الخميس 28 مارس 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
قراءة في ديوان "كيف يروض الحنين"عائشة المحرابي - ثابت المرامي
الساعة 14:37 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 


(كيف يروض الحنين) هو عنوان لديوان شعر يفصح عن حالة الشاعرة وتجربتها الإبداعيه في لغة تستند إلى الخرق والإيجاز وتتكئ على الإبهام بألفاظ غزليه تستهوي المتلقي فترديه أسيراً في شبكة قوافيها النثرية .
 

عائشة المحرابي تحكي عن تجربه شعرية وعن ولادة قصيده تضع نفسها بين يدي قارئها فيقع في سمات حسية خاصة ومميزه . فتضع القارئ من النظرة الأولى أمام عتبة الغلاف ورمزية لونه البنفسجي. ففي لغة الالون يعني البنفسج التأمل والرقي بالروحانية , يرتبط بمستويات التفكير العليا وبالقدرة على رؤية الأشياء الحسيه يبعث على الهدوء والنظرة المنتعشة , كما اتخذه العشاق رمزاً لهم ، فهو يثير خيالاتهم ويدعو إلى العاطفة الهادئة الرقيقة .يتوسط الغلاف صورة امرأة جميله بحركات نثريه يلفها نبض الأشياء من حولها , وعنوان الديوان واسم الكاتبة باللون الأبيض لون الحياة والصفاء والحب والفرح لون البهاء والعطاء الجميل ..  
 

وهي بهذه العتبات دلفت بالقارئ بعد قراءة الإهداء إلى عناوين قصائد الديوان بدءاً من وعود من رماد , نسمة الأمس , سنابل شوق , احتواء , الغد أجمل , ترنيمه , فرحة عمر , شقاوة حرف , بسمة حياة , ترانيم حب , ذات نبض, الحب أعمى , أمل نابض , أجمل فوضى , قصيدة حب . الخ ,, وبهذه العناوين وضعتنا الشاعرة وجه لوجه أمام شعرية تجيد النسج بمفردها صانعة عالمها الخاص في مقاربة الحب والعشق بشكل عام وفي مقاربة الذات بشكل خاص .. ففي قصائد (كيف يروض الحنين ) تتحول الذات إلى كوكب حب كبير دافعتيه الجمال والحميمة ذاتها , حب من نوع خاص فيه من التأمل ما يزيد بهاؤه , وبتلك الدافقية الشعرية من الحنين تحوله الكاتبة إلى أوتار من كلمات فتعزف عليه سيمفونية جمال طويلة من البداية إلى النهاية , فيصبح الحنين من فاعل إلى مفعول به في ديوان عائشة المحرابي , فيكون ارتباطه مباشراً بالعنوان كيف يروض الحنين , فكان ترويضه موسيقى عزفت عليه الأديبه عائشة المحرابي لتخرجه ديوان  يعمد في لغته  إلى رؤية نافذة إلى العمق تتخذ من الاستفزاز البلاغي والنحوي ما يجعل جمهور الشعر أكثر التحاماً بقصائده فهو لا يعمل فقط على جذب المتلقي ليتذوق الشعر بل يعمل على أسره بالكلمة والصورة وقد يصل إلى المشهد الذي تريد أن توصله الكاتبة للقارئ فتجعل المتذوق والمتلقي يتبنى إحساس الشاعرة متمرداً في الرؤية الفنية على كل ما هو مألوف ومعروف . وخير ذلك مقدمات القصائد التي اعتنت بها اعتناء في بناءها اللغوي وتشكيلها الفني , وقد اكتملت الروعة بفعل التوازي الهندسي بين الكلمات يساوي القوافي قولاً وفعلاً كما في قصيدة (وعود من رماد )
يا رجلاً يتدلل كالغيم الأبيض
فوق جبين الأفق
يزرع في معصمي 
سوار الشوق مرصعاً بالوجد 
يغسلني كالمطر الكبريتي 
ويعمدني بياسمين الكلمات 
كالموج الأزرق يرسمني تحت شعاع الشمس 
وشماً في ساعد بحّارٍ .....الخ

 

وبهذه الترانيم يتبين أن للشاعرة قاموس لغوي قد يتراءى للقارئ بأنه بسيط , لكنها تفجر به معان وصور فنيه رائعة الجمال تستحوذ على المتلقي وتجعله يتابع ويقول : هل من مزيد 
أهداني وردةً   فنبت لي جناحان ونبض 
 لا اكشف سراً أن قلت أن عائشة المحرابي تشتعل بالحنين تروضه وتعزف عليه وتجعله يذوب كالشمعة ليبني مجداً خالد الكلمات , وصوره تتحول إلى مشاهد متسعة قوامها الحركة , والضوء , واللون , والفضاء , وهي متحررة من كل القيود التقليدية وترتقي إلى درجه تجعل المتلقي ملتصقاً بها ومردداً لها 
يا بحر هل أنا منك 
أم أني شط استراحة 
لقلب مسافر في صحاري الوجع !!
أم أن جداولي غمست 
في صدر أمواجك 
فصرت غريباً !!

 

ديوان (كيف يروّض الجنين) تجربه تحررت من الأسر اللغوي , فهي تجربه فنيه قائمه بذاتها ومتعلقة بأحاسيس الشاعرة والتي كلما زاد لهيب الحب والتجربة الابداعيه , ازدادت الرغبة في الإبحار في عوالم الكلمة والكتابة  فقصائد (كيف يروض الحنين ) ولدت من لهب الإحساس ومن شفاة مشتعلةٍ بالذوق والرقي والتجربة الثقافية ، فصنعت لوحة استثنائية من أناقة الحب وصدق المشاعر لتسجلها اللحظات بعمق كبير. 
تتدلى عناقيد ضحكاتنا ,, كلما مرت بخاطري لحظاتنا الجميلة ,, معتقةً بالقرنفل ..

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24