السبت 04 مايو 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
غيلان العماري
بين يدي تحية العلم
الساعة 19:11
غيلان العماري

للحظات تتالت والدموع تغسل مآقينا..أرواحنا تهزم فينا جبروت الرتابة والروتين الممل و " الهيلمان"،
حاولت الثبات والتماسك وأنا أقف طالبا بين يدي طابور الصباح وسط لفيف من فلذات أكبادنا؛ طلاب وطالبات مدرسة خالدبن الوليد،فتعثرت مرة تلو أخرى.

هو ذات الصرح الذي درجت عليه أحلامنا ونحن نتلقف تعليمنا من لدن معلمين مصريين وسودانيين بشغف وحرص شديد،غادروا وبقت ذكراهم العطرة الخالدة في قلب كل طالب عاش حضورهم الباذخ الجميل،كذلك هي الفصول التي تم انشاءها من الصفيح ؛غادرت وظل عبقها يسافر بي بعيدا ، فأنهمر لوعة وحنينا بين يدي تفاصيلها العذبة كاملة الشجو والشجن...

ليتنا إذ يمر بنا العمر نعود أطفالا ،فنخرج من طابور هذه الحياة ونحن نمارس ألعابنا،حبنا،براءتنا،دون آبهين بما دون ذلك من سفاسف وأوهام.

أطفال رائعون يلقون إذاعتهم الصباحية والأمل مازال يقطر طريا في ثنايا حضورهم البديع،وعلى الصرح صفوف متلاحمة ومتجانسة تؤدي التمارين الصباحية وتنصت إلى تحية العلم بمهابة وإجلال،في قلب هذا المشهد أساتذة رغم ضراوة الوجع الذي نالهم بعد أن أوقف البغاة رواتبهم ؛ إلا أنهم لايزالون ثابتين وترتسم على وجوههم  تقاسيم العزيمة كما هي بادية على جبل "البياضة" وتلك التلال والهضاب التي تحتضن المدرسة والقرى والوادي بشكل عجيب.

"رفرف عزيزا يا علم فوق الرؤوس والقمم،بالروح نفديك وبالدم نرويك..."
تحية العلم ،وقد أخذتنا الأيام إلى وطن تتربص بقداسته  أعلام دخيلة، تحية العلم،وقد سقط الساسة في المحافظة عليها وعليه.

بكيت، وتداخلت بين جوانحي الأسباب.. فرحا وترحا، لتقذف بي بعد ذلك نحو متاهات سحيقة من التساؤلات :
هل يعلم فلذات أكبادنا أي مستقبل ينتظرهم؛ في ظل حاضر عنين ضرير لاينجب سوى المآسي والأحزان؟
ماذا  بعد كل هذا الأنين الذي يجوب الوطن طولا وعرضا ؛ هل يستفحل أم يترجل ويرحل إلى غير رجعة؟

وهل وقد غابت الدولة وتلاشت ؛ يستمر التكافل والتعاون على فعل الخير من قبلنا نحن القادرين على زرع ابتسامة في وجه كل هذا الواقع العابس الكئيب؟

غادرت بعد أن قمنا بما أمكن تجاه المدرسين من دفع ماجادت به النفوس من خير لهم ؛ كأدنى مانقوم به تجاه المعلم من واجب، غادرت وأنا أبحث عن تحية تليق بهذا المعلم، عن تحية يصدح بها الجميع ليس على غرار تحية العلم التي خانها الجميع ولكن تحية إجلال نمارسها على أرض الواقع بالوقوف إلى جانبه وإسناده كونه حجر زاوية البناء؛ وهو أحوج مايكون إلى ذلك اليوم..اليوم وليس غدا، غادرت بين فرح وترح ؛ غادرت مثقلا بالكثير من تلك الطفولة ، و قليلا من حزن مقيم.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24