السبت 20 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
ن ……..والقلم
لحمة جدي عقلان !!! - عبد الرحمن بجاش
الساعة 14:47 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)



 

لا يتكرر التاريخ فصولا الا حيث تعجز النخب عن توفير اسباب الاستمرار …
ولا يتكرر الجوع الا هنا …!!!
وتتكرر الحكايات ، والاقاصيص ، وكلها تدور حول حال الإنسان ، لا تجد سوى أن فلانا لم يعد يجد لقمة العيش ، وفلان قضى نحبه من الفاقه ...، وتتسهل الأمور ، إذ يقنعك اقربهم اليك : احمدوا الله ، نحن عايشين في نعمه ، لا تقدروها ، ستبكون عليها يوم أن ننتصر على الصين وبعدها امريكا ، ونستعمر العالم ، انا شخصيا انتظر ذلك اليوم فسأربط وراء ظهري مليون (( عبد )) صيني …!!!.

من بعيد ، من وراء السحابة السوداء ، القابعة راس التلة الكبيره ، كان يأتي فارع ….
يأتي فارع الجزار من الاعلوم ، لم يخلف وعده على الاطلاق كل ثلاثاء …..
انثى البقر ، وتبع ، ثم هو يعتلي حماره ، ثم مرافقه الصغير ، ثم كلب فارع الأصفر يحمي القافله ، وعند مروره ((سوم المزاعر))، ترى كلبنا، خرشوف يتحفز لرد اي اعتداء غاشم من كلب العم فارع…..


تسمع صوت عقلان من بعيد : آذا كلب اللحمه ، مالكش دعوه بوه ، ليتراجع خرشوف ويقف لاهثا تحت ظل الشجرة الحنقص - بضم الحاء - …..
تكون (( شليتة )) الجد عقلان اول الأكياس التي توضع أمام فارع ، تسمعه مجلجلا (( شليتت عقلان))، وهذا عظم زياده لعقلان ….

 

العم قاسم اسماعيل يدري أنه الثلاثاء ، وان اليوم يوم لحمة خاله عقلان ، ويدري أن خاله فوق الاثوار يبتل الارض ، ويدري أن حسه عند اللحمه ، فلا يتردد أن يذهب إلى مسجد القريه ، ويرفع صوته بأذان الظهر ….
 

في قريتي حيث كان الفقر ايضا جليس الناس ، ومن يأكلون اللحمة فينظر إليهم على أنهم بشر متميز….مثل هذه الأيام حيث اللحمة أضحت صعبة المنال الا لمن تمطر السماء إلى جيوبهم دولارا ودرهم وريال ….
في قريتي كان الناس يستدلون على الوقت ((بدقم مهير)) ، تلك الحجرة السوداء القابعة اعلى قرية جبران …..

 

جدي عقلان سعد يومها تكون اللحمه هي أداة التوقيت ، ومحور الكون ، والقرية كلها لا حديث لها سواها …
يربط أقواله سريعا ، والى المسجد ، وباله هناك !!!
يفاجأ بأن المسجد مغلق ….يذهب بنظره الى الدقم ، فيدري أن نسيبه قد عمل فيه مقلبا ….
يكلم نفسه (( ناهي يا دجير)), تصغيرا للقب العم قاسم ، ولا يهمك ….
ظهرا تنتشر حكاية المقلب الجديد ، وترى الشبان يضحكون على ما حدث ...تكررت المقالب كثيرا ….حتى الطامة الكبرى …

 

ذات ثلاثاء عاد الجد عقلان مسرعا، نسي حتى الصلاه، كان باله هناك على النار ، صعد الى رأس الدار، ليواجه الكارثة (( قشوة)) ، اللحمه مرميه على الأرض ، فجن جنونه ، وفيم هو يقلب يديه لمح صاحبه هناك تحت السريرمسترخيا كعلية القوم ….
لم يكذب عقلان خبرا، بحث عن (( الكلبه ))، تلك التي كان (( المزين )) ، يخلع بها الاضراس المسوسه ….
مسكه من قفى راسه ، تلوى ، صرخ …..

 

يد عقلان كانت أقوى ، فلم يستطع قطه الاثير أن يتخلص من اقوى يد في القريه …..
راح يخلع له اضراسه ، وانيابه ، غيرآبه بألمه ….حتى انتهى من الخلع : ماذلحين زوووم …..
اسبوع واحد ، صحت القريه على وفاة (( دم )) عقلان متأثرا بخلع اضراسه ….
قريتي لا تزال تتذكر الحادثه إلى اليوم …...

13 مارس 2018

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24