الخميس 25 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
سدرةُ الشوقِ - أحمد المعرسي
الساعة 21:17 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 


(الأحوال رؤوس أموال فلا تأخذ أكثر من حاجتك)
قلبٌ على سورِ الرجاءِ معلقٌ
 ومدامعٌ ملقيةٌ في البابِ
ويدٌ تقدُّ الأفقَ تحملُ دعوةً
 حرّا تضيقُ بحزنِها وعذابي
وأنا أنا قلبٌ يذوبُ صبابةً
 ومنىً تكهربُ بالحنينِ ربابي

    
وتلوحُ سمراءُ اليقينِ بخاطري
 لبيكَ غِبتُ فهل يطولُ غيابي؟
لبيكَ مرَّ الذاهبونَ إلى مِنىً
 فوقي ومزقَ سعيُهم أعصابي
لبيكَ لا تحرمْ محبَّكَ وقفةً
 عندَ المقامِ فأنتَ تعلمُ ما بي
لبيكَ يا أُنسَ الفقيرِ وذخرَه
 لبيكَ يا أهلي ويا أحبابي
لبيكَ إني محرمٌ من غابةٍ
 في القلبِ موحِشَةٍ بغيرِ رِكابِ
ِ
لبيكَ ما كُشِفَ الحجابُ لمهجةٍ
 عَلِقَت على الركنِ الجميلِ السابي
وأنا على عرفاتِ أحزاني أرى
 عرفات يسكنُ مطعمي وشرابي

     
شوقي إلى السمراءِ كعبتِكَ التي
 مَلَكتْ قبولي في الهوى وعِتابي
شوقٌ بِلا جهةٍ يثورُ كأنه
 طوفانُ نارٍ في خدودِ روابي
لبيكَ يا ربي محبُّكَ واقفٌ
 في البابِ ملقيٌّ على الأعتابِ
لبيكَ سكينُ الهيامِ تَتِلُّني 
 في البئرِ من يفدي ذبيحَ سرابي
والروحُ سيَّافُ الغيوبِ, وحسرتي,
 وترانِ ينتحرانِ في إطرابي
ِ
ما طارَ في قلبي غزالٌ سارقٌ
 للسمعِ إلا ذاقَ نابَ شهابِ
شوقي مصابُ القلبِ هل شَرِبَ الهوى 
 كأساً ككأسي أو درى بمصابي؟
                     
                                 
لبيكَ أسمعُ وارِداً في صوتِه
 ثوبُ اليقينِ وحيرةُ المرتابِ
يهذي كأنّ الريحَ تلدغه, وكم
 ضربَ الأسى برياحِه أعقابي
طِرّْ غارُ ربِّكَ في حِراكَ, وغيبتْ
 روحي حقيقةُ غيبِه الجوّابِ
سبحان من أسرى بقلبي نحوه
 وسرى بأعماقي بغيرِ حِجَابِ

    
لبيكَ أسرابُ القلوبِ تلوحُ لي
 حولَ المقامِ ولا أرى أسرابي
ما زال يُقعِدُني الحنينُ مُضرجاً
 بالشوقِ يَبطشُ بي بسجنِ صِعابي
وأنا سؤالُ الوجدِ هل مرّتْ على
 كفّيك سآئلةً دموعُ جوابِ؟
الحزنُ قاتلُ مهجتي ومذيقُها
 نخباً من الأوجاعِ غيرَ مُذابِ
والريحُ تُطعمني لأنيابِ الدجى
 وتصكُّ قمصاني بوجه ذِئابِ
ِ
لا شيءَ يدفنُ سوءتي إلا الأسى 
 إن كنت هابيلاً فأين غُرابي؟
وتلوحُ طيبةُ,طيبةٌ في كفِّها
 قلبي, وقلبي في يدِ الوهابِ
وأنا المعنّى بالحبيبِ وفازَ من
 بالحبِّ سبّحَ خالقَ الأربابِ
اللهُ بسملةُ الهوى, وشهدت في
 لوحِ المشيئةِ والنبيُّ كتابي
وسريتُ من قلبي على قلبي أسىً
 اللهُ ما أقسى أسى الأغرابِ
الحزنُ ينحرني بسهمٍ طاعنٍ
 في العمرِ,يجلدُني بنارِ حِرابِ
ِ
وأنا على موجِ الرجاءِ أَزمُّ ما
 أبقت رياحي من خيالِ عُبابي

      
يا طيبةَ الهادي الحبيبِ مُحبُّكم
 جبلٌ يطيرُ على جناحِ ضبابِ
لا زاد يحملني إليكِ سوى الهوى
 إن الهوى المجنونَ من أصحابي
فمتى متى أشتمُّ قبرَ المصطفى
 وأقدُّ من صخرِ الزمانِ شبابي؟

