن الحرب العالمية الأولى :

( هؤلاء نساء فلاندرز ينتظرن الضائعين ،

ينتظرن الضائعين الذين أبداً لن يغادروا الميناء ،

ينتظرن الضائعين الذين أبداً لن يجيء بهم القطار ،

إلى أحضان هؤلاء النسوة ، ذوات الوجوه الميتة ،

ينتظرن الضائعين ،

الذين يرقدون موتى في الخندق والحاجز والطين في ظلام الليل .

هذه محطة تشارنغ كروس . الساعة جاوزت الواحدة .

ثمة ضوء ضئيل

ثمة ألم عظيم ) .

وبعد ذلك تأوه ، وهو لا يزال ممسكاً بالكأس بين يديه وعيناه سارحتان ، في آفاق داخل نفسه .

أقول لكم ، لو أن عفريتاً انشقت عنه الأرض فجأة ، ووقف أمامي ، عيناه تقدحان اللهب ، لما ذعرت أكثر مما ذعرت . وخامرني ، بغتة ، شعور فظيع ، شيء مثل الكابوس ، كأننا نحن الرجال المجتمعين في تلك الغرفة ، لم نكن حقيقة ، إنما وهماً من الأوهام . وقفزت ، ووقفت فوق الرجل ، وصحت فيه : ( ما هذا الذي تقول ؟ ما هذا الذي تقول ؟ ) نظر إلي نظرة جامدة ، لا أدري كيف أصفها ، لكن لعلها كانت خليطاً من الاحتقار والضيق

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24