الثلاثاء 23 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
ن ……...والقلم
محمد مطهر … - عبد الرحمن بجاش
الساعة 13:11 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)




الأحد 20 يناير 2019 من
 

كم أكره هذه العبارة التي ترد ضمن بيانات النعي أو الخبرالرسمي كلما توفي مسؤول صالح أو طالح !! (( قضى معظمة في خدمة الوطن )) ..ومعظمهم قضى معظم أيام عمره ينهب الوطن !! ..

يختلط الحابل بالنابل في امور كثيره تجعلك تفقد الرؤية فلا تستطيع تقييم مايحدث حولك ، لاتدري بالتالي أين تقف رجليك ، في المكان الصح أو في المكان الخطأ 
لأن لا أحد يقيم أحدا وبالتالي لاتدري من الذي يستحق ومن الذي لا يستحق مثل كشوفاتنا للمكافآت ((كله سوا)) فلاتدري من الذي اجاد ومن الذي لم يقدم شيئا ، وان قدم فلا تدري نوع ماقدم !!! …وهذا ما ادى إلى غياب تراكم الخبرات في كل مجالات الحياة ما دفع بكثيرمن المجيدين للانخراط في صفوف الفاسدين ….

تعود بي ذاكرتي إلى تلك الأيام في تعز ، كان محمد مطهر أحد طلبة تعز الذين تراهم في الشارع محملين في الجانب الايمن كتب المدرسة ودفاترها ، كم رايته في الطرق التي تذهب وتأتي وهو من جيل سبقنا في المدرسة والحياة ، فأصبح د. محمد محمد يحيى مطهر يشار إليه بالبنان إن على صعيد جامعة صنعاء أو التعليم العالي أو في الحياة العامة شخصية غلب على سلوكه الشخصي الدماثة والادب الرفيع ….و في الحقل الاكاديمي ترك الرجل بصمة علمية نريدها أن تكون هاديا لحياتنا اذا اردنا أن ننفذ وبسلطان العلم لاغيره ….

كتبت ذات مرة انتقد اسلوب احد مدرسي جامعة صنعاء وهو اسلوب تراه في حياتنا التعليمية حيث لا أفق للعقل الا ما ندر وهذا الحكم له !! ، يومها قررت أن احضر صباحا محاظرات قسم الاجتماع للاستفادة كمستمع ، أول يوم حضر ذلك المدرس بيد يمسك ملزمه وأخرى تتربع السيجارة بين أصابعه ، وقف بعد أن نفث دخانه واشار بالملزمة في وجوه طلبته : (( هذه الجامعة مش حق ابو احد)) ، إستغربت اذانني لم اسمع من لحظة دخولي القاعة أن طالبا قال (( الجامعة ملكي )) !! ، وعاد مهددا ملوحا بالملزمة : (( هذه الملزمة إذا زاد أي منكم على مابها حرف واحد أو انقص كلمه فيعتبرنفسه راسب !!! ، أنا صعقت وكنت جالسا في الأخير ، رفعت مستأذنا يدي وقمت باتجاه الباب : أنا لن استطيع وسأخرج ، اشار بيده على اعتبار أنني أحد طلبته : (( في ستين داهيه )) هكذا قالها وليست من بنات أفكاري ….
كتبت في يومياتي لاحقا اقصد ((يوميات الثورة)) عما حدث بدون الاشارة إلى اسم المدرس بل تعاملت مع الامركقضية تتعلق بنوع المستقبل ، وقلت متهكما : بدلا من التعب ، كان عليه - ذلك المدرس - أن يبل ملزمته ويعصرها وشبهت راس الطالب (( بكور السيارة )) يفتحه ويصب السائل، ويكفي الله المؤمنين شر الدراسة والتعب ، اتصل بي د. محمد مطهر ، ظل في التليفون يضحك حتى إذا هدأ : ((يفتح الكور يا عبد )) بس أي كور؟ ، قلت : حق اللاندروفر!! ...طبعا هو تألم يومها وكان نائبا لوزير التعليم العالي لما يحصل في الجامعة وبنفس الطريقة والاسلوب وراح يحدثني عما هو أسوأ في حياتنا الجامعية كلها …..

كان كلما التقاني امد يدي إلي يده وأنا احترم الرجل رحمة الله كثيرا باسما : (( رجعتهم سيارات )) فأومئ برأسي : هو ولست أنا ….

د. محمد محمد يحيى مطهر من جيل ثورة سبتمبر62 التي هيأت للناس جميعهم مدارس ومناهج من أجل المستقبل ...كان الرجل من أولئك الرجال وبهدوء وبلا ادعاء ممن ينتمون للمستقبل ….و أنظر إلى الرجل الذي لايتقلد منصبا من أجل مصلحة شخصية يعلي القيم التي نبحث عنها : ((....... لم نعد قادرين على اداء اعمالنا وفق الأسس المؤسسية والأسس القانونية ……. )) ، ولذلك ترك قال كلمته ارضى ضميره المهني والإنساني وذهب بينما غيره زحف على بطنه متمنيا الرضى وموقع يدرربحا : (( ….ولذا فقد قررنا التوقف نهائيا عن تصريف الاعمال في الوزارة دون عوده………. وهذه براءة للذمة امام الله سبحانه وتعالى وامام الناس )) ..لانه كان ينظر للوظيفة على انها تكليف وليس تشريف ، فما بالك عندما تكون وظيفة لها علاقة مؤسسية بالمستقبل !!!...
كلما رحل احدا مثل محمد مطهرتخسر البلاد كثيرا ...وكم خسرنا …
لا املك في الأخير سوى الترحم عليه والتأسي بسمعته …
رحم الله د. محمد مطهر ….
لله الأمر من قبل ومن بعد .

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24