       
طه تسابيحُ الكمالِ حقيقةٌ
 غابت عن الأصلابِ والأنسابِ
وضحىً إلهيُّ النسيمِ مباركٌ
 وظِلالُ عرشِ المنعمِ التوابِ
ويقينُ محرابِ اليقينِ بخاطري
 وخواطرُ العبَّادِ في المحرابِ
معناه مُغتَسلٌ لسرِّ إلهه
 ونداه سرُّ مسببِ الأسبابِ
لا شيءَ فوقَ صفاتِه إلا الذي
 أزجاه في الأرواحِ والألبابِ
ِ
سبحانَ من ألقى حبيبيَ رحمةً
 عطشى وقال لها الغداةَ: انسابي
فمضت تُصافحُ بالإلهِ مداركاً
 وتُضاحكُ الأرواحَ في الأصلابِ
هو مهجةُ الدنيا وضوءُ نهارِها
 وبهاءُ نورِ السدرةِ السلابِ
أهواه منذُ الغيبِ لا زمنٌ بنا 
 يدري وكم مهجٍ بلا أحقابِ
روحي به سَكرى تنادمُ بعضَها
 من غيرِ خمرٍ غُيّبت أكوابي

    
يا من به ولِدَ الزمانُ,هواجسٌ
 في القلبِ مغمضةٌ بلا أهدابِ
تغفو وساهرُ قلبِها في ربوةٍ
 للآه ساهرةٍ تنوحُ شعابي
خذني إليكَ فإن شوقاً عارماً
 صلّْدَ الشجونِ يجدُّ في إرهابي
يجثو على قلبي المريدِ, وحالُه
 حالٌ, يفوقُ تواجدَ الأقطابِ
وأنا أنا المضنى أخيطُ هواجساً
 لم تستثرْ فرحي ولا إعجابي
شوقي لها قيدٌ وما قيدُ الهوى
 إلا عذابٌ في ثيابِ تصابي

    
طه, حبيبي, مرَّ عمري والمنى
 تنسابُ عاريةً بلا جلبابِ
أشتاقُ بيتَ اللهِ شوقاً ماله
 حدٌ, فطرّْ بي من قيودِ ترابي
سارت وفودُ العاشقينَ على رؤىً
 عطشى تُسبِّحُ بالحنينِ عِذابِ
وأنا المصفدُ بالحنينِ أرى الدجى
 في ثوبِ مسغبةٍ يلفُّ رِحابي
الليلُ يصهرني بمعملِ حزنِه
 هيهات أن يلقى الدجى إخصابي
ِ

     
يا عطرَ أنفاسي خيالُــكَ كعبتي
 وسناكَ مروةُ زمزمي وقبابي
خذني إليكَ فقد أتيتُ مُلبّياً
 لبيكَ لا تجعلْ جفاكَ عِقابي
لبيكَ أجدبتِ الحروفُ بخافقي
 فأفِضْ غمامةَ غيثِكَ السكابِ
ولقدْ قصدتُكَ والشجونُ حرائقٌ
 جوعى تضيقُ بهاجسٍ نهّابِ
والقلبُ مكسورُ الزجاجِ معلقٌ 
 في سقفِ أمنيةٍ بلا أخشابِ
ِ
وأنا فتىً ذابت لحزنِ حروفِه
 مليونُ مبكيةٍ لألفِ صحابي
فأتى إليك يجرُّ حسرةَ خاطرٍ
 زرعت به الشكوى رؤوسَ (جنابي)

    
يا غيثَ مُزنِ العارفينَ ظمئتُ في
 دلوِ اليقينِ وجفّ ماءُ سحابي
فامسحْ لطرفِ القلبِ دمعةَ وجده
 إن الدموعَ معاولٌ في غابي
قلبي بحبِّكَ عالقٌ متعلقٌ
 منكم إليكم عودتي وذهابي

      
وسريتُ من قلقي إليَّ مصافحاً
 فأسَ الحنينِ وحدُّه حطابي
وضحاي في وَتدِ القصيدةِ موثقٌ
 بسلاسلٍ قدريَّةِ الأسبابِ
سبحان من أسرى بذاتِ حبيبِه
 وعلى براقِ هواجسي أسرى بي

       
بيني وبيني غابةٌ مجنونةٌ
 وهواجسٌ مسمومةُ الأطيابِ
ورؤىً إذا خطرَ النبيُّ بروحِها
 صارت سماواتي بلا ألقابِ
ِ
يامن تطاردُه القلوبُ محبةً
 وصدى ملذَّته يُسيلُ لعابي
ما غبتَ عن قلبي فكيف أغيب عن
 أفقِ الحنينِ وأنت شمسُ طِلابي؟

    
وتمرُّ ذاكرتي عليَّ بصورةٍ
 للبيتِ تسحقُني على أطنابي
لبيكَ أتعبني الهيامُ فكيف لي 
 أن أستريحَ وراحتي أتعابي؟
لبيكَ أشواقُ الغريبِ تقدُّه
 والشوقُ مغلوبُ الهوى الغلابِ
لبيكَ عمري صار رقماً سالباً
 فمتى أفوز بوجهِه الإيجابي؟

