الاربعاء 24 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
ديوان "أبجدية امرأة في الحب .. إلى رجل يقرأني الآن" للشاعرة أحلام الدميني - د. قائد غيلان
الساعة 15:37 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 


"أبجدية امرأة في الحب .. إلى رجل يقرأني الآن" هو الديوان الشعري الأول للشاعرة اليمنية أحلام الدميني. وهو ديوان شعري جريء ومثير ابتداء من العنوان، فهو " أبجدية امرأة" أي ألف بائها التي تشكل عالمها الإبداعي، والأبجدية ليست مجرد رموز مجرّدة، ولكنها طاقة مواجهة حين ترتبط بالحب. ثم يأتي العنوان الفرعي ليحل ما غمض في العنوان الرئيسي، ويخصص ما كان عاما، فهو رسالة أو خطاب " إلى رجلٍ يقرأني الآن". نحن هنا أمام خطاب شعري مؤنث يتخذ الرجل، أيّ رجل في أي مكان وفي أي زمان هدفا لرسالته، إنه حوار مفتوح بين كاتبة النصوص وأي قارئ سيصل اليه النص. إن زمن كتابة النصوص ليس هو الزمن الذي كتبت فيه الشاعرة قصائدها، بل لحظة القراءة، اللحظة التي تقرأ أنت فيها النص هي لحظة إرسال الرسالة. 
هكذا تصبح النصوص حواراً بين "امرأة" تكتب أبجديتها و" رجل" يقرأها الآن، فالمفاتيح الرئيسية هي ( امرأة، الحب، رجل ) امرأة ورجل نكرتان وحب معرّف. هذا الحوار يتجلى في النصوص داخل الديوان، فهنالك تسع عشرة قصيدة تحتوي على الحوار بين رجل وامرأة باستخدام "قال وقلت"، في النصوص التالية: 
في الومضات: 
الومضة 29 ص: 29
الومضة 36 ص: 31
الومضة 39 ص: 32
الومضة 66 ص: 39
الومضة 69 ص: 40
الومضة 70 ص: 40
الومضة72 ص: 41
الومضة 74 ص: 42

في القصائد:

الماء ص:56
أنا الحياة ص:78
أربعة أحرف ص: 91
احتلال ص: 95
كوني حياتي ص:98
وجه الكتاب ص: 99
طعنة الخنجر ص: 101
رسالة ص: 113
ربّ الكاحل والكحال ص: 127
اقتراب وابتعاد ص: 170
حقيقة ثروة ص: 198

ومع ذلك تبقى ثنائية ( أنا _ أنت ) أو ( أنا _ هو ) ملتبسة، فالآنا قد تشتمل الآخر. والآخر قد يكون ذائبا في الأنا، وذلك ربما هو مادفع الأستاذ عبدالباري طاهر لإدراج الديوان ضمن نصوص التصوّف، وخاصة في مسألة الحلول:

" إذا رأيتموني يوماً أكتب 
(أنا)
فاعلموا أني أنادي على غائب،
لذلك
( أنا حياتي)"
الديوان، ص: 24

هكذا تصبح الكتابة عن الذات نداء للآخر وحوارا مفتوحا معه وحلولا فيه أو احلاله في الذات، إن ذلك الآخر ماهو إلا غائبا يحمل معه ذات الكاتبة، فهي عندما تكتب عن ذاتها إنما تستحضر الآخر في ذاتها وتخاطبه وجها لوجه أو قلبا لقلب، وبدلاً من أن تقول ( أنت حياتي ) تقول ( أنا حياتي ) ف" أنت " قد أصبحت ذائبة في الأنا وجزءا منها. وهذا شكل من أشكال " الحلول" عند المتصوّفة، حين تضيع المسافة بين العاشق والمعشوق "أنا من أهوى ومن أهوى أنا"، و " سبحاني ما أعظم شأني" 
وإذا كانت الكتابة فعل ذكوري والقراءة فعل أنثوي حسب التحليل النفسي، فإن ذلك يظهر في العنوان بشكل معكوس، اذ تصبح المرأة هي مالكة الحرف ومنجبته ومنتجته، وينتقل الرجل الى دور المتلقي السلبي الأنثوي " القرءة"، وعند الانتقال إلى النصوص نجد قصيدة تخرج عن هذا المنحى، وتعيد الأمور الى نصابها:
"الحرف: رجل يكتب الإحساس رواية
والمتعة: امرأة تتسلى بالقراءة"
الديوان، ص:36
يعود هنا الرجل ليستعيد دوره الذكوري، وترجع المرأة الى دور المتلقية، لكنها تفعل ذلك بوعي فطري انطلاقا من أنوثتها، فتوظف المتعة والتسلية في عملية التلقي، بينما يقوم الرجل بدوره بجديّة مفرطة، فيكتب الإحساس ( وهي عملية سهلة ) على شكل رواية. 
يشكل الديوان خطابا أنثويا جريئا، يعلن عن الذات بوضوح، في مواجهة ثقافة التغييب التي تتعرض له المرأة، إنه يتحدى الآخر، في نفس الوقت الذي يبني حوارا معه، إن الشعر ليس حكرا ذكوريا، فالمرأة لها أبجديتها الخاصة، ومن حقها أن توظفها كما تشاء، وخاصة في موضوع الحب الذي يعد موضوعا خطرا يتحكم به المجتمع ممثلا بالرجل.
إن هذا الديوان رسالة شجاعة لذلك الآخر/ الرجل، الرجل بشكل مطلق،أيّ رجل يقع الديوان في يده ويباشر فعل القراءة في تلك اللحظة ذاتها، لحظة القراءة قبل أن تتسرّب الى ذهنه أحكام خارجية قادمة من المحيطين أو من أعماق ذاكرته.
إنها شاعرة شجاعة تتطوّع في التقدم إلى الصفوف الأمامية للناس مخاطبة المجتمع، وهي تضع صورتها في الغلاف كتعبير عن حضورها القوي اسماً وصورةً وتعبيرا، وصورتها المنقّبة، وهي مفارقة ذات دلالة، تتكرر إلى جانب اسم الديوان في كل صفحة، لتقول ها أنا ذي، أنا هي من كتبت هذا، وها أناذي أراقبك يا من تقرأني الآن من أعلى كل صفحة، إنه الإلحاح على حضور الذات، مقابل فرص التغييب التي تنتظر الديوان كما انتظرت قبلها جهود كاتبات كثر وحطمت أغلبهن. إنها تظهر بقوّة، تجعلك تحس ذلك من أول وهلة تمسك بها الديوان، إنه ديوان ثقيل الوزن كبير الحجم، جميل الشكل، أنيق الإخراج، يجبرك على إسناد يدك باليد الأخرى، فتحس أنك أمام ديوان مختلف، ديوان يراهن على القوة والحضور الأنيق والجمال.
إنه ديوان مطرّز بالعتبات الجميلة؛ فكلمة الدكتور المقالح تتصدر الغلاف الأخير، وهي كلمة تزكي الديوان وتشهد لصاحبته، يليها مقتطف من مقدمة الأستاذ عبد الباري طاهر، يشرح مضمون الديوان وموقعه في خريطة الأدب العربي، ثم كلمة كاتب هذه السطور، وهي تعبير عن الإعجاب والدهشة بين يدي الكتاب. كل تلك العتبات، بالإضافة الى العنوان المدهش المثير واللوحة الفنية الرائعة التي تتصدر الغلاف الأمامي، كل ذلك يجعلك تدخل إلى الديوان وأنت مطمئن أنك لن تجد فيه إلا الشعر والحب والجمال.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24