السبت 20 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
أحمد طارش خرصان
الربادي وفرادة الحضور..
الساعة 15:17
أحمد طارش خرصان

إلى المناضل البسيط ورفيقه الوفي  العزيز عبدالله الربوعي، الرجل الذي يذكرنا بما نحن عليه من قلّة انتماء وولاء لهذا البلد الموجع
---------
أحاول استرداد ما تهشم من ذاكرتي المجهدة، في مهمة قد تبدو صعبة إن لم أقل مستحيلة ، ذلك أن محاولة الإقتراب من ذكرى رحيله المباغت ، تغدو عملية تجاوز وخداع لمشاعر جغرافيا سكانية ، كانت ولا زالت حتى اللحظة تدرك فداحة الرحيل وكارثه الغياب لرجل كان كل الناس ، لكنهم - ونحن معهم - لم نكنه ولو من قبيل المجاملة،
تحتاج للحديث عن الراحل العظيم محمد علي الربادي إلى الإلمام بأبجديات القيم الوطنية والإنسانية، والإحتشاد بكل ما لدى أحدنا من مهارات اجتماعية .. سياسية... وإنسانية
كي تمنح الرجل ما يستحق من ودٍ وتقديرٍ  وإجلال وإكبارٍ ، ربما كانت الغائب الوحيد في سيرة رجلٍ ، كان الوطني المتفرد بالقيم والمثل الوطنية الخالصة ، وكان - قياساً بما حملته إلينا السياسة من عاهات - آخر من سيشار إليه بالبنان كمناضل جسور تشرب الإنتماء للحياة والقيم الوطنية منذ شبابه وحتى النفس الأخير من حياة الأستاذ محمد علي الربادي ، وهو يسلم روحه لخالقها قبل ستة عشر عام من هذا التاريخ..

أظهرت الأيام والسنون التي أعقبت رحيل المناضل محمد الربادي الكثير من الفراغات والمساحات الخالية من الرجال الممتلئين بالقليل من القيم ، والذين تحولوا في ردهات المدينة - وأزقتها المثخنة بالبؤس والحرمان - إلى عبء على كاهل الحياة ، ومفردة فائضة عن الحاجة ، وكأن على  إب أن تعيش سنواتها تلك جافة من أي امل ، ربما كانت تحلم بأن تهبها الأقدار ما يخفف وجعها المتفاقم برحيل أكثر أبنائها تضحية وحضورا وانتماءاً الراحل العظيم مجمد علي الربادي رحمه الله تعالى..

عاشت إب عقب ترجله المباغت عن صهوة الحياة ومقارعة الجهل والإستخفاف بالإنسانية ، أسوأ أيامها وسنواتها بعدما فقدت صوتها وقائد مهماتها الصعبة والمتثلة في هزّ عروش المستكبرين من خلال ما كان يمتلكه من وسائل وإمكانات وأدوات ، ربما كان منبر الجامع الكبير أحد هذه الأدوات وأكثرها فتكاً بالجهل والتجهيل ومصادرة كل فرصة للخلاص والإفلات من يدي قبضة الإستنزاف والقهر التي كانت تتحكم في مقاليد الحياة أنذاك...

حمل الراحل العظيم الأستاذ الربادي على عاتقه مهمة التنوير منطلقاً في مهمته تلك قيم الإسلام ومنهجيته ، وعمل على ترسيخ قيمة الحرية والعدالة الإجتماعية ، وعلى النحو الدي اختصره في قوله المأثور ( الإسلام دين الحرية والعدالة الإجتماعية..) ..

مات الأستاذ الربادي لكن الوطن وإب عجزا عن إيجاد شخصية بمقاسات الأستاذ الربادي ، ما يعني أننا سنعيش أزمنة ثرية ومتخمة بكل شيء، وستبقى متخمة بالكثير من الأشياء المهملة والتفاهات ، وسنجدها فارغة تماماً من الرجال وعشاق المروءات والفضائل ....
لن نجد الربادي رحمه الله قريبا وهو يشير لبائع القات( أربع وسجلهن ) وسيكون علينا الإنتظار لحقب زمنية كي نظفر برجل يشبهه ولو بشكل أقلّ تطابقاً. ،
إذ ربما حينها متى كانت الأقدار سخية ًسنرى  من سيقول للطغاة لا..
لا 
هذه التي عجزنا ونحن بكامل انتفاخاتنا الكاذبة عن تسديدها في وجه الطغاة، وقد امتلكوا مصائرنا ككائنات لم تعد تصلح لشيءٍ غير العبودية وعلى النحو المذل والمهين. 

للأستاذ الربادي الرحمة ولوالدي وجميع موتانا.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24