الجمعة 26 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
ن …….و القلم
عمركويران ...لاحول ولاقوة إلابالله - عبد الرحمن بجاش
الساعة 12:12 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)



الأثنين 5 نوفمبر 2018
 

صحوت فجرا وفجأة وقبل الخامسة ، تحسست نفسي ، فإذا كل شيء سليم لم انقص شيئا !!..
ارسلت نظري في الظلام الذي قطعه خيط من ضوء يتسلل من باب الدرج ، حضر المشهد سريعا إلى ذهني ، فاستعدته ببطء شديد …

 

اتصلت به قبل أن أذهب إلى جنازة د. الخليدي : سنلتقي عند مقبرة النجيمات وجامع الاحسان …
وأنا خارج من الزحام المعتاد حيث نحشر انفسنا حشرا لنعزي أهل المتوفي ، وجدت يدا ممدودة عند الباب للسلام ، اعرفها من كثرة ما سلمنا على بعض ، هذه المرة لم اعرفها !! مددت يدي ارسلت نظري لأرى ما جعلني اتسمر، لن اتهرب هذه المرة وابحث له عن اعذارحفاظا على كرامة شخصية يوجه لها الجوع يوميا عشرات الضربات تحت الحزام ، القميص الطويل الذي عليه لايكاد يرى لونا له ، ذلك واقع الحال الذي وصل إليه زميلنا الإعلامي الرياضي عمركويران ، الرجل الخلوق الذي يستحي ومنعته عزة نفسه حتى عن ملاحقة حقوقه ….

 

لم استطع النظر إليه ، فكيت يدي بعد أن اوصلت رسالتي إلى يده ، ذهبت ورأسي يدور ، ولساني لا يستطيع أن يتكلم إلا بالكاد …
سحقا لهذه الحرب التي قضت علينا …

كان يصحو فجرا، ويبدأ المشوار من القادسية على رجليه إلى وزارة الشباب في الزبيري ، لعل رزقا قد كتب هناك ، يخرجون وجيوبهم منتفخة ، يخرج هو وجيبه خال إلا من بقايا ريح تحتلها، فيكرر الرحلة على رجليه إلى حيث منزله ...ومع كل التعب لم يفقد كويران سماحة روحه وابتسامة طبعته من يوم أن عرفناه، لكنه لم يستطع أن يبتسم أمس الأول …

عندما عجزت رجليه على أن تحملانه إلى الوزارة وكذا معدته لم تمنحه الوقود اللازم للحركة ، امتهن مهنة جديدة حفاظا على كرامته ، بدأ يجمع الكراتين ويبيعها ، الآن جاء من ينافسه عليها فلم يعد يجدا لها اثرا أمام أبواب الدكاكين ، تراه فقط يذهب إلى تلك الحنفية فيملأ ما استطاع دبته من الماء مرات ذهابا وايابا حتى يفلت على ركبتيه تعبا …ليروي عطش الصغار

المشهد أمامي كالفيلم تتوارد فصوله حكاية طويلة من كرامة حافظ عليها بكل ما يستطيع من قدره حيث كانت هناك فسحة من رزق حلال من هذه الصحيفة أو تلك ومرتب لايكاد يرى يستلمه من هنا ويطيرمن هناك مجرد ثلاثون الفا ، بينما رجال الله من زملائه واقرانه يحملون على اكتافهم رتبة الوكيل فما فوق !!!

كويران لم يكن له مندوب في الفرزة ، فكان يحمل ركابه خلسه …!!!!

ذهب الراتب واعتكمت كل النوافذ ، وبقي البيت الذي بجهده وتعبه بناه يوم أن كان موظفا مع مشروع مؤقت يتبع الامم المتحده …
في البيت ثمة زوجة طيبة بحاجة إلى عملية ، وولدين متزوجين واحفاده ، محمد كاتب مسرحي كان يستلم 15000 ريال من صندوق التراث أيام طيب الذكر خالد الرويشان ، ذهب الوزير وذهب المبلغ ، محمد وجميل عجزا عن الحصول على وظيفة ما تسد جوع طفل !!!..

اكتب وبالامانة دموعي على قميصي ، لن اخفي هذا ابدا ، فحالة كويران واعرف أن كثيرين مثله في طول البلاد وعرضها تقهرالروح وتدمي العينين ...اللعنة على الحرب …

الآن ولكي اخفف عن نفسي ، ساشرككم لعل وعسى وأنا أدري الظروف كيف هي ، هذا هو رقمه 773983447 ورقم البيت 01613471, لأنني في ظرف الوجع هذا لم استطع فعل أكثر مما فعلت وهو لايغني من جوع ...ازعم انني في الظرف العادي كنت ادري كيف اتصرف ، الآن عجزت ، ولا أنشم نفسي معاذ الله …

هذا الرجل الكريم الذي اكتب هنا للمرة الثانية عنه وبدون أن استأذنه لانه لم يعد قادرا على الكلام ، وماذا سيقول غير دمعة تنحدر إلى الهاوية واقع الحال القائم ، اقول أنه سيبيع بيته اضطرارا ….بقي في يده ثمة رنة تنبئ عن جهاز لم تعد ارقامه واضحة ولا شاشته ...واقع الحال

لله الامرمن قبل ومن بعد .

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24