الاربعاء 17 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
مقاطعة الجوائز - هيثم حسين
الساعة 08:07 (الرأي برس - أدب وثقافة)


لا يخفى أنّ الجائزة تظلّ كحسناء يرغب فيها كثيرون، يتودّدون إليها بمختلف السبل، وقد يكون زعم المقاطعة، أو المبالغة في النقد، من سبل التقرّب والتودّد، على طريقة أنّ بعد العداء صداقة.
 

ما مصير أعمال الروائيّين الذين رحلوا قبل أن تنطلق الجوائز المخصّصة للرواية؟ هل أصبحوا وأعمالهم في بحر النسيان لأنّهم لم يحصلوا على هذه الجائزة أو تلك؟ ألا تحمل الجوائز في ثناياها مخاطر الإقصاء والتهميش أم أنّها تفرض قوانين اللعبة التي تديرها؟ هل يكمن الحلّ في مقاطعة الجوائز كما ينادي بعض الروائيين بين الحين والآخر؟ وهل تمثّل الدعوات لمقاطعة الجوائز جانب النقمة والغضب على نتائجها أم هي وسيلة للفت أنظارها إلى الداعين للمقاطعة؟

في العالم العربيّ هناك بضع جوائز فقط للرواية، أشهرها “البوكر العربية”، و”كتارا”، و”جائزة الشيخ زايد للكتاب”، و”نجيب محفوظ للرواية”، و”الطيب صالح للرواية”، و”جائزة الشارقة لأفضل رواية”، بالإضافة إلى جوائز ناشئة تبحث عن تكريس مأمول. وبرغم ذلك يتجدّد الحديث عن كثرة الجوائز وما يطالها في كلّ دورة من تخمينات وشائعات.

تحيط بالجوائز عادة تكهّنات كثيرة، منها ما يقترب من المؤامرة ويضخّمها، ومنها ما يقترب من التقديس وينزّهها، في الوقت الذي تكون الجائزة منقادة لتوجّهات المشرفين عليها، أو المحكّمين المختارين في كلّ دورة، يختارون ما يرونه الأنسب بحسب رأيهم وتذوّقهم الأدبيّ، وربّما تساهم عوامل أخرى متداخلة في تصدير بعض الأعمال على حساب أخرى، أو بعض الأسماء على حساب أخرى أيضاً.

لعلّ من السهولة بمكان اتّهام مَن يدعو إلى مقاطعة الجوائز بأنّه ينطلق من ردّ فعل عدائيّ غاضب عليها، ربّما لأنّها تجاهلته ولم تلتفت إلى أعماله التي قد تكون رشّحت في دورات سابقة، وبذلك يحمل ضغينة عليها، ويسعى إلى نسف مصداقيّتها وتشويه سمعتها في مسعى لتعظيم نفسه وإظهار عمله أنّه أهمّ من الجوائز التي تدور في فلك المحسوبيّات البغيضة، أو لأنّ بريقها قد طغى على أعمال كثيرة هامّة لم تنل حظّها من الاهتمام والمتابعة لأنّها لم تدخل إحدى اللوائح.

لكن ألن يحمل الاتّهام المستسهل إجحافاً بدوره، على اعتبار أنّ أيّة جائزة مخصّصة للفنّ الروائيّ من المفترض أن تسعى إلى الارتقاء بهذا الفنّ، ولا سيّما أنّ من المفروض أنّ يتمّ إيكال الأمر إلى مَن يفترض أنّهم متخصّصون في هذا المجال، أو لهم اشتغالات ثقافية أو صحافية تتماسّ مع هذا الفنّ أو تتداخل معه، بحيث يكون رأيهم ثاقباً وموضوعياً ومنطلقاً عن علم وخبرة ومعرفة وإدراك..؟

بالاتّفاق على نقطة أنّ الجائزة التي تخصّص لجنس أدبيّ هي من أجل إعلاء شأنه يمكن التوافق على نقاط تالية، والإشارة إلى أنّ الجائزة مفيدة ونافعة للجنس الذي تدعمه، وأنّ اللجان المتغيّرة بشكل دوريّ، والتي لا يعدم بعض أعضائها تسهيل تمرير أسماء أو أعمال تهمّه، أو يمكن أن يكون هو نفسه تابعاً في اختياره، أو منغمساً في لعبة تبادل التنفيعات، هي التي تتحمّل قسطاً كبيراً من البلبلة المثارة إزاءها.

لا يخفى أنّ الجائزة تظلّ كحسناء يرغب فيها كثيرون، يتودّدون إليها بمختلف السبل، وقد يكون زعم المقاطعة، أو المبالغة في النقد، من سبل التقرّب والتودّد، على طريقة أنّ بعد العداء صداقة، وأنّ تلك الانتقادات قد تلفت نظر أمانة هذه الجائزة أو تلك اللجنة، ويتم إسكات المنتقد كي لا يتمادى في اتّهاماته، وربّما تتحوّل الجائزة إلى أداة، أو صفعة إسكات له، فينقلب على نفسه ومزاعمه، ويبدأ بتفنيد ما كان يسوقه بحقّها من اتّهامات، يبرّئها محيلاً الأمر إلى جهله بآليّاتها المتّبعة حينها.

هل يمكن القول إنّ عالم الأدب والجوائز بات ملعباً للمراهنة..؟ وهل يكون الرهان على القارئ هو الرهان الخاسر أم أنّه يبقى الخيار الأفضل؟ ولكن أيّ قارئ ذاك الذي تتمّ المراهنة عليه؟ وأين هو في ظلّ الانكفاء عن القراءة والاكتفاء بالعناوين والمنشورات السريعة في وسائل التواصل الاجتماعي..؟ هل نصرخ مع الفرنسيّ تزفيتان تودوروف قائلين “الأدب في خطر”..؟

كاتب سوري

منقولة من صحيفة العرب ..

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24