الأحد 28 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
عصام الأكحلي
غرور القوة !
الساعة 18:31
عصام الأكحلي

 

كما كان متوقعا في ردود الفعل لدى جماعة الحوثي و ألسنة حال الميليشيات السلمية المباركة حول إختطاف الناشط الحر شادي محسن خصروف وتعرضه للإعتقال والتحقيق والتعذيب الجسدي و الإذلال النفسي و الشتم و التهديد لمدة ثمان ساعات , إذ إنبرى أبواق ومناصري الميلشيا بالإستهزاء و النفي والإساءة و السخرية والإبتذال بشكل سافرٍ و لا مبالٍ بأي شئ وكأن شئياً لم يحدث .

كان يفترض في أسوأ الأحوال أن تصدر جماعة الحوثي بداية الأمر بياناً تقول فيه أنها تتابع بقلق بالغ ما تم نشره حول إختطاف وتعذيب الناشط شادي خصروف في عدد من الوسائل الاعلامية ومواقع التواصل الإجتماعي , و أنها وفي هذه الأثناء تواصل التحقيق لمعرفة حقيقة ما حدث , و تعد الجميع بمحاسبة الفاعلين فلا أحد فوق القانون , و أن الجماعة الثورية المنادية بالحريات ومكافحة الفساد لن تسمح لأحد بتشويه صورتها الناصعة المستمدة من مبادئ و أخلاق سيد الخلق أجمعين محمد إبن عبدالله خاتم المرسلين و جد قائد المسيرة القراّنية المطهرة , وبعد ساعات تتبع البيان الأول يتم إصدار بيانٍ اّخر يؤكد عدم صحة كل الإدعاءات والأكاذيب وأن الجماعة تأكدت بشكل قاطع أن شادي خصروف إدعى كذباً وبهتاناً بتعرضه للتعذيب , وكذا تعرضه لـ " القحص " و هو مايعني في اللغة العربية " العض " , وبعد زيارة وتفقد الحي الذي يسكن فيه خصروف تم العثور على كلب ضال ومسعور تشير المعلومات أنه الفاعل الحقيقي لموقعة " القحصة " , و قد تم تصوير الكلب المسعور والحصول منه على اعترافات تفصيلية لما قام به وعلاقته بإنفلونزا القحصة ,إلى اّخر الحكاية المحبوكة وفقاً لما يطابق تاريخ أنظمة الحكم العربية , ولكن للأسف لم يحدث أي شئ من قبل الجماعة السلمية , ولم تكلف نفسها أي مشقة تجاه تجاوز قانوني وأخلاقي وإنساني بحق مواطن يمني يعيش في عاصمة الوطن الذي إجتاحته الميليشيا لإزاحة مظالم المواطنين ومعاناتهم من الجرعة الإقتصادية وقمع الحريات بحسب مسؤول إيراني وصف أواخر سبتمبر في قناة فضائية سبب الإجتياح السلمي للعاصمة , كما ظهرت ردود الفعل بشكل مشابه لدى جماعة الحوثي تجاه مواقف سابقة وعديدة خلال ثلاثة أشهر ماضية 

التاريخ يكرر نفسه , و محكوم على أي جماعة أو نظام كما يبدو الإنغماس في ثقافة متأصلة ضاربة جذروها في أعماق التاريخ وهي ثقافة " غرور القوة " وعدم الإستفادة من الأخطاء و إنعكاس الثقافة على السلوك والاعتقاد والأفكار .. قبل أعوامٍ مرت كان نظام الرئيس السابق ينفي إختطاف الخيواني و اخرين , و كان يدافع عن قمع الحريات , ويتهم المتظاهرين في الجنوب بالخيانة وانهم إنفصاليين مخربين وليس لهم أي مطالب أو قضايا حقيقية , و كان منتهجاً لأساليب السخرية و وصم صكوك الوطنية والخيانة بعيداً عن مواجهة الحقيقة ومعالجة منابع الخلل وتعزيز النظام والقانون , و في مرحلة مابعد 2011 وحتى 21 سبتمبر المنصرم تعززت الحريات و لكن ظل عدم الانصات لكل ناصحٍ أو ناقد وهي معضلة أخرى ناتجة فقط كما أسلفت عن ثقافة راسخة في أجيال متعاقبة " غرور القوة " و إلى جانبها أسباب أخرى عديدة .

جماعة الحوثي وبشكل أشد فجاجة وصلفاً و تطرفاً , تظهربالأمس واليوم وغداً وفقاً لمسلسل لا ينتهي في بئية تحتاج للكثير لمعالجة اّثار الجهل والتخلف , و لو تابعتم منشورات و تعليقات عدد من مسؤولي ومناصري وناطقي الجماعة السلمية حول حادثة إختطاف و تعذيب شادي خصروف , وعدتم لمنشوراتهم الوديعة و شعاراتهم قبل 21 سبتمبر لرأيتم ما يصنع غرور القوة بين عشية و ضحاها , وحين يكون التخلف و الأصولية سائداً لأي نظام أو جماعة يكون الغرورأعلى إرتفاعاً وتأثيره أوسع دماراً ومأساة للجميع وللوطن وحتى للجيران و وصولا الى ابعد من ذلك , و لذا فإن غرور القوة هو العدو الأول للميليشيا وهو من سيسهم بشكل أكبر من أسباب أخرى في أفول مسيرتها المباركة .

من لا يقرأ التاريخ محكوم عليه أن يعيش وقائعه مرغما من جديد , و من جهة أخرى .. من يدعي شئ وأشياء و يتستر وراء أقنعة زائفة محكوم عليه أن تسقط الأقنعة رغماً عنه , لأنه لم يعرف و كذا لم يسعى لأن يعرف أنه من المستحيل أن تختفي الحقيقة إلى أمدٍ بعيد.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24