الجمعة 19 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
شاعر سبيل - أحمد عبد الغني الجرف
الساعة 17:38 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


 

لا تسأليْ هذا المُشرَّدَ ما لَهْ
بلْ سائليهِ كيفَ صِرْتِ سؤالَهْ !؟

لقِّنْتِهِ شوقًا كبيرًا ،
لم يَذُقْ كَلَظاهُ !
بلْ لَمَّا يُصِبْ أمثالَهْ !!

إذْهلْتِه كَعَلامةِ اسْتفهامِ ؟
كمْ يأبَىْ على رَغَبَاتِهِ إذْهالَهْ !!

حينَ انْسكبتِ أمامَهُ كَسبيلِ بِدْءٍ
فاضَ عَزْمًا ، يبْتَغِيْ اسْتكمالَهْ

و مَضَىْ يفتِّشُ عنْكِ مثلَ إجابةٍ
مدفونةٍ في وهْمِ ألفِ ضَلالَةْ

كيفَ السبيلُ إليكِ ! 
أسْكتَ نفسَهُ !
يا ليتَكِ ابْنةُ عمَّةٍ ... أوْ خالَةْ !!

أوْ ليتَ هذا الدَّربَ يكملُ نفسَهُ
حتَّىْ يحطَّ ذهولَهُ و ثِقالَهْ

لو تعلمينَ كمِ استثرتِ جنونَهُ
ليقولَ شِعْرًا عُمْرَهُ ما قالَهْ

لمْ تُغْرِهِ لُغَةُ الحداثةِ ،
إنَّما عيناكِ أبلغُ مَنْ يصوِّرُ حالَهْ

هذا الفتَىْ المكسورُ أبصرَ 
- فجْأةً -
زمنًا سماويًّا يمرُّ خلالَهْ

من أبعدِ الخيباتِ جاءَ ، و صدفةً
وَقَعَ المُشرَّدُ في غرامِ غزالَةْ

و رأىْ المدينةَ في أناقتِها ،
لقدْ قرأتْ لَهُ تاريخَهُ ، أطلالَهْ ..

هذا الفتى الشِّعْري ُّيجهلُ ذاتَهُ 
ها أنتِ ذا تَسْتْنْبطينَ جلالَهْ

كيفَ اقْتدرْتِ عليهِ ؟
كيفَ دخلتِهِ ؟
كقصيدةٍ ما ، تملأينَ خيالَهْ !!

هذا الفتى ْالمكسورُ ..
لم يعرفْ - عنِ المُدُنِ - الكثيرَ ، 
الوضْعُ فيها هالَهْ !!

خلفَ الثِّيابِ الرَّثِّ ثمَّةَ قصَّةٌ
تخفيْ معاناةَ الفتَىْ الرَّحَّالةْ

ضيْفًا إلىْ الدُّنيا أتىْ ، لكنَّها
- مُذْ أنْ أتىْ - لمْ تحْسنِ اسْتقبالَهْ

بلَغَ الثَّلاثينَ انكسارًا !
لم يزلْ طفْلًا
يُرَتِّبُ حُزْنُهُ آمالَهْ

... طفلاً يصارعُ كالوحوشِ حياتَهُ
و الموتُ يلهثُ خلفَهُ لِيَنالَهْ

هوَ خاسرٌ - جِدّاً - أقلَّ حروبِهِ
ما ذا يفيدُ قِتالُهُ بِبَسالَةْ !!؟

أهْلُوْهُ يمْتعظونَ من أشعارِهِ
و يمزِّقونَ شعورَهُ بِجَهَالَةْ

لمْ يَنْجُ مِنْ أنيابِ مَنْ
باهىْ بهمْ في العَالَمِينَ ،
تريدُ أنْ تغْتالَهْ !!

هوَ فيْهِ أحوَجُ ما يكونُ
للقمةِ العيشِ العزيزِ ،
الْجوعُ يشغلُ بالَهْ !

فأبوهُ أفْقَرُ مَنْ يبيتُ لأنَّهُ
يُضْحيْ - على الفُقراءِ - ينفقُ مالَهْ

لم يملأِ المسكينُ يومًا بطنَهُ
فالحاكِمونَ يصادرونَ غِلالَهْ

ما زالَ يحلمُ بالجِياعِ و يتَّقيْ
أحزانَهمْ ، كي لا يخونَ عِيالَهْ

ما زالَ يحلمُ أنْ يفوزَ بموطنٍ
ذيْ قيمةٍ و كرامةٍ و عدالَةْ

لا تسأليهِ عنِ الشَّتاتِ ،
جهاتُهُ سبعونَ ،
صِرْنَ جميعُهُنَّ شِمالَهْ

في " بيتَ بوسَ " يموتُ ،
لا بيتٌ لهُ !
في كلِّ عابرةٍ لهُ إطلالِةْ !

منْ ألفِ مُوْجِعَةٍ يطلُّ كأنَّهُ
في "لا وجودِ" اللاوجودِ ثُمَالَةْ

يمضيْ و يختصرُ الحياةَ كأنَّهُ
شجَنٌ ، فراغُ الأغنياتِ أطالَهْ

أوجاعُهُ الحُسْنَىْ خرائطُ
شاسعاتٌ ،
كم خَدَعْنَ على الطريقِ ظِلالَهْ !

مُسْتَغْفِرٌ
أحزانُهُ كذُنوبِهِ لا تمَّحيْ
حتَّىْ تُرِيْهِ نكالَهْ

ما زالَ يحلمُ بالنَّجاةِ كلاجئٍ
في مقلتيهِ حضارةٌ و أصالةْ

تركَ المَذابحَ ناهشاتٍ قلبَهُ
و بكى يتَامىْ ،
و الدُّموعُ جَزالَةْ

تركَ ازْدحامَ الإنْتظارِ كجُثَّةٍ
تحسوْ القيامةَ في عيونِ الصَّالَةْ

و مضىْ لحالِ سبيلِهِ كغمامةٍ
في البحرِ ألْقتْ عذْبَهُ و زُلالَهْ

ما زالَ يحلمُ بالرّجوعِ كقاربٍ ،
في صدْرِهِ المخنوقِ ألفُ رسالَةْ

في حزْنِهِ شوقٌ إلى
امْرأةٍ هيَ الفرْدوسُ ، لا حَطَبٌ 
و لا حمَّالَةْ

في وجهِهِ أملٌ يقولُ :
الأمنياتُ البيضُ - يا بؤساءُ - غيرُ
مُحالَةْ

في شعْرِهِ تاريخُ ضوءٍ حافلٌ
يرويْ لأحفادِ الظلامِ نِضالَهْ

ـــــــــــــــــــــــــــ

10ــ4ــ2019

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24