الجمعة 19 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
قراءة في كتاب (مذكرات ضابط مخابرات يمني) - مسعود عمشوش
الساعة 17:32 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 


التجسس أو الاستخبارات عمل أمني سري، ويفترض أن تكون مخرجاته غير قابلة للنشر، على الأقل خلال فترة زمنية ليست بالقصيرة. ومع ذلك هناك ضباط مخابرات يدفعهم هاجس الكتابة أو التأليف العلمي إلى توظيف أجزاء من تقاريرهم الاستخباراتية في كتب مذكرات أو رحلات أو أبحاث علمية. وسبق أن ذكرنا في مقالتنا حول جورج وايمان بري أن "كثيرا مما ضمنه الجواسيس/الرحالة الغربيون الذين كتبوا عن مختلف مناطق الجزيرة العربية حتى منتصف القرن الماضي- يعد في المقام الأول نسخا مفلترة ومنمقة لتقارير استخباراتية سُلِّمت أولا للدوائر المعنية. مثلا كتاب فان دن بيرخ عن (حضرموت والمستوطنات العربية في الأرخبيل الهندي) قًدِّم أولا في نسخته الأصلية إلى الحكومة الهولندية التي كلفت الضابط بيرخ بإعداد تقرير مفصل عن العرب المستقرين في مستعمراتها في جنوب شرق آسيا وعن المناطق التي جاءوا منها بهدف معرفة خلفياتهم الفكرية والعقائدية ليسهل عليها تأطيرهم. والشيء نفسه ينطبق على ما نشره وايمان بُري في الكتب الثلاثة التي ألفها. ويمكننا العثور على صياغات مختلفة لبعض أجزاء من تلك الكتب في أعداد (المجلة الجغرافية الملكية)؛ فآرثور هينكس، سكرتير المجلة في مطلع القرن الماضي يؤكد أن التقرير الذي أرسله إليهم وايمان بُري عن رحلته في نصاب وبيحان سنة 1901 يحتوي على معلومات جديدة وبالغة الأهمية عن تلك المناطق".
ومن جهة أخرى، بفعل ازدياد إقبال القراء على كتب الجاسوسية التي جاءت في المرتبة الثانية بعد الكتب الدينية في معرض القاهرة للكتاب لعام 2019، ظهرت خلال العقد الماضي كثير من كتب المذكرات التي كتبها ضباط سابقون في مختلف أجهزة الاستخبارات في العالم، مثل كتاب هنري كرومبتون (فن الدهاء)، وكتاب (التدابير القاسية)، الذي سعى مؤلفه خوسيه رودريجيز، المتقاعد عن العمل في وكالة الاستخبارات الأمريكية، إلى تصفية بعض الحسابات مع بعض زملائه الجواسيس، مثل جون كيرياك مؤلف كتاب (الجاسوس المتردد، 2009(، وجلين كارل المسؤول السابق في الوكالة مؤلف كتاب (المحقق،2011).
وفي بلادنا، هناك أشخاص شغلوا وظائف ومناصب سياسية وأمنية مختلفة، وارتأى بعضهم خوض تجربة الكتابة والنشر. ومن أهم الكتب التي سبق أن لفتت انتباهي كتاب اللواء خالد باراس (وداعا أيها الماضي)، وكتاب (مذكرات عن مراحل النضال والتحرير1960- 1969 حضرموت) للسياسي عبد القادر احمد باكثير. وتتضمن تلك الكتابات كثيرا من تفاصيل المسار الدامي الذي شهدته بلادنا منذ منتصف القرن الماضي. وقد قمت بتقديم الكتابين قبل نحو سبع سنوات. (انظر أعداد صحيفة الثورة 24 أغسطس 2013 وما بعد)
ومن الكتب النادرة التي نشرها أفراد أجهزة الأمن والاستخبارات اليمنية: (مذكرات ضابط مخابرات يمني) الذي ألفه الدكتور نصر البتول وصدر سنة 1994 عن الدار المصرية للنشر والتوزيع.
