الاربعاء 24 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
عبدالإله المنصري
الداعية غير المؤدلج
الساعة 22:53
عبدالإله المنصري

الخطاب الديني محتاج للعودة إلى الوسطية والإعتدال التي تمثل جوهر الدين وأساسات يرتكز عليها المصلحين الدينيين الحقيقيين في الدعوة وإصلاح المجتمعات.

يحتاج الداعية -اليوم- أو العالِم الديني أن يطبق تعاليم الدين على نفسه حتى يكون لقوله أثراً ومصداقية عند المتلقي، وأن يتمثل-أي الداعية أو العالِم- بالقيم والمبادئ الدينية من سماحة في الأخلاق و لينٌ في التعامل، ورحمة للمذنب الجاهل ، وعفة عند إصدار الفتوى، وأن يكون لديه أمانة عِلمية وفكرية في نقل المعلومات والآراء المختلفة حتى إن لم توافق توجهه و هواه ، مبتعدا بنفسه عن التعصب، والجمود ،وغمض آراء من سبقوه، أو إقصاء الآخر الذي لا ينتمي لدائرته الفكرية، يجب أن يتجسد الدين في شخص الداعية أولاً  بأفعاله وأقواله  قبل أن يوجه خطابه الديني للآخرين.

إننا حين ننادي بتجديد الخطاب الديني وعودة الوسطية والاعتدال إليه،  لا يعني هذا اجتثاث و إلغاء كل  الخطاب الديني الموجود حالياً ، أو إقصاء كل الدعاة والقائمين عليه ، لأن هناك علماء معتدلون وهم قليلون، نستطيع من خلالهم توسيع دائرة الوسطية والاعتدال والتجديد، علماء ربانيون عندما تسمع لهم تحس بوسطية الإسلام تتجسد في طرحهم وحديثهم، يتحدثون بأسلوب علمي هادئ؛ غرضه تقديم المعلومة وتِبيانها لا فرضها عليك أو زيادة القيود لك، من هؤلاء العلماء الذين نعُدهم نماذج  ونتمنى لهم التوفيق وأن يسودوا الخطاب الديني، الشيخ عبدالفتاح اليافعي- جزاه الله خيرا- فقد  إعتمد الشيخ مبدأ الحكمة والموعظة الحسنة في خطابه الديني وطرحه للمسائل الفقهية، يشرحها شرحا علمياً راقيا وواضحا، محافظاً على أمانة نقل المعلومة وإيراد كل الآراء في المسألة، من غير تهجمٍ على وجهة نظر الطرف الآخر أو استنقاصها.

بمثل هؤلاء العلماء وبهكذا خطاب تضيق دائرة الخلاف والتعصب الفقهي، المذهبي، الفكري، ويكون للمتلقي حرية الإختيار  للمعلومة ووجهة النظر التي يريدها ، من بين العديد من الخيارات الصحيحة ، المطروحه أمامه و التي تناسب وضعه وظروفه.

إن إلغاء وجهة نظر الآخر هي السبب في كل الصراعات التي نعيشها، سواءً كانت فقهية، أو فكرية، أو سياسية، أو ثقافية.

ما الذي يُضيرنا لو أثبتنا كل الأقوال قويها وضعيفها، وتجنبنا الإلغاء وقولبة الناس بقالبٍ واحد ، حُدد مسبقا من قبل فئة تُهيمن على المشهد الديني والفكري بقوة قربها من الحاكم؟ .

ما الضرر في تقديم كل ما أنتجه العقل صحيحه، وسقيمه؟!

 ولماذا الخوف ونحن نعلم أن الفكرة الضعيفة غير الصحيحة تلغي نفسها بنفسها أمام الفكرة القوية الصحيحة ولا تحتاج على إلى معَممٍ  أو صاحب ذقن لتفنيدها واثبات خطأها.

لماذا نصادر عقول الناس ونجعلها حبيسة و تابعة لإنتاح عقل انسان واحد- كان عالِما هذا الإنسان أو إماما أو شيخا- فكر خلال فترة زمنية محكومة بظروفها ومحدداتها تختلف تماما عن الزمان الذي نعيشه، مع أن القران  في كثير من آياته يدعونا لإعمال العقل والتفكير ونبذ التقليد الأعمى، خصوصا في المسائل الفكرية الإجتهادية التي تتغير وتتبدل مع حوادث الزمن.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24