الاربعاء 01 مايو 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
أسعد عطاء
أمل الطفولة التي اغتيلت - وحافلة الموت
الساعة 16:41
أسعد عطاء


لم تنسج هذه المقالة ليقال انها حكاية من خيال الكاتب ، أو يضن من يقرئها للوهنه الاولى أن ما حدث لا يمكن تخيله على الواقع ، واخر سيجزم أن هذه الجريمة لا يمكن ان تحدث الا في عالم الوحوش أو افلام الرعب. 

لكن هذا ما حدث وما حدث قبلة جرائم تقشعر لها الابدان وطرق مرعبة في القتل للأبرياء ، بالأمس فقط اجتمع الشباب الذي ينضم لمنضمات حقوق الانسان والطفل وتوالت الاستقالات تلوا الاستقالات استنكارا على بشاعة ما حدث ، صدمة دوه اليمن بجميع طوائفها وتكويناتها وبجميع اختلافاتها ، جريمة لن ينساها التاريخ وستكون اكثر بشاعة في تاريخ الطفولة.

في ذات صباح كانت عائشة البنت الثانية لأبويها تملى حياتهم بالفرح والسرور ، عائشة ابنة التاسعة التي تدرس بصف الرابع الابتدائي خرجت كالعادة من بيتها مع زميلاتها الاتي لا يتعدى اعمارهن التسع سنوات بفرح إلى حافلة المدرسة التي تقلهن إلى مدرستهن (مدرسة الخنساء للفتيات) وكا كل يوم تمتلئ حافلة المدرسة بالبراعم الصغيرة التي تغني للحياة وتنشد الحب والسلام ، لتصل إلى المدرسة وتبدأ بإداء التمارين المدرسية ومن ثم تحية العلم ، وبعد ذلك يبدأ اليوم الدراسي إلى أن ينتهي لتغادر أمل برفقة زميلتها إلى منزلها فوق حافة المدرسة، فرحاً للعودة إلى المنزل.

عائشة الطفلة التي تميزت بذكائها الفطري، كانت تحلق في السماء وتسأل والديها لماذا في السماء اضاءة ومصابيح تضيء ونحن لا يوجد لدينا مثلها ونعيش في الظلام، لم تعرف بعد أن ما يوجد في السماء هي نجوم تعكس اشعة الشمس فتظهر كأنها تضيء ، ولم تكبر عائشة حتى تعرف لماذا تعيش في ظلام ، لم تعرف أن هناك وحوش يدمرون المنشأة الكهربائية والحيوية لليمن ليعيش الناس في جحيم، لم تكبر أمل لتعرف ما يعانيه مجتمع بأكمله نتيجة لعنة الارهاب.

عائشة الطفلة التي أتسمت بوجهها الملائكي وابتسامتها التي كانت تنسي والديها ويلات الحروب والفقر مع أخوها إبراهيم واختها حليمه كانت تحمل بيديها قلمها لترسم فراشات وورود لتعطيها لوالدتها وهي مبتسمة فهذا ما تمتلكه الأمل كأحلامها ، فقد كأنت تلعب برفقة صديقاتها شيماء وأمل وصفاء وحليمة في الحي ويغنين تارة ويبكين تارة أخرى خوفا من أصوات القذائف واطلاق الرصاص الذي اعتاد عليه قاطني مدينة رداع منذ زمن بين عناصر الارهاب والامن.

في صبيحة يوم الثلاثاء الموافق 16/12/2014م، خرجت أمل كعادتها فرحة برفقة صديقاتها إلى باص المدرسة حتى يذهبن للتعلم، لم تكن تعرف أمل التي لا تذهب إلى المدرسة الا بعد تقبيل والديها لها وأخذ بضع ريالات لتشتري بها مليم أو شكولاته ، أن هذه هي أخر لحظة ترى فيها والديها وأن هذه القبلات هي الاخيرة ، ولم يكن يعرف والديها أن أبنتهم التي كانت تحلم بأن تكبر وتصبح طبيبة تخفف الالم عن المرضى لن تكبر ولن تحقق أحلامها. وسيظل المرضى يأنون من الوجع.

وصلت عائشة إلى المدرسة وكعادتها بدأت تأخذ دروسها ولكن في هذا اليوم دخلت معلمة اللغة العربية لتطلب منهن كتابة جملة حتى يتعلمن الكتابة بشكل جيد،،، فكتبت عائشة عبارة ستظل مدوية للجميع ،، يارب احفظ اليمن ،، عبارة كم كانت جميلة ومبكية من طفلة لم تعرف بعد ماذا تعني اليمن وماذا يعني الوطن ،، عبارة من براءة لم تنغمس اناملها في الكذب والخداع ولم تعرف ان هناك وحوش لا يعيشون الا على دماء الابرياء ويدعون أنهم يطبقوا السنة والدين ،، والله ورسوله وكل المسلمين براء منهم كبراءة الذئب من دم يوسف عليه السلام.