وقد تحدث مؤلف الكتاب عن كثيرٍ من التفاصيل التي تتصل بتجربته في المخابرات وخارجها. ففي المقدمة، مثلا، أسهب في الحديث عن الوحدة اليمينة عبر التاريخ وأنهى مقدمته التي كتبها بعد أحداث حرب 1994، بشكل متشائم قائلا: "يخطئ من يتصور أن الوحدة التي فشلت بالسلام يمكن أن تتحقق بالحرب، كما يخطئ من يتصور وجود بدائل، سواء أكانت فيدرالية، أو كونفدرالية، على الأقل في المنظور القريب. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون". ص20
ويبدأ البتول مذكراته بالحديث عن تخرجه من الكلية الحربية في صنعاء، الذي كان يفترض أن يتم في سبتمبر 1967 لكنه تأخر حتى فبرير و1968، وذلك بسبب اشتراكه مع عدد من طلبة الكلية في (انقلاب) الخامس من نوفمبر 1967على الرئيس السلال، وتحديدا في الاستيلاء على الإذاعة التي كانت "ملكا للجميع"، وفي يد الحرس الجمهوري بقيادة يحيى العماري. وعلى الرغم من تحفظه على حركة الرابع من نوفمبر ووصفها بالانقلاب فهو يكتب عن السلال "ظهر وكان الهدف من الانقلاب هو حركة تصحيح بيضاء لنظام السلال الذي حاد عن الخط المرسوم له، وبالتالي ليس ثمة مطامع خاصة وأغراض طائفية أو حزبية، ولذا التقت كل العناصر الوطنية في وحدة متكاملة وهدف واحد، على اختلاف الآراء والتباعد عن الحقيقة".
ويستطرد في الحديث مطولا عن تذبذب وتناقض مواقف عدد من زملائه الذين كانوا قد عبروا عن "رفضهم للانقلاب، ومؤكدين عدم شرعيته، ومخونين مخططيه ومعديه،..."، لكنهم في نهاية الأمر شاركوا فيه بشكل أو بآخر. ويقول "والسؤال الذي يفرض نفسه هنا: هل شارك [++] في انقلاب 5 نوفمبر أم ظل مختبئا في مكمنه لحين قضي الأمر واتضحت الرؤية عن أعاجيب دهشتُ لها، ولو أنه لا شيء غريب في مثل هذه الظروف الاستثنائية، حيث يحصل المندسون والمتسلقون من طلاب الغنائم على حد سواء مع المستفيدين الشرعيين من الانقلاب على الغنائم الباردة، وسواء كانت الإجابة بالنفي أو الإيجاب، إلا أن الرجل قد حصل مع الكثيرين من أمثاله، مع اختلاف الأهداف المصيرية، مع تباشير الانقلاب على نصيبه من الكعكة". 35 ومن اللافت أن د. نصر البتول لا يتردد في ذكر الأسماء الحقيقية للمشاركين في كثير من الأحداث التي يسردها، بل أنه يورد حتى أسماء أولئك الذين رفض دعوتهم له بمشاركتهم في شرب الخمر.
وفي الفصل الثاني (سلسلة أخطاء)، بعد أن يكيل المؤلف المديح للقوات المصرية اليتي ضحت بدمائها في حرب اليمن، يتناول بشكل هادئ عددا من الأخطاء التي ارتكبها بعض قادة الجيش المصري في حرب اليمن، والتي أدت إلى استشهاد العديد منهم، ويكتب: "الذي أريد أن استخلصه من المثالين السابقين، وأحرص كل الحرص على ذكره هنا، هو أنه زُجّ بألوف من المقاتلين المصريين الشجعان في حرب كانوا يجهلون أهم عناصرها التي سيتعاملون معها، وأعني هنا الإنسان والأرض، فلا حقيقة نفسية الإنسان اليمني الذي سيتعاملون معه معروفة لديهم، ولا طبيعة حرب الجبال الشاهقة وظروفها القاسية الغريبة عمليا عن التكتيك العسكري المصري مستوعبة لهم، وأن الشجاعة وحدها- وعلى أهميتها- غير كافية". ص48
