الجمعة 19 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
حرية واستقلال - ثابت العقاب
الساعة 20:54 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

بالأمس احتفل الحوثيون بذكرى دخولهم صنعاء تحت شعار حرية واستقلال ..
لا أدري ماهي الحرية التي يتحدثون عنها ولا ماهو الاستقلال الذي يتحدثون عنه ؟
في المقابل الشرعية تحتفل بثورة ٢٦ سبتمبر  في صفحات التواصل الاجتماعي في حين هي في الواقع تشرب دمها وتهشم رأسها وتفقأ عينيها ..
كم هم سخفاء وكم نحن حمقى .. 
وصل الحوثيون إلى ساحة التغيير وعلى ظهورهم وحميرهم وبغالهم وعرباتهم مظالم تنوء بها الجبال 
ورفعوا رايات عدة رفعوا راية السلام وراية الشراكة وراية المصالحة وراية العدل وراية الحب وراية الموت لأمريكا والموت لاسرائيل وراية علي بن ابي طالب وراية الغلاء وقميص عثمان ..
وسلمت لهم صنعاء نفسها راغبة في الانعتاق من الفوضى و خوفا من الاستمرار في متاهات لا آخر لها وهروبا من ثوار ليس لهم هدف وثورة ليس لها راعي ..
وعادت الشرعية بعدتها وعتادها بجيشها وركابها ببحرها وسماءها وهي ترفع راية الوحدة وراية السلام وراية التوحيد وراية الاخوة وراية الخلافة الإسلامية وراية المواطنة المتساوية وسلمت لها عدن نفسها انتصارا للشرعية وعملا بما قاله الدكتور عبدالكريم الإرياني رحمة الله تغشاه سأقف مع الشرعية ولو كانت عصا  ..
كانت ثورة ٢٠١١ م المجيدة أو لنقل المباركة قد عطلت البلاد ودمرت الاقتصاد وسحقت المواطن واعادت الاحقاد والمناطقية والطائفية ونثرتها في ساحات التغيير وفي البيوت وفي الصدور وعلى مداخل المدن كالعهن المنفوش وهي سابقة لم تعملها أي ثورة قبلها على مدار التاريخ وهو ما جعل الشمال يرزح تحت العنصرية والجنوب تحت المناطقية ..
كان علي عبدالله صالح أكثر رؤساء اليمن خبرة سياسية ودهاء وثقافة عسكرية وكانه أخذ خبرة الإرياني والحمدي والغشمي لكنها للأسف كانت في إدارة السلطة وليس في إدارة الدولة لذلك خلق تحته طبقات - وليس مؤسسات - مختلفة وبالونات متعددة وباشكال متفاوته استطاع ان يحسن بها وجه السلطة القبيح و بني حواجز حوله كثيرة وحول الكرسي إلى منطاد كبير حتى لا يقترب منه أحد..
لكن ظلال الدولة كان موجودا كان يأتي ويذهب وكانت شمسها تشرق هنا وتغرب هناك وكنا نرى قمرها ونجومها وسماءها وان كانت بعيد عنا .. وكان يوقد الشعلة مساء ال  ٢٦ من سبتمبر وفي الصباح يفتتح حزمة من المشاريع التنموية التي كنا نراها صغيرة ولكنها اليوم كبيرة بكبر سقوط صحابته والتابعين ..
كان هناك دستور وكان هناك مؤسسات وكان هناك سلطة قضائية وكان هناك دبلوماسية وكان هناك امن وان كانت بالمستويات الدنيا الا أنها كانت موجودة .. 
اليوم اليمن تضيع بين الثورة والشرعية والانقلاب واحتفالاتهم ليست سوى مغالطات و انزياحات إلى مسميات لا علاقة لها بالمفهوم الحضاري للدولة ولا بالرواتب ولا بالكهرباء و لا بالخدمات انهم يهربون من مواجهة متطلبات الناس واحتياجات المواطنين إلى الاحتفال بالماضي ..
