الجمعة 26 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
محمود الطاهر
لعبة بريطانية لهزيمة الحكومة اليمنية
الساعة 18:11
محمود الطاهر

بعد أكثر من 30 يومًا، أفشل الحوثيون اتفاق ستوكهولم، دون أن يكون هناك رد حازم من المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، يكشف حقيقة التعنت الحوثي لتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي، لكن غريفيث تحدث في إحاطته لمجلس الأمن الدولي يوم الجمعة 11 من يناير 2019، أن الحوثيين يقبلون تنفيذ اتفاقية السلام وحريصون جدًا على إنهاء الأزمة الإنسانية في اليمن، بينما في حقيقة الأمر ارتكب الحوثيون خروقات كثيرة لتلك الاتفاقية، علاوة على محاولة تفسيرها بما يتوافق مع تطلعاتهم.

في يوم الـ29 من ديسمبر 2018، أعلن الحوثيون إعادة انتشار قواتهم في محافظة الحديدة اليمنية وتسليم موانئ الحديدة لقوات موالية لهم، وأبلغوا الأمم المتحدة بذلك، وطالبوا القوات الوطنية في محافظة الحديدة، بتسليم أيضًا المواقع التي سيطروا عليها لقوات موالية للحوثيين، لكن الحكومة اليمنية، اعتبرت تلك الخطوة محاولة للالتفاف على اتفاقية ستوكهولم، وتنصل من قبل الحوثيين منها، وهو ما يبدو واضحًا من خلال التفسيرات التي فسرها الحوثيون.

فبينما تدعو الاتفاقية الحكومة اليمنية والقوات الحوثية، بتسليم ميناء الحديدة إلى أبنائها وانسحاب القوات المتقاتلة على الأرض إلى أطراف ميناء الحديدة، عمل الحوثيون على إنشاء قوات خفر سواحل موالية لهم وسلموها الميناء، وغيروا لبس المليشيات من المليشاوي إلى الزي العسكري.

تلك الخطوة، تثبت أن الحوثيين غير مستعدين أو ليس لديهم استعداد على الأقل للفهم أن المجتمع الدولي قد يدول هذه الاتفاقية إذا وجد الحكومة اليمنية مطالبة بحزم بتثبيت وتنفيذ تلك الاتفاقية وقرار مجلس الأمن الدولي، ومواجهة تعنت الحوثيين بقرارات صارمة، لكن ما يشجع الحوثيين على الاستمرار في إفشال تنفيذ الاتفاق، هو ضعف الدبلوماسية اليمنية، وكذلك محاولة بريطانيا التلاعب الواضح بالقرارات الأممية السابقة فيما يخص اليمن.

من المسلم، أن يتحدث المراقبون السياسيون على أن المجتمع الدولي منح الحوثيين فرصة أخيرة من أجل الجنوح للسلم في سبيل إنهاء الأزمة الإنسانية والسياسية في اليمن من خلال مواقفه الأخيرة والضغط نحو إنهاء الأزمة السياسية، لكن فيما يبدو أن المجتمع الدولي وخصوصًا بريطانيا، تسعى من خلال مواطنها مارتن غريفيث لتنفيذ أجندات خاصة بها في منطقة الشرق الأوسط، وتسعى لمنح سيطرة الحوثيين على اليمن شرعية دولية.

فبعد شهر ونيف من اتفاقية ستوكهولم التي يمر تنفيذ بنودها بمرحلتين الأولى انتهت في 3 من يناير الحاليّ، والثانية في 10 من الشهر ذاته، لم يسجل باتريك كامرت رئيس لجنة المراقبة الدولية على تنفيذ الاتفاق أي اختراق في تلك البنود، وتعثر مع بدء أول تعامل مباشر مع الحوثيين الذين أصروا على تفسير الاتفاقية وفق أهوائهم، وبدلًا أن يكون هناك موقف دولي حازم تجاه المعرقلين للتسوية السياسية أو إنهاء الحرب، تسعى بريطانيًا لإصدار مشروع قرار جديد في مجلس الأمن الدولي لمحاولة تكبيل الحكومة اليمنية أكثير ومنح الحرية للحوثيين بالتحرك بشكل واسع.

ومنذ اتفاقية السويد، لم يتوقف الحوثيون يومًا واحدًا عن الحشد العسكري وحفر الخنادق وإطلاق قذائف الهاون على المناطق التي تسطير عليها المقاومة الوطنية المشتركة في محافظة الحديدة، وهو ما يشير إلى استمرارهم بضرب تلك الاتفاقية بعرض الحائط، وعدم إعارة المجتمع الدولي أي اهتمام.

وما زاد من تعقيد الأمر، وهو ما يشير إلى عدم استعداد الحوثيين لأي عملية سلام على الأقل تشركهم في السلطة، أرسل الحوثيون طائرة إيرانية دون طيار إلى قاعدة العند الجوية حيث كان هناك عرض عسكري، وهاجموا بها الصف الأول من القيادات العسكرية، وهي قيادات مشاركة في حرب الحديدة أو في مناطق متعددة من جبهات القتال، نتج عن هذا الهجوم 7 قتلى ونحو 20 جريحًا، أبرزهم رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية اليمنية محمد صالح طماح الذي توفي الأحد 13 من يناير 2019 متأثرًا بجراحه جراء الهجوم.