ويكرس البتول الفصول السادس والسابع والثامن من الكتاب لتقديم رؤيته من أحداث أغسطس 1968 ومقدماتها، ويرى فيها تجسيدا للممارسة الطائفية المستدامة في اليمن. ويتحدث عن موقفه المحايد داخل الشرطة العسكرية، على الرغم من تأكيده أنه من الذين قاموا بتأسيس لواء العاصفة، وعلاقته الجيدة برئيس الأركان عبد الرقيب عبد الوهاب. ويكتب: "دخلت أحداث أغسطس 1968 الدامية التاريخ كمثال من أمثلة الصراع الطائفي، وما نتج عنه من خسائر في الأرواح.. والتي خططت لها عقول شيطانية، تمسح أصحابها يثوب الوطنية، والتي جرف تيارها المستعر مئات من السكان الآمنين بسبب رعونة وطيش عناصر كان في يدها الأمر، كما كان في يدها آلات جهنمية أغرقت بها ليل اليمن وأسعرت نهاره، وقدمت أرواحا بريئة قربانا في مذابح الأضاليل. وكانت أخطر مراحل العنف الطائفي، وهي مرحلة بدأت مع الثورة، وبرزت في الشهور الأولى لها وازدادت بروزا في سنواتها الأولى، وترسخت إثر انتفاضة 5 نوفمبر 1967، وخروج القوات المصرية من اليمن بعد أن عجز كل معسكر عن جذب القيادة المصرة إلى مساندته، وراح يبني قواعده تحت حجة مقاومة إما المد الشمالي الرجعي المتمثل في العناصر الزيدية، وإما لحجة مقاومة المد الجنوبي (التقدمي) المتمثل في العناصر الشافعية [داخل الشطر الشمالي نفسه]. غير أنها لم تحقق النتائج المرجوة، التي سعت إليها العناصر الطائفية، فقد ظل اليمن الحبيب وشعبها الأصيل العريق على مواقفه الرافضة للطائفية. وكان الصراع في جوهره، كما ذكرت في مواضع سابقة عرقيا، وحتى الصراع الحزبي الذي كان بطفو على السطح بين الفينة والأخرى كانت تقف وراءه دوافع طائفية".124
ثم يروي بعض تفاصيل "مجزرة سلاح المشاة" التي تجسد ترسخ الانقسام ذلك الانقسام الطائفي وسعي كل طائفة إلى الهيمنة على قيادة القوات المسلحة، وذلك على النحو الآتي: "الحكاية أنه بينما كان قائد سلاح المشاة مع بعض جنوده خلف مدفع متوسط مضاد للأفراد على سطح المبنى منهمكين في مناوشة مع عناصر خارج العرضي من جهة الشمال، تسلل بضعة أنفار من رجال القبائل في حركة التفاف إلى قيادة سلاح المشاة وقد أظهروا في بداية الأمر أنفسهم بمظهر الظهير، فأوهموا الجنود الذين التقوا بهم والمجردين من أي سلاح بأنهم لا يضمرون لهم أي شر أو مكروه، هذا وبينما قائد السلاح لا يزال في انهماكه فوق السطح، ثم ما لبثوا أن طلبوا من بعض الجنود تسليم البنادق نصف الآلية الجديدة التي كانوا يقومون بتنظيفها من شحومها وتجهيزها استعدادا لاستخدامها. وكان بالطبع أن يرفض الجنود الإذعان لمطلبهم، فما كان من رجال القبائل إلا أن أعملوا خناجرهم دون رحمة أو شفقة فيهم. فأجهزوا بها على أخوة لهم في الدين والوطن مجردين من السلاح، وكأنهم الماعز والخراف. وحينما تنبه قائد السلاح لذلك دخل معهم في معركة حامية انتهت بمصرعه على أيديهم الغاشمة، وما أن فرغت هذه الشرذمة الظالمة –والظلم أكثر ما ينزع الأيمان من القلب- من فعلتها الفاحشة المشينة اللاإنسانية حتى اتخذت سبيلها إلى مقر الشرطة العسكرية".136 ثم يروي كيف استطاع أن ينجو هو وبعض جنود الشرطة من القتل على الرغم من رفضه قبول الانضمام إلى "الأوغاد"، من منطلق "المبدأ الذي تمسكت به وبإصرار ويتمثل في التزام الحياد في هذا الصراع". ص137
