نشر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أول من أمس الجمعة على "تويتر"، صورة لما بدا أنه موقع لعملية إطلاق فاشلة لقمر صناعي إيراني مما أثار تساؤلات بشأن ما إذا كان ذلك قد كشف أسرار عمليات المراقبة والاستطلاع الأمريكية.

وحسب "رويترز" عرضت إيران قمرا صناعيا سليما، أمس السبت، بعد أيام من انفجار صاروخ على منصة إطلاقه في ثالث محاولة فاشلة في العام الجاري وهو الحادث الذي ذكره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تغريدته قبل ساعات.
وقالت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" في تقرير لها إن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب "أسس معيارا جديدا لسلوك رئاسي غير تقليدي"، ليس لأنه نشر تغريدة ضمت صورة ذات طبيعة عسكرية عادة ما تعد غاية في السرية، التقطتها الأقمار الاصطناعية الأمريكية لمشهد دمار حول قاعدة إطلاق في أعقاب انفجار كبير في مركز الفضاء الإيراني الرئيسي وحسب، بل إنه ذهب أكثر من ذلك في ما بدا سُخرية من الإيرانيين وفي تأكيده على أن الولايات المتحدة ليست ضالعة في "الحادثة الكارثية" وتمنيه أيضا "حظا سعيدا" لهم لاكتشاف ما حدث.

وذكرت "بي بي سي" أن "السؤال هنا، هل سلوك ترامب هذا سخرية رئاسية أم معلومات مضللة؟ وهل كان يلمح إلى أن جهة ما أخرى قد تكون ضالعة في الحادث أم أنها سمة معتادة للرئيس (ترامب) في الرد دائما بقول أول شيء يتبادر إلى ذهنه؟".

The United States of America was not involved in the catastrophic accident during final launch preparations for the Safir SLV Launch at Semnan Launch Site One in Iran. I wish Iran best wishes and good luck in determining what happened at Site One. pic.twitter.com/z0iDj2L0Y3

— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) August 30, 2019

وقالت إنه "من الصعب تحديد الجواب الدقيق، لأن تدخلات ترامب دائما ما تثير أسئلة أكثر من الأجوبة".

وأشارت إلى أن الخبراء ظلوا يتحدثون منذ بضعة أسابيع عن استعدادات إيرانية لإطلاق (صاروخ) إلى الفضاء. وأظهرت صور أقمار اصطناعية تجارية لمركز الفضاء في إيران عملية إعداد قاعدة إطلاق فيه.

وبحسب تقارير إيرانية، كانت مهمة الصاروخ وضع قمر اتصالات اصطناعي صغير (ناهد1) في مدار حول الأرض.

وسبق أن فشلت محاولتان للإطلاق مطلع هذا العام.

ويبدو أن المحاولة الأخيرة قد انتهت أيضا إلى كارثة، ولكن الاختلاف هذه المرة هو أن الرئيس ترامب بنفسه قد كشف عن حجم الكارثة كاملة.

وذكرت وكالات أنباء إيرانية أن الصحفيين شاهدوا القمر الصناعي ناهد 1 في مختبر تابع للحكومة.

وذكرت وكالة أنباء مهر أمس السبت أن وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الإيراني محمد جواد آذري جهرمي حين سئل عن الانفجار الذي تسبب في فشل الإطلاق أجاب قائلا إن وزارة الدفاع ستعلن التفاصيل.

وأضاف "لكن ما نعلمه أنه لا يزال يجري تجهيز القمر ناهد في معهد أبحاث الفضاء الإيراني".

وفي وقت سابق قال الوزير الإيراني في تغريدة مصحوبة بصورة يظهر فيه هو والقمر الصناعي "أنا وناهد 1 الآن. صباح الخير يا دونالد ترامب!".

Me & Nahid I right now, Good Morning Donald Trump! pic.twitter.com/0tQnCP7cQa

— MJ Azari Jahromi (@azarijahromi) August 31, 2019

وقال مسؤول إيراني لرويترز إن الصاروخ انفجر على منصة الإطلاق يوم الخميس ولكن وسائل الإعلام الإيرانية لم تنشر نبأ فشل عملية الإطلاق. وأفاد مسؤول أمريكي أيضا بأن إيران فشلت في إطلاق قمر صناعي.

وأشار تقرير نشر في صحيفة نيويورك تايمز، استند إلى مقابلات مع مسؤولين أمريكيين لم يذكر أسماءهم، إلى أن فشل عمليتي الإطلاق في إيران في وقت سابق هذا العام ليس غريبا بل هو جزء من نمط سائد هناك، إذ أن نحو 67 في المئة من محاولات الإطلاق المدارية الإيرانية قد فشلت خلال الـ11 عاما الماضية.

ووصف التقرير تلك النسبة "بأنها عالية جدا بشكل مثير للاستغراب" مقارنة بنسبة 5 في المئة من الفشل في عمليات الإطلاق في العالم.

ويشير التقرير إلى أن إدارة ترامب تتجه لتفعيل برنامج تخريب ضد جهود إطلاق الصواريخ الإيرانية بتسريب أجزاء عاطلة (لتستخدم في صناعة تلك الصواريخ) عبر شبكات التجهيز التي تستخدمها إيران وما شابه.

وكانت جهود أمريكية سابقة في هذا الصدد قد ألغيت تدريجيا في عهد الرئيس أوباما.

وأشارت "بي بي سي" إلى أن هناك ثمة تاريخ كبير من محاولات تدخل قوى خارجية لإعاقة البحوث العسكرية الإيرانية.

وكانت إسرائيل والولايات المتحدة ضالعتان في تخريب برنامج تخصيب يورانيوم إيراني باستخدام فيروسات كومبيوتر. وقد اغتيل علماء وتقنيون إيرانيون.

وبالتأكيد، ترى الولايات المتحدة وإسرائيل أن برنامج الفضاء الإيراني لا ينفصل أبدا عن جهود برامج صواريخ إيرانية أوسع. بيد أن الجانب الأكثر استثنائية في هذا الشان هو نشر الرئيس (ترامب) صورة تصنف عادة بأنها عالية السرية، ويمكن أن تأتي من مصدر عسكري فقط.