الخميس 25 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
مكة المكرمة - ثابت العقاب
الساعة 10:30 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


ما الذي يتوجب عليك فعله لكي تكتب عن مكة المكرمة عن البيت العتيق عن أولى القبلتين ؟
هل عليك ان تتعمد بماء زمزم ام تتخلص من الذنوب والخطايا والاصدقاء الطيبين ؟
ام تصوم عن القراءة والكتابة شهرين متتابعين ؟
كيف تجمع الطهر والقداسة والإيمان والذكر والعدل والروحانية والصلاة والتاريخ والدعاء في نص؟
كيف تكون سماويا يرى الاشياء من اقطار السموات بعين المطر ويقرأها بإحساس الملائكة ويسمعها  كحديث قدسي ويشمها كعطر ويتذوقها كحلوى عيد  ..
وما الذي تحتاجه غير الانتماء وذاكرة تتسع للحكايات و الأنبياء والرسل من ابينا آدم حتى كرسي الاعتراف في عرصات القيامة  ؟..
في أول زيارة لي إلى مكة وقفت بين الحلة والملة بين الماضي والماضي السحيق بين دار الندوة وسقيفة بني ساعدة بين القصيدة والملتزم  بين الصمت والكلام  .. بين السيف والرمح  .. الدهشة والخوف  .. الإيمان والكفر  .. خيام قبيلة جرهم وماء زمزم .. بني هاشم وبني امية .. بين سيف علي وشعرة معاوية ..
كان حلما ان ارى الله  بين الصفا والمروة ان افتش في عرفات الله عن دعوة سيدنا إبراهيم وفي مزدلفة عن خيمة سيدنا إسماعيل وفي كدي عن قبر ورقة ابن نوفل ..
كان حلما ان اجلس في صحن الكعبة المشرفة لأرى كيف تقسم الارزاق وكيف تتساقط الأوراق الصفراء من شجرة الموت وكيف توزع الخصال الحميدة وكيف تفرق القيم الروحية على الخريطة بشكل متساوي وكيف يولد الخير وكيف تفوح النسائم الطيبة كل صباح  .. 
كان حلما ان ارى البدايات وارى ابليس الرجيم مصلوبا على الجمرات و ارى كيف قتل هابيل قابيل وكيف صنع سيدنا نوح سفينته وكيف استطاع ان يجمع من كل زوجين اثنين وكيف قضى ابنه غرقا..
كان حلما ان ارى النهايات و اسرافيل ينفخ في الصور والصراط ينصب والجنة تحتفل والنار تشتعل ان ارى القادمين من بلاد الخوف والبرد والجوع والشتات والضياع يدخلون الجنة زرافات ووحدانا ان ارى عباد الدينار والدرهم والسلطة والمال واكلي الزكاة واموال اليتامى يساقون للجحيم ..
وقبل ان ينفخ في الصور سوف ابحث عن قالب حلوى اقدمه للشعراء الذين لم تعلق قصائدهم على جدار الكعبة سوف ابحث عن ابن علوان وهو يترنم مدد يا آخر الانبياء مدد  ..
ابحث عن الفرسان العائدين من غزو الفضاء لكني لن اسألهم متى تقوم الساعة ؟ 
الكتابة عن مكة ليست رحلة من البسط إلى المقام أو من س إلى ص لكنها زمن يسافر من العتمة إلى الضوء من الغرق إلى النجاة من مزامير داوود إلى القرآن الكريم من الإنسان الألف إلى الإنسان الأول من الموت إلى الميلاد .. من الجنة إلى الحياة الدنيا و من الثرى إلى الثريا .. رحلة تتجاوز  الموسيقى وورق البنكنوت والبورصة وذاكرة الناس ومحطات القطار والمطارات و الادب و تعلو المعلقات وتفسر مالم يفسر في جميع اللغات ..
الكتابة عن مكة هي تجربة اقول لكم فيها أنني قد قابلت الإيمان الاصلي وأنا اقبل الحجر الأسود قابلت الإسلام الذي يجب ما قبله من الحروب والجروح والهزائم والمآسي والحقد والبغضاء  ..
قابلت الإيمان الذي يصعد إلى السماء على هيئة اذان ويحلق في الفضاء على هيئة تهليل وتحميد وتسبيح وينزل على قلوب العباد رحمة وغفرانا وعفوا واحسانا  .. 
الكتابة عن مكة معناه ان تأتي أنت والكلمات والعبارات والجمل والحروف والعباد مخبتين والشياطين واجفين و الليل والنهار في التجاج والأرض في ارتجاج والشمس في ذهول والقمر في ذبول والوقت في صمت والقلوب في اضطراب  .. 
الكتابة عن مكة معناه ان تستحضر كل الاشياء التي تخيلت أنها ستكون بانتظارك و كل الاشياء التي تخيلت أنك ستكون بانتظارها  ..
الكتابة عن مكة معناه ان تكون في غمرة الإيمان في غمرة الاحسان في غمرة الصدق في غمرة الاتصال بين نور السموات والأرض في غمرة الحب الذي ظاهره طهر وباطنه نقاء  ...!!!

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24