وعلى الرغم من أن نصر البتول لا يدخل أبدا في خفايا جهاز الاستخبارات اليمنية التي عمل بها فهو ينهي الفصل الثامن من مذكراته (صفحات من أحداث أغسطس المأساوية)، الذي يتحدث فيه عن "ثمن الحياد"، بالحديث عن "اللعبة الطائفية داخل جهاز الاستخبارات)، ويكتب: "حتى هذا الجهاز الحساس ذو المهام القومية الأمنية بالغة الخطورة والأهمية نالته نيران الطائفية؛ فقد ضمّ جهاز المخابرات اليمنية العديد من العناصر غير الشريفة التي أسهمت في إزهاق العديد من الأرواح البشرية وحطمت نفوس البعض الآخر، وشلت أفكار كثير من شباب هذا الوطن لحساب العمل الطائفي. وقد سخرت العناصر الطائفية جهاز الاستخبارات المركزية اليمنية في ممارسة الطائفية تحت بند العمليات القذرة التي قام بها في طول البلاد وعرضها، فعن طريق هذا الجهاز اعتقلت عناصر وطنية شريفة بأيدي شرذمة من رجاله خاضت ليل الطائفية وأطلقت يديها في ملاحفة واضطهاد العناصر المناهضة لها، أي استخدام الجهاز في تمرير مخططات طائفية، وتحت ستار الطائفية تمّ تصفية العديد من أبناء هذا الوطن". ص142-143
ويكرس البتول الفصل التاسع الذي يقع في عشر صفحات 145-154، من مذكراته للحديث عن (لقاءاته بإبراهيم الحمدي الرئيس اليمني الأسبق)، وعلى الرغم من مدحه لبعض الجوانب في شخصيته فقد بدا لي أن حكمه العام عليه سلبيا؛ فهو، قبل أن يسرد بإيجاز قصة اغتياله، يصفه قائلا: "كان إبراهيم الحمدي على حظ من الذكاء والحكمة، وكان خطيبا كما كان داهية، بعيد النظر، حصيف الرأي في كثير من مواقفه. القاعدة البارزة لديه في سياسته أنه يسلط بعض خصومه على بعض، ويضرب طرفا منهم بطرف، وكان يلجأ إلى الحيلة لحل الكثير من الأمور، وكان شديد في غير عنف، ولينا في غير ضعف. كما كان الرجل مفرط الثقة في نفسه لدرجة الغرور، بحيث أنه استخف في وقت من الأوقات بخصومه الذين تعاظم خطرهم على حياته من جهة، وأتى ببعض عناصر سيئة تخدم نظامه، فأسأت إليه، من جهة أخرى، فكان أن هوى الرجل من حالق. وكان إبراهيم الحمدي رحمه الله يتبع سياسة التذلل والتواضع أمام خصومه الأقوياء، فيياسرهم إذا ما عاسروه، وتهضّم لهم في كثير من الحيان. وعلى النقيض كان في علاقته بأنصاره الأوفياء؛ فقد هضمهم وكان مجحفا بحهم جاحدا به، بحجة أنه يتعيّن عليهم أن يتفهموا موقفه، ويقنعوا منه بالقليل، معتمدا في ذلك على حبهم له وثقتهم به. فأصبح الأمر لازبا لازما؛ أي أن الرجل كان يستأسد ويتنمر على محبيه وأنصاره الأوفياء، بينما يستنعج ويستنوق أمام خصومه الأقوياء. وكان لا يتحمس ببقاء أنصاره الأوفياء بينما يسارع إلى لقاء خصومه الأقوياء... وقد حرص الحمدي على أن يقرّب إليه معاونين من نوع معيّن، أقل منه ذكاءً، ومن ذوي الشخصيات الضعيفة الذين يستمدون إرادتهم من إرادته، ويمتثلون لرغبته، ويخضعون دون نقاش لأوامره. وبالمقابل كان يبعد عنه من هم أكثر منه ذكاءً، ويتصفون بقوة الشخصية". ص146
وفي الفصلين الأخيرين، العاشر والحادي عشر، والخاتمة التي يعنونها بـ (مفارقة الوطن والسبب الكي جي بي، المخابرات الروسية)، يتحدث د. نصر البتول عن تعيينه مديرا لفرع الاستطلاع ومكتب التحقيقات بقيادة سلاح المشاة في مطلع السبعينيات من القرن المنصرم، ويؤكد أن توليه هذا المنصب "الخطير" جذب إليه أعين السوفييت (يطلق عليهم الروس). ويذكر أن الروس الذين نجحوا في تأطيره في مؤسستهم الاستخباراتية الكاجي بي. ويتطرق إلى محاولة عناصر صدام حسين في الاتحاد السوفييتي إلى تأطيره حزبيا وأمنيا. وقد بدأ الفصل العاشر