خرجت عائشة التي كانت تحمل في يداها هدية من معلمتها خولة منتظرة بشوق الوصول إلى منزلها لكي تعطي والديها كي يتفاخرا بها مع صديقاتها والاتي كان عددهن قرابة العشرين مع سائق الباص، وبينما السائق يمشي كعادته من الطريق الذي اعتاد ان يمر منه يومياً، لم يكن يعلم أن هذا الطريق سيكون يوما من الايام لعنة ستخلف من ورائها جثث مقطعة بين الطريق، أجل لم يكن يعرف سائق باص المدرسة أن هناك وحوش قتلة قد زرعوا الغام في الطريق حتى يدمرون من يقال انهم كفرة وعملاء؟

لكن الفاجعة أن يمر الباص بجوار سيارة مفخخة تكفي لتدمير اسطول من الدبابات وليس باص صغير فجرها الارهابيين ووقعت الكارثة التي سببت انفجار عنيف سمع دوية على مدى تلك المدينة الصغيرة وتناثرت جثث الاطفال إلى اماكن متفرقه من الطرق واختلطت بها جثث البراءة فلم يعد يعرف احد جثة من هذه وذاك،، لقد هلع الناس بعد سماع دوي الانفجار والنجدة فكانت الفاجعة التي هزت دويها اليمن بأكملها حين توالت الاخبار بأن من استهدف هن طالبات لا يتعدى سنهن التسع سنوات وان عدد الضحايا بلغ العشرين فتاة وعشرة من المارة.

نعم فقد قتلت الطفولة في بلدي ومن قبلها كانت مجازر كثر فقد قتلة الجندي في حادثة السبعين التي راح ضحيتها مئات الجنود بعد أن فجر ارهابي نفسة بينهم وهم يأدون العروض العسكرية ومن بعدها حادثة مستشفى العرضي التي كانت بشاعتها تفوق بشاعة افلام الرعب بعد أن قتل الطبيب والممرض والمريض والجندي، فلم يرحموا طبيبة هلعت لنجدة المرضى وقتلت بدماء باردة ولم يرم لهم طرف عين حين توسل اليهم أناس ضعفاء بعدم قتلهم واذا به يلقي عليهم قنبلة تناثر جثثهم لقطع صغيرة ولم يعرفوا الرحمة في مريض اعزل لا يقدر على الحركة ويقتل ، وبعدها ذبح الجنود الابرياء بطريقة بشعة جدا وما أكثر تلك الجرائم التي يرتكبها فلة من الوحوش ، شياطين الانس ويدعون أنهم هم الحق وفقط.

أجل فقد هرعت النجدة لتلم ما قدرت من الجثث المتناثرة على الرصيف لتجمع براءة أطفال تناثره على تراب الوطن، ولم يبقى شيء سوى ورقة تلطخه بالدماء الطاهرة مكتوب عليها عبارة صغيرة ،، يارب احفظ اليمن ،، حينها هلع من قراها بالبكاء ولم يعرف أحد لمن هذه العبارة، التي هزت كيان الساسة الحقراء الذي لا يهمهم سوء الكرسي وسرقة اموال الشعب وخيرات الوطن ودعم التطرف والارهاب ، لقد كتبة هذه العبارة بأنامل الأمل لتصل رسالة للجميع أن اليمن فوق كل اعتبار ومكايدة.

فبأي ذنب 20 طفله تقتل كل طفله عائده الي منزلها في كتفيه العلم والأمل تتمنا انه تغير اليمن الي يمن جديد يمن السلام. باي ذنب تموت شيماء التي لاتزال تعاني من قتل أبها بسبب عدم وجود طريق الى صنعاء لإجراء عملية جراحية. بأي ذنب تموت عايشه وهي سعيدة بدخولها عامها العاشر وحصوله على هديه من المعلمة خوله ومنتظر وصولها للمنزل من اجل التفاخر بحصولها على الهديه امام امها واخوها احمد واختها حليمه. 

رحلت عائشة وصديقاتها عن الحياة وذنبهن أنهن ذنبهم انهن يدرسن في منطقه نزاع منطقه حرب بين جماعتين تتنازع لأنها أختلفت في الرأي ليصبح الاقتتال هو الطريق اللعين لحل نزاعتها ،، لماذا قتلت الطفولة لأنها حلمة بمستقبل يضمن لها حقوق المساوة والعدالة والقانون، كغيرها الكثير من الاطباء والمهندسين والاساتذة والجنود تقتل يوميا لانهم يحبون وطنهم ويحبوا ان يكونوا أنسان لا وحوش.
عائشة ستظل ملحمة لأبشع جرائم العصر بقتل الطفولة بيد المتطرفين قتلة الانسان والحياة، ستدوي صداها للجميع ولن ينساها التاريخ وسينشد كل الاطفال ذكراهم حبا للوطن وللأمل القادم.
     

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24