الجمعة 26 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
أحمد طارش خرصان
آخر المقاتلين
الساعة 21:05
أحمد طارش خرصان

أفكر في اختراع البداية وأعمل التفكير في البحث عن ما يمكن أن أفتتح به هذه السردية المثخنة بالوجع .
يحاصرنا الوجع من كل ناحية واتجاه ، فلا ندري أي الجهات نخشى وأي السهام نستقبل ، وكأننا خلقنا لنكون ضحايا وضحايا فقط .

التقطته من على ضفاف عالمنا الإفتراضي ، مثل المئات من الأصدقاء ، دون أن أدرك ما له من قدرة على امتلاكك وبراعة في الإستئثار بك ، ودون أن بجهد نفسه في القبام بأدوار لا تليق به ، كأحد أولئك الذين نذروا أنفسهم للمهام العظيمة والأهداف السامية.

لم أشرف برفقته ونحن نجوب الشوارع ونطلق لحناجرنا عنان الرفض والآمال والأحلام ، لكنني شرفت برفقته مبدأً ثابتاً وموقفاً صلباً . وإنساناًمعشوشباً بقيم الإنسانية ومحبة الناس .

هو واحد من ملايين كسرتهم الغربة ومزقتهم حراب البعد والفرقة ، وعلقتهم على جدران الزمن كلوحاتٍ ، لا مكان للضوء في جنباتها الغارقة في العتمة والأحزان المتدافعة.

هو هناك مثل أي مغتربٍ يمنيٍ، وجد نفسه هدفاً لإجراءات مجحفة، لم تعد لتكترث لحال اليمنيين وهم يفرغون جيوبهم من عرق وكدح السنين (ضرائباً ورسوماً وتكاليفَ)، لم يكن صراخ اليمنيين كافياً لإيقاظ الشرعية أو تنبيهها إلى مخاطر ما يطالهم من إجراءات وقرارات مستنزفة للمال والعمر والأحلام .

أحاول أن أرسم صورة لأناي المكلومة العزيز ابراهيم حمود عسقين وهو يقاوم بجسد منهك وقلبٍ مثخن بضربات الأسنة والرماح، وبيدين مكبلتين بأغلال اللامروءة وقلة الأصل، والتي صارت جزءاً من حياة الشرعية ورواد الفنادق والمنتجعات الفخمة، ناهيك عن الوجع الذي يتدفق على روحه بشكل يوميٍ، ليكون ذلك الجندي الذي دفعه الجميع إلى ساحة المواجهة ، وقد أفرغوا بندقيته من آخر رصاصة ، أدرك جيداً وأجزم أن العزيز إبراهيم حمود عسقين لن يدخرها للدفاع عن نفسه، ولن يجد حرجاً في أن يطلقها دفاعاً عن الآخرين ولو خسر حياته بمقابل ذلك.

لم يكن حزبياً ليتذكره الحزبيون أثناء بحثهم الدؤوب عن مناصب لأبنائهم وزوجاتهم وأقاربهم ، ولم يكن المتزلف الذي يجيد تأدية الأدوار الرخيصة، ولم يعرف عنه أن خان مقاييس الرجولة، إذْ بقي الصوت النزيه لمدينة منحها العزيز إبراهيم حمود عسقين ما عجزت عنه الشرعية وعشاق المداخلات الفضائية ، ولن نجانب الصواب إذا ما قلنا أبطال المواجهات الكاذبة والمقاومة التي التهمت ملايين الريالات دون أن تصنع ما يمكن أن يستر عوراتها ، ويحفظ وجهها العامر بالندوب والكدمات واللاحياء.

أضحى العزيز إبراهيم حمود عسقين جزءاً من حياة إب ، ولعله أثناء دفاعه ومقارعته - لكل ما يقوم به الحوثيون والفاسدون في إب - نسي ذاته ولم ينتبه لزحف رمضاء الغربة وهي تسلبه كل ما اكتسبه بعرق جبينه ، كي يظل هناك رهن الكدح والآهات المتصاعدة من جوفه كحمم بركانية ، لم تكن الآهات من القوة بحيث تدفع الشرعية ومن يمثلها في السلطة المحلية إلى الإلتفاف صوب ذلك الواقف هناك بجلدٍ عنيد وإصرار على التحدي وهتك أستار اللحظة التى أوقعتنا جميعاً في قبضة الشيطان.

تجاوز الصديق والأخ العزيز إبراهيم حمود عسقين حالة الركود التي عليها الشرعية ، وتحول إلى ما يشبه جبهة لا تقل أهمية عن بقية الجبهات وبأدوات وإمكانات ذاتية ، لإن من تعود العطاء فلن يهتم أو ينتظر صدى لمَا قدمه وبذله ، لكن الأمر مختلف وموجع إلى الحد الذي تبقي إبراهيم عسقين خاصة وجموع المغتربين اليمنيين عامة ، ضحايا إهمال الشرعية وولا مبالاتها القاتلة.

لا أدري ما إن كان صوتي سيصل الوائلي المحافظ المعين من قبل الشرعية - برغم حالة العداء التي بيني وبينه لسبب يدركه الوائلي تماماً - ويهمس في أذنيه قائلاً ليس إبراهيم من تخطأه العين وتذكر أنه عرف النظال ومقارعة الأوبئة من بوابة ضميره الحي وإيمانه النقي بحرية الأوطان، وحقها في أن تغادر قيد الطائفيات والسلالية والفاشيات المنقرضة.
إبراهيم حمود عسقين
هو المغترب الكل والعضو الحي في جسد المنفى المسكون بالأمراض الفتاكة ، وهواة النضال بالمراسلة
ومحبي المكيفات، في حين يقف الملايين في الداخل والخارج هدفاً للموت  ولا شيء غير الموت.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24