أنا كمواطن لم يعد يهمني الفرق بين الثورة والانقلاب و لن العن معاوية ولن اكره علي ولا يهمني القدس ولا إسرائيل ولا أمريكا أنا يهمني راتبي وسكني وعلاجي أنا أنظر إلى السلطة الحاكمة بمقدار ما توفره من خدمات ومن مصالح لي ولاولادي بمقدار تطور التعليم واستقلال القضاء وحرية الصحافة ..
أنا ليس لي عداوات مع من رحل ولا مع من سيأتي أنا أفكر الآن كيف اسافر من عدن إلى إب لزيارة قبر ابي وأمي رحمهم الله دون ان يعترضني قطاع الطرق الذين يقتلونك بتهمة أنك شمالي ..
أنا لا انتمي لأي برنامج لا يوفر المواطنة المتساوية ولا يحفظ كرامة الإنسان لتكن أنت مشغول بقتلة ارطغل و ذاك مشغول بالبحث عن دم الحسين وعن قتلت علي لكن ان تريدوننا نعود جميعا معكم إلى العصور الحجرية و موقعة صفين و معركة الجمل أنا لا استطيع قطع كل تلك المسافات أنا تعبت من السفر ومن المطارات ومن القطارات ومن الثورات ومن الحروب ومن القتل ومن الحقد ومن الثارات..
لم اعد اقوى على العودة إلى سنوات طفولتي ومراهقتي وان اتذكر تلك الفتاة الجميلة التي احبتني دون شروط ودون قيود ودون سيارة فارهة ودون ساعة رولكس وأنت تريد ان نعود إلى الوراء ١٤٠٠ عام ان الطريق إلى جهنم اقرب من الطريق إلى موقعة الجمل يا رجل ..
الوقت يرحل وانتم كل يوم تبحثون عن حرب جديدة وعن مصيبة جديدة وعن قتلى جدد وعن لاجئين جدد وعن اسرى جدد .. كل يوم وانتم تدافعون عن وجودكم بالهروب الكبير  .. الهروب الكبير من السلام والهروب الكبير من العفو والهروب الكبير من الاعتراف بالهزيمة والهروب الكبير من الاعتراف بالفشل والهروب الكبير من تحمل اعباء قراراتكم الخاطئة والهروب الكبير من التنازل عن الاوهام وعن الخرافات وعن الكذب وعن الدجل .. الهروب الكبير من الكوارث التي صنعتموها انتم ومن الفساد الذي خلقتموه انتم ومن الخراب الذي احدثتموه انتم ومن الموت الذي ادخلتموه إلى كل بيت  .. من الجهل الذي اعدتموه من القبر من المرض الذي نشرتموه بطريقة مرعبة ..
انكم تتطهرون من نظام صالح وانتم النجاسة التي كانت في حديقته الخلفية و تتنصلون من مؤسسات الماض وانتم الفساد الذي ترعرع داخلها ..
اننا لا نستحق كل هذا العذاب وكل هذا التمزيق وكل هذا الظلم وكل هذا الدمار  حتى وإن كنا نحن من يصنع الفاسدين ويربي الفساد ونحن من يصنع الطغاة ويحمل تحتهم الكرسي ونحن من يصنع اللصوص ويستثمر لهم اموالهم ونحن من يصنع المنابر ودعاة الفتنة ويستشور لهم لحاهم  ..
اليمن بحاجة إلى من ينقذها من تحت الأنقاض من يعبر بها المناطقية والحزبية والطائفية إلى الدولة المدنية الحديثة بحاجة إلى من ينقلها من ثقافة الموت إلى ثقافة الحياة من ثقافة الزنازين والمتاريس ولغة الرصاص إلى ثقافة العلم من ثقافة الكلاب تنبح إلى ثقافة القافلة تسير  …!!!

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24