السبت 27 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
قصص - أمين دراوشة
الساعة 18:54 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


1ـ قوس قزح

 

احترق قلبه، وهرست الليالي عظامه، فالليل سيطر على عالمه، شرع ينتحب، فقد علم أن لا رجاء ممن حوله.
افترس الصمت لسانه. تناول ما تيسر من حبّات الدواء، ثم تفل. الجو يغلي حتى دون شمس.
قال لنفسه: أستطيع معرفة الوقت بالنظر إلى الشمس. شعر بأنه يزدري الكون. بحث عن وسيلة للخلاص، فلم يجد.
حتى الموت ابتعد بعد أن استولى على أجمل الزاد.
عاد وفرد الموت جناحيه، وضمه بحنان، و سحب روحه من جسده، ومع أن الأمر تم وكأنه عملية نزع شوكة من إصبع طفل، إلا أنه تألم.
لماذا ؟
من الألم الجسدي، أو الغياب الروحي. لكن الجسد فان، والروح باقية. لا يمكن أن يحيا الفرد في حفرة صغيرة مظلمة.
تبا! منذ متى بدأت أكره الليل ؟
السنون تمضي. لا أذكر نفسي صغيرا إلا وأنا أداعب شعر أمي، أو أبي، فأنام بعد دقائق، وأحلم بقوس قزح لم يأت أبدا.
الطفل الراقد في قبره، يحسّ بالوحشة، وحاجة ملحة إلى سيجارة، وفنجان قهوة.
ليس له سوى الذكريات.
السكون يخيم على المدنية، وينقل عدواه إلى غرفته. المسكين يشعر بأن بيته هو سجنه الأبدي.
القطيع يسير عبر الدروب، دون هدف، والغاية التي سعى إلى تحقيقها أمست دون معنى، فأي مجد نهايته الموت؟
وما نفع الخلود إذا كنا لن نعود؟
بلى، سنرجع، وسيرى كل إنسان عمله، وسيضحك الطفل، ويشعر بالنشوة والاعتداد، فالكثير من البشر ما زالوا يقرأونه، ويحبونه.
ما أنفك يحاول الهروب من دوامة القلق و التشيؤ. تناول القلم، وطفق يكتب على أوراق عذراء لم يمسسها بشر.
فرّ الليل، وانبلج الصبح. وشرع المطر يتساقط بغزارة، والسماء تتلوّن بألوان زاهية. 

 

 

2ـ التلوّن

 

اجتاح الجنود البلدة الوادعة، حوّلوا ليلها نهارا، تمركزوا في البيوت القريبة حول بستانه. تلوّن بلون الليل، أخذتهم نشوة القتل. شرعوا يطلقون النار في كل اتجاه. انسل من البستان بعد أن تلون بلون الشجر.
غطت الدماء الأرض. 
العيون والطلقات ما برحت تبحث عنه، يسير بطيئا كالليل، الرصاص اخترق جسده. أضاء القمر سبيله. فوهات المدافع الرشاشة ما انفكت تطلق النار. دنا من المدينة المشاكسة، واختفى بين البشر كأنه مثلهم. 
بعد شهور اصطادته الأفعى، فعالج السمّ بترياق الخلود.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24