    
يا ربُّ للذنبِ الكئيبِ مخالبٌ
 في الروحِ كيف أفرُّ من أنصابي؟
وحرائقُ الحزنِ التي أنيابُــها
 تشوي سماواتي بكفِّ هضابي
ليلٌ من الأشباحِ يغرسُ خنجراً
 في القلبِ لا يلقى سوى الترحابِ
وأنا أنا الحافي بصحراءِ المنى
 ولأنتَ في كأسي ندى أعنابي
والمصطفى جسرُ السماءِ وبابُها
 بابي إلى عرشٍ بلا بوّابِ
ِ

     
طه وتنصهرُ الحروفُ لِذكرِه
 وتلوحُ طيبةُ من أسىً خلابِ
وتمرُّ روضتُها بخافقِ عاشقٍ
 تسري رواحلُــه بغير رقابِ
وتحطُّ ساجدةً رؤاه, وللرؤى
 قلبان مشتعلٌ, وقلبٌ خابِ
يا قبةً بذرَ الحبيبُ حنينَها
 معناك قلبي يا صوابَ صوابِ
وأكادُ أسمعُني هناك مُـسلِّماً
 مني السلامُ, وذبتُ خلفَ خطابي
ِ
يا سيدي يا سيدي مجنونُكم
 وسقطت من صمتي ومن إسهابي
لبيكَ تُسلمني لجلادِ المنى
 وسياطُه كم تشتهي إلهابي
وأنا طريقُ العابرين على الأسى
 وأنا خرافةُ هاجسٍ أعرابي

    
وفصلت من قلبي بحالٍ جائعٍ
 للوصلِ, يستقوي على أعشابي
عيناه بوصلةٌ محطمةٌ بها
 قلقٌ تحركـُه نهىً وتغابِ
يعدو إذا اشتدَّ الهجيرُ على دمي
 ويطيرُ في سجعي وفي إطنابي
لكنني وسياطُ لبيكَ التي
 في الغيبِ تجلدني بغيرِ حسابِ
ِ
أشتاقُ من لبيكَ نارَ غرامِها
 والنارُ رحمةُ جاذبٍ جذّابِ

        
لبيكَ ما لبيكَ غيرُ قنابلٍ
 وأسىً يهشمني بلا أنيابِ
أشتاقُ أسمعُها وأصعقُ حينما
 تُلقي بفتنتِها على حُجَّابي
وحشيةٌ نارُ المحبينَ التي
 في جوفِها سافرتُ دونَ إيابي
"يا نارُ كوني" والتفتُّ فلم أجدْ 
 إلا الخليلَ يذوبُ في الأحطابِ
ما كنتُ أدري قبلَ تسبيحِ اللظى
 بالروحِ,أنّ الدمعَ صار خِضابي
ِ
لكنها الآهاتُ حينَ تسوقُنا
 لله ناقصةً بغيرِ نصابِ
تسري بألواحِ القلوبِ وسدرةٍ
 أغصانها في الغيبِ غيرِ رِطابِ
أجدبتَ يا قلبي المشوقُ ومكةٌ
 والبئرُ يستبقانِ في إجدابي
وهواجسي عطشى, وغاري جائعٌ
 للوصلِ,تواقٌ ليومِ (صِرابِ)
وخيالُ جبريل الأمينِ يقول لي:
 اِقرأْ... قرأتُ بهاجسٍ وثابِ
الشوقُ نخلةُ مهجتي وثمارُها
 ذِكرُ الحبيِبِ الطاهرِ الأوابِ

    
يا مكةُ, ووقفت أنحرُ مهجةً
 بيدِ الحنينِ وصرتُ من نُدّابي
الموتُ ذاكرةُ الخيالِ,وإنه
 كالحزنِ أصدقُ صادقٍ كذّابِ
بيني وبيني حسرةٌ سجانُها
 هذي الحدودُ وألفُ حزنٍ نابي
لكنني أحرمتُ من حرمِ المنى
 من ألف ميقاتٍ...بدون ثيابِ

    
لبيكَ يا بيتي العتيقَ توجهت
 روحي إليك بدمعِها العنابي
وأنا هنا خلفَ الليالي حسرةٌ 
 شاخت وما عقمتْ من الإنجابِ
لكنني بالحبِّ أبذرُ عالماً
 والحبُّ كعبةُ مهجتي وكعابي
والمصطفى ممدوحُ أحلامي وقد 
 أعلنتُ عن مدحِ "السِّوى" إضرابي
هو جملةُ الغيبِ التي أوصافُها 
 جلت عن التفسيرِ والإعرابِ
ِ
صلى عليه اللهُ ما ضحكَ الثرى
 للقطرِ, و ابتسمت شفاه يبابِ
وعليه صلى الله ما مرت على
 لوحِ المشيئةِ دهشةُ الكتَّابِ

 

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24