الخميس 28 مارس 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
أجنحة الكلام وفضاء الأسئلة ثمرة إبداع - عبدالوهاب سنين
الساعة 18:14 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 


لكل كاتب مسار ينطلق من خلاله، ويشرع في نسج ثمرة إبداعه، ونحن اليوم في احتفاء لكاتب استطاع، بذائقته أن يوائم بين حرفية الصحافة والأدب، حيثُ جال الكاتب عبر محطات زمنية، تجلت فيها العديد من الفنون التي حلقت بأجنحة الكلام وتفتقت فيها فضاءات الأسئلة.
وسال يراع الكاتب في تدوين سطور كتابه، وجعل منه مولوداً فصيحاً دفع به إلى المشهد الثقافي اليمني خاصة، والعربي عامة، الكتابُ لم يكن مجرد وعاء، جُمعت فيه الكتب والحوارات والشخصيات فقط، بل انبثق من بين سطوره حرفية  الكاتب، وحقيقة الأمر أن هذا الكتاب الماتع، جمع في جدران صفحاته منارات تمكن الكاتب من التحليق، من خلالها وطل على القراء بهذا النتاج الذي احتضن،  العديد من الفنون  كالشعر والرواية والنثر والسياسة، كل هذا التشابك والتشكيل أضفى على الكتاب جمالاً إبداعياً، من خلال ذائقة ملموسة نتج عنها كائناً فنياً، جمع ين دفتيه خرائد اقتنصها الكاتب، عبر سنوات غابرة في بناء هذا السِّفر البديع، ونرى التنوع في الحوارات والقراءات الأدبية، المشتملة على فن الرواية والنثر والشعر، ويملك الكاتب كاريزما خاصة يلمسها القارئ في نتاجه، إذ وجدت إيقاعية في تناغم سطور كتابه، وعلى سبيل المثال لا الحصر ذكر الكاتب في سياق حديثه ، حول ديوان شيخ أدباء اليمن الدكتور المقالح، (يوتوبيا وقصائد للشمس والقمر) ووسمه الكاتب بترانيم صوفيه، حيثُ لم يكن الكاتب مجرد عارض لهذا الديوان فقط، بل كان له القدرة على الإلماع بمحتوى الديوان، حيثُ قال : ( يعكس هذا الديوان ما صار إلية الحزن لدى الشاعر، وما يقوله الألم إزاء وطن أنهكته الحرب .. وما قالته القصيدة في تجليات صوفية مخاطبةً الوطن والأصدقاء والمدينة والشارع، وكل المثخنين بالألم)
ثم يذكر قصيدة للشاعر يقول فيها :
(لم أكتبْ النصَّ/ ولم يَكتُبني،/ مُذ فَقَدت روحيَ/ نِصفَ سمائي/ واغتَسَلتْ كلماتي/ بمياهِ بكائي/ وأنا أخشى الكلمات/ إذا اعترضتْ طريقي/ وأخافُ على كفي/ من نارِ حريقي) 
لم تكن القصيدة فقط حاضرة، بل كان الكاتب حاضراً بذائقته، ووجدته في رداء الناقد والعارض للديوان ،بحرفية أدبية تَشَرّبها من خلال قراءاته الكامنة في خلجات نفسه.
واتبع الكاتبُ أسلوباً جيداً في الترحال، مع شخصيات كتابه اثناء حواراته  بمختلف أجناسها الأدبية، فما على القارئ إلا أن ينعم النظر، ويترك نفسه على سجيتها وسيجد سطوراً دافئة مكسوة بالإبداع، وأنا أنظرُ في صفحات خصصها الكاتب، للشاعر والناقد المتميز عبدالودود سيف، جذبني الانتقاء  من شعر الشاعر، وهذا الانتقاء ينم عن ذائقة غائرة تهوى الابحار، في مكنونات الشاعر ومنها هذه الأبيات الآسرة :
ليت َ القوافل في خطايَ محاجرٌ
والأرض إزميلٌ.
وذاك الحزنُ في عيني رخامْ
فأسير أنحتُ في السنابلِ قامتي
وأعود بي نحوي.
وأسقطُ في الحطامْ
فما على القارئ إلا أن يمد راحتيه، ويسند بهما هذا النتاج وسيجني من بستانه روائع شتى.  
الكتابُ جمع فأوعى إذ مُلئ بالقراءات الحصيفة، للآثار الأدبية لكُتَّابٍ سالت أقلامهم، واستجلاها الكاتب بحسه الشفاف، وجلى خباياها في نسق اتسم بالقدرة، على التحليل والنقد المتذوق لتلك الأعمال، الروائية والشعرية والنثرية، ليلتقطها السابح في تلك السطور، وحقيقة لا مجاز فيها أن هذا النتاج، الذي بين أيدينا ينم عن كاتب له الباع الأرحب، في المسار الصحفي والأدبي، فللكاتب حوارات واستطلاعات أضاءت بالثقافة اليمنية، في الصحف والمجلات العربية المرموقة، وذلك خلال حقبة عمرية تكللت بالنجاح، وأراد الكاتب بعد عمر طال به التحليق مع الحرف، أن يجمع ذلك الشتات، مدوناً ومقارباً بين أجناسها المختلفة، وجعلها بين دفتين تحملان عنوانا وسم بـ ( أجنحة الكلام وفضاء الأسئلة)، وها هو الكتابُ يرى النور وتراه العيون،  ومنه ينهل القارئ والباحث عن تلك الخرائد المزبورة، في هذا السِّفر، فهنيئاً للمؤلف هذا المولود المكتمل، ولينعم القارئ بكتاب وشاه راقمه بجمال الحرف وألق العبارة.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24