كان هذا الحادث كفيلًا بأن تتحرك القوات الحكومية اليمنية، نحو استعادة ميناء الحديدة وتحرير تعز في نفس القوت، إلا أن ردود الحكومة اليمنية كانت محبطة لليمنيين، وهو ما يجعل الكثير من أبناء اليمن يفقدون ثقتهم بها.

والحقيقة أن لهذا الهجوم رسائل عديدة، كونه جاء في توقيت وزمن يبدو كأن مخططًا له، فتوقيته جاء يوم 10 من يناير وهو نفس اليوم التي تنتهي المرحلة الثانية من إعادة تسليم محافظة الحديدة بشكل كامل لأبنائها وفقًا لاتفاقية ستوكهولم، إضافة إلى أنه جاء في اليوم الثاني من عقد مجلس الأمن جلسة خاصة بشأن اليمن، لم يناقش فيها الخروقات الحوثية، وإنما ناقش الجوانب السلبية المنعدمة أصلًا، وكأنه يصنع سلام من وهم.

وكأن الحوثيين في هذا الهجوم، يعلنون إنهاء اتفاقية السويد، ويشكرون مارتن غريفيث لتعتيمه على خروقاتهم وخروجهم عن قرارات مجلس الأمن الدولي.

ووسط هذه الانتهاكات الخطيرة من الحوثيين (اتفاقية السويد وقرار مجلس الأمن الأخير 2451)، طرحت بريطانيا على مجلس الأمن الدولي مشروع قرار لتوسيع مهمة المراقبين الدوليين المكلّفين بالإشراف على تطبيق وقف إطلاق النار في الحديدة باليمن، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى ملايين السكان الذين يواجهون خطر المجاعة، وينصّ المشروع على نشر نحو 75 مراقبًا في الحديدة ومينائها وفي مرفأي الصليف وراس عيسى لفترة أولية مدّتها ستة أشهر.

وتنشر الأمم المتحدة في الوقت الراهن فريقًا صغيرًا من 16 مراقبًا دوليًا في اليمن بقيادة الجنرال الهولندي باتريك كاميرت، بموجب قرار صدر الشهر الماضي إثر التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار.

وهذا القرار الذي تعتزم بريطانيًا تقديمه، هو لزيادة فرض القيود على الحكومة اليمنية، للاستسلام الكامل للضربات الحوثية المتتالية على جسمها دون إبداء أي مقاومة، فلولا القرار الأممي 2451، لكان الموقف مختلفًا بعد العملية التي نفذتها المليشيات الحوثية على قاعدة العند الجوية، لكن ذلك القرار جعل الحكومة اليمنية مكبلة دون أن تستطيع أن تتخذ إجراءات رادعة بحق انتهاك المليشيات الحوثية، وهو ما تهدف له بريطانيا من خلال مشروع قرار جديد، يوسع من صلاحية الحوثي واستمراره في محافظة الحديدة، فضلًا عن ارتكاب عمليات إرهابية إضافية في أماكن متفرقة من اليمن.

هل تستمر اتفاقية ستوكهولم؟
بهجومهم على قاعدة العند الجوية، يكون الحوثيون قد أنهوا اتفاقية ستوكهولم من طرفهم بل وتبرءوا منها، لكون استهداف القيادات العسكرية اليمنية ورئيس هيئة الأركان الذي شارك في العرض العسكري، رسالة للمجتمع الدولي أن السلام في اليمن لا يعنيهم وأنهم ماضون في القتال حتى يتحقق مرادهم.

لحوثيون يمارسون خديعة كبرى على المجتمع الدولي من خلال الحديث بأنهم يسعون لعملية السلام بينما يوجهون لميليشياتهم أوامر بالاستمرار في القتال، وهذا ما حدث بالفعل عندما قابل عبد الملك الحوثي المبعوث الأممي ودعاه إلى سرعة تنفيذ مخرجات مباحثات السويد بينما يخترق الهدنة هو وميليشياته، وفي نفس الوقت يوجه مقاتليه بعدم الانسحاب واستمرار القتال.

الوضع غير مطمئن، هناك خروقات واضحة من الحوثيين، وتعنت تام تجاه اتفاقية السويد، لكن المجتمع الدولي ما زال صامتًا ولم يتحرك ولم يجتمع ولم يدن، مع أن هذه وفقًا للاتفاقية فرصة أخيرة سانحة للميليشيات الحوثية بأن تثبت أنها حريصة على السلام.

الخلاصة
الدلال البريطاني لمليشيات الحوثي لا بد أن يقابله يقظة حكومية، وتدرك اليمن أن بريطانيا تضع قنابل موقوتة في طريق اليمنيين، وتعمل على تخدير الحكومة في سبيل تمكين الحوثيين بدلًا عنها أو منحهم شرعية دولية.

الحوثي سرطان في الجسد اليمني لا بد من استئصاله أو معالجته بطريقة صحيحة، أما المخدِرات التي تضعها بريطانيا أو مواطنها مارتن غريفيث (المبعوث الأممي إلى اليمن) من خلال الحديث عن مشاورات جديدة دون أن يلتزم الحوثيون بالقرارات والاتفاقيات السابقة إضاعة للوقت من أجل تمكين إيران من السيطرة على المنطقة.

عن نون بوست

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24