الثلاثاء 30 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
أحمد طارش خرصان
إب ملكنا نحن..!!
الساعة 16:42
أحمد طارش خرصان

مات والدي - رحمة الله عليه - قبل أن يشهد الفتح ما قبل الأخير للحوثيين في مدينةٍ ....
أجهز الحوثيون على ما تبقّى من كرامتها ، وبتواطئٍ أَشْعَرَنا بحجم خيبتنا وكمْ كنَّا أغبياء. 
كان يدرك والدي - رحمه الله- أن لا تواجد لعقارات علي محسن وحميد الأحمرواستثماراتهما في إب، وأنْ لا تواجد لشخصيات نافذة سوى أولئك الذين وقفوا اليوم مرحبين بدخول الحوثيين ، مانحين إياهم التحية كجندي فارٍ باع بندقيته، وحصل اليوم على مرسومٍ بإعفاءه من العقوبة التي تنتظره. 

 

ثمة غصة أشعر أنها تكاد تخنقني ،وأنا أحاول إيجاد المبرر الكافي لهذا التمدد المهووس بالإنتصارات الزائفة ، والتواجد الخادع، وأكاد أشعر أن والدي - رحمه الله - يشاطرني - في مثواه - هذه الغصة ، ودون أن يرى بأم عينيه القادمين / الغزاة يتجولون بكامل وقاحتهم في شوارع المدينة ومداخلها مطفأة البهاء. 

 

لست مصدوماً إذْ لم أعول يوما على جماعة مسلحة ، كان العنف سمتها الوحيدة، أن تكون المنقذ المرجو، والمنفذ الذي يمنحنا الفرصة لعبور المأزق الذي أوقعنا فيه غباءُ النخب ، كلما عجز عن النظر إلى ما هو أبعد من ركونهم الرخوّ لهبةٍ غيبية ، تريحهم من عناء وتكلفة التفكير في مخرجٍ ، تكاد كلفته أن تكون باهضةً اليوم ، وقد دان كلٌّ شيء في هذا البلد لمنطق الثار والإنتقام والتحالفات الرخيصة.

 

يتجول الحوثيون في إب كابن شيخ يتسابق أبناء الرعية لمنحه الكرة ليلعبها أمام عيني أبيه دون أن يسألوا أنفسهم لماذا تتهاوى المدن والمحافظات مذعنةً لتواجدهم الطارئ فيها....؟
ولماذا هذا الهدوء - المؤقت باعتقادي - والذي يبديه معارضوهم كلما قرعوا باب محافظة أو مدينة ما؟
لقد أذعنتْ الدولة بأجهزتها وأدواتها لمنطق الحوثيين، والتزمت القوى والنخب السياسية الصمت إزاء ممارسات الحوثيين، ومنطقهم الأشبه بمنطق ولغة الغاب.

 

لقد سقطتْ كل خيارات المقاومة التي كنا نعول عليها، وبات علينا مواجهة هذا التهاوي والخذلان ، 
إيماناً منا بحقنا ومدينتنا أن تكون سماءً لا تبصر الجميع سوى بعين واحدة.
يتحمل الحوثيون وحدهم ما يحدث اليوم في إب، ولا أعتقد أن عبدالملك الحوثي لا يدرك أن إب مدينة يسكنها ما يوازي ثلاثة ملايين نسمة، لن تجد للنفس الطائفي مكاناً في فضائها الذي ظل حاضناً للجميع ، وبالتالي لا مبرر لحضور الحوثيين وتواجدهم المستفز لمشاعر أبنائها بمختلف انتماءاتهم. 
لا تملك إب سوى شارعين ومئات الأزقة ، وهي لا تكفي لتحركات ساكنيها، ناهيكم عن لجان الحوثيين الشعبيه. 

 

ظلتْ إب تمقت المليشيا والمسلحين والموت، وظلتْ تواقة للسلام والمحبة. 
حين تقف إب في وجه الحوثيين ، إنما تمد يدها للحياة.... للسلام .....والأمن، مع ما يؤرقها من تواجدٍ مشبوهٍ للقاعدة، الدولة هي المعني الوحيد بمواجهة هذا الوباء المتواجد في أطراف أصابعها في العدين. 
حين تقف المدينة رافضة تواجد الحوثيين ، فإنها بالقدر نفسه ترفض أي تواجد لأية ميليشيا أوجماعات عنف، مؤكدة على دور الدولة وأجهزتها الأمنية في مقاومة هذا الموت المسنود بنظرية الحق الإلهي. 
نعول على عقلاء إب وأحزابها ومنظمات المجتمع المدني وقيادة السلطة المحلية أن ينزعوا فتيل المواجهات إحتراماً لخصوصية إب، وإخماد كل بؤر التوتر والمواجهات وأن يدعوا أجهزة الدولة تمارس مهامها في حفظ الأمن ، وخدمة المواطنين. 

إب ليست ملك أحد 
إب ملكنا نحن 
ونحن من يهمه أمرها. 
هل فهمتم........؟

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24