قائلا: "من الأعمال التي توليتها في مستهل حياتي العملية: إدارة فرع الاستطلاع ومكتب التحقيقات بقيادة سلاح المشاة. وقد أدخلني هذا المنصب الخطير في دائرة اهتمام الروس، وذلك أثناء دراستي العسكرية في مدينة ليننجراد (1973-1975)، وترتب على ذلك ملاحقة الكي جي بي لي حتى وصل الأمر إلى دخولي مستهزئا بقدمي إلى عرينها. وقد تضمن الجزء الثاني من هذا الكتاب تفاصيل كل ذلك، ومنها: كشف كشف حقائق مذهلة عن سياسات الكي جي بي وأساليبها اللاإنسانية، وتشريح بعض عناصرها تشريحا دقيقا لمن تعرفت بهم عن كثب وخالطتهم، وتوضيح حقيقة العمالة الشرقية لهذا الجهاز الخطير والمحاولات المستميتة التي بذلت لتجنيدي في صفوف عملائها. ويكفي القول بأني وقفت مؤخرا من مصدر موثوق به على عبارة قالها أندروبوف في شأني: "ركزوا عليه". وقصة فخ الغدر المرير الذي نصبوه لي". ص155بعد إيه؟
وفي ختام هذا القراءة السريعة، ينبغي الإشارة إلى أن الدكتور نصر البتول قد ذكر أن كتابه هذا يقع في جزئين، ويشير مرات عدة إلى الجزء الثاني من الكتاب الذي، حسب علمي، لم ير النور. ومن الواضح أن هناك في بلاده –وليس فقط في الاتحاد السوفييتي كما يلمح في خاتمة الجزء الأول- من منعهُ من نشر الجزء الثاني، وكذلك من العودة إلى اليمن. ففي الصفحة الأخيرة من الجزء المنشور من مذكراته كتب د. نصر البتول (المُبعد قسريا): "هناك قصص عديدة في هذا الشأن ضمنتُ بعضها الجزء الثاني من الكتاب، توضح نصب هؤلاء الناس ودجلهم ونفاقهم أثناء سعيهم المحموم إلى نيل رضاء أسيادهم، فنالوا الفتات والمزيد من الازدراء والاحتقار. والجدير بالذكر أنني فكرت في لحظة ما في الرجوع إلى من يهمه الأمر في بلدي لاطلاعهم على حقيقة الأمر، حينما كشف الأمر عن ساقه، إذ شعرت في وقت ما أن الأمر يتفجر جدية، ولكن لأسباب منها الذاتية وأخرى موضوعية، عدلت عن هذه الفكرة. ويكفي القول إنهم أرادوا التخلص مني، فقد حجزوا في وقت ما أولادي رهائن لديهم بعد أن فشلوا في إقناعي بالتجنس بالجنسية السوفييتية، وحاولوا جاهدين أن يعرقلوا سفري إلى بلد ثالث خشية التشهير بهم، الأمر الذي يستشف منه بأنني لم أكن يوما ما موضع ثقتهم، ومما يعني بأنهم كانوا على يقين من أنني لم ولن أكون عميلا لهم. لذا ما كان منهم إلا أن يقرعوا ساقهم للنيل مني، ولكن على الطريقة الروسية، أي أن يتم تنفيذ ما خططوا له بأيدي الغير وبعيدا عن ملعبهم حتى لا تلقى عليهم أي تبعة. فقد أراد من سفري إلى بلدي لأن يتم تنفيذ ما دبروه هناك بأيد من يهمهم الأمر، يساعدهم في تنفيذ ذلك بهذا الشكل أو ذاك التابعين لهم، وهم منتشرون في كل مكان [اللهم استر!]. ويكفي أن يقوموا ببث دعاية افترائية ونقل معلومة تضليلية بالشكل الذي يرونه مناسبا وخادما للغرض على اعتبار أنني عميلا للكي جي بي!!! وعندئذ سيكون من العبث الدفاع عن النفس. فمن ذا الذي سيلقي لقولي السمع أمام هذه الفرية؟ وهكذا لم أعد على مرغمتي إلى الوطن منذ سنوات بعيدة وهذا ما لا يعلمه الجميع". ص183
وبالنسبة لي، بعد قراءتي لهذا الكتاب بدأت أتساءل: هل هناك علاقة بين جهاز الاستخبارات المذكور وأصحاب السياكل الحمراء المتلثمين الذين كل شهرين يقتلون عنصرا من ضباط مخابراتنا البواسل؟

 

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24