السبت 20 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
الفن في وجه الحرب - هيفاء محمد باشا
الساعة 12:25 (الرأي برس - أدب وثقافة)


من رحم المعاناة ولد الأبداع، ومن هذا المنطلق كرس المصورون والفنانون والأدباء والناشطون السياسيون كل اهتماماتهم على الحرب والدمار الواسع الذي أحدثته من قتل وتشريد وتجويع وحصار جعل العيش في اليمن محالا، فكانوا –ومازالوا- يرسلون رسائل بطرق وأساليب متعددة، من خلال  الكلمة والصورة والرسم التشكيلي، وساهمت مجهوداتهم تلك في تعزيز معنى الصمود والتكاتف ونقل معاناة شعب عاش تحت سماء حرب أحرقت كل جميل وقتلت ملامح السعادة في اليمن السعيد.
 

للكلمة قوة خفية خاصة حين تكتب بطريقة أدبية تترك أثرها في النفوس لتحدث فيها تغييرا جذريا. انكب الكتاب والأدباء على نقل الحرب من خلال القصص والروايات التي تتناول في طياتها حكايا الناس وما عانوه بسبب الحرب التي جعلت منهم ضحايا للفقر والجوع والتشرد. مثال ذلك المجموعة القصصية للكاتبة انتصار السري التي أطلقت عليها اسم لحرب واحدة والتي صبت فيها كل أفكارها لتخرج إلى القارئ بشكل عميق يستشعر فيها مدى الألم والمعاناة التي تمر بها اليمن نتيجة الحرب وما تبعها من صعوبات.
 

 أما فن التصوير فقد كان حضوره قوياً ومؤثراً منذ اليوم الأول للحرب، إذ وجه المصورون عدسات كاميراتهم كسلاح مهمته تصوير ما يحدث من جرائم وانتهاكات بحق المدنيين. من أمثلة هذه الصور، صورة التقطتها عدسة الأستاذ كريم الزراعي لطفلة حاولت فتح إحدى عينيها بعد أن تم انتشالها من بين أنقاض منزلها الذي انهار على جميع أسرتها ليلقوا حتفهم وتنجو هي. فصورة الطفلة بثينة تحولت إلى قضية إنسانية تضامن معها الملايين من الناس لتصبح مرآة تعكس للعالم أجمع ما يحدث من قتل للطفولة والبراءة في بلاد اليمن. أما نسمة الكميم، السيدة اليمنية التي نالت صورها المثيرة للجدل انتشارا واسعا وسريعا عبر مواقع التواصل الاجتماعي وذلك لأن صورها عبرت عن قسوة الظروف التي يعيشها المواطن اليمني وانعدام أساسيات الحياة، كالكهرباء والغاز والمياه بسبب الحرب. وصورة أخرى تعبر عن معاناة السفر للمواطن اليمني وما يقاسيه من سوء المعاملة في مطارات الدول العربية. كل صورة التقطت تحت سماء الحرب ستخلد في التاريخ لتعيش في ذاكرة الأجيال القادمة. 
 

الرسم التشكيلي كان أكثر أنواع الفن صعوبة وعمقا، فقد أبدع الرسامون في رسم تفاصيل الدمار الذي حل بالوطن باستخدام لمساتهم الفريدة، وأقيمت العديد من المعارض الفنية داخل وخارج اليمن منها معرض الحرب والسلام  للفنان التشكيلي حكيم العاقل الذي أقيم في صنعاء، حيث  عرض ثلاثين  لوحة فنية زخرت بألوان قوية عكست واقع المعاناة والرغبة بسلام دائم، وهناك أيضا معرض "السلام لليمن" الذي أقيم في القاهرة العام الماضي، وشارك فيه العديد من الرسامين التشكيليين الموهوبين، منهم د. حياة مقبول، أ.محمد سبأ، أ. ابتسام العلفي، د. إسماعيل الرديني والأستاذة ألطاف حمدي التي نبضت لوحاتها بالواقع المرير للحرب التي تأبى أن تنتهي .
 

أقامت العديد من المنظمات مشاريع تهدف إلى إحياء معنى الحياة في نفوس الشباب، مثال ذلك مشروع فاصلة الذي أقامته منظمة "اليمن ستنتصر" لنشر ثقافة القراءة التي ازدادت نسبتها بشكل ملحوظ في أوساط الشباب والشابات منذ بداية الحرب ليبحروا في عوالم تنسيهم مرارة الواقع. 
كل ما سبق ذكره وغيره الكثير دليل على صمود وقوة شعب يقف وحيداً شامخاً بنفسه ليثبت للعالم أنه لن ينكسر مهما ازدادت الحرب وحشية وظلماً. 

 

منقولة من محلق صحيفة اليمن اليوم الثقافي...

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24