الجمعة 19 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
شاعراتُ " المعلَّقين"! - حنان بيروتي
الساعة 18:02 (الرأي برس - أدب وثقافة)

 

  الراصدُ للمشهد الثقافي العربيّ يلحظ الاتجاه العام للرواية بصفتِها الجنس الأدبي المتصدر للمشهد،ويلحظ اتجاهَ الكثيرين للتجريب وخوض غمار الكتابة الروائية؛ فهي فن سردي يحتملُ التجريب و مسألة النجاح والفشل في ما يُكتب نسبية بمقاييس متعددة قد يكون منها الفوز بجائزة أدبية أو مدى الإنتشار،ويفرز النتاج المتنامي من هذا الجنس الأدبي رواياتٍ متميزة وجديرة بالإستحسان وبعضها يموت في لحظة الولادة الورقية أو الإلكترونية.

 

   ويظل للشعر مكانته الرفيعة في قلوب المتلقين؛فهو همسُ القلب وهسيسُ الروح وصدى الإحساس،وهو فن مطواع قابل للتطوير والتجريب،فمنذ القصيدة التقليدية  المتقيِّدة بالبحور الشعرية للخليل بن أحمد الفراهيدي وحتى ولادة الشّعر الحر أو شعر التفعيلة  وهو يشعُّ من مكانته في سماء الإبداع كنجمٍ لا يدانيه نجم،وصولاً لفوضى المسميات وحالة التخبّط التي يعيشها الشعر  بين النثر الفني وافتقاده الموسيقى لكنه يواصل رفعة مكانته في سماء الإبداع وقدرته على التأثير في النفس البشرية،ويحتل مساحته الخاصة كطفلٍ مدلل.

 

   وإذا اختلف المؤرخون في عدد شعراء المعلَّقات ما بين سبعٍ و عشر،فربما يُحارون  اليومَ في عدد شاعرات"المعلّقين" في عصر النشر الإلكتروني ويسره والذي يتيح التعليق المباشر على ما يُنشر من نصوص تُدرج تحت مسمى الشعر،وهو فضاء مفتوح  ينشر فيه الجميع ،وهو متنفس في زمن الاختناق  والانكسار النفسي وحالة الخذلان التي يعيشها المواطن العربي تحديدا،وفضاء التجريب المتاح يفرز أصوات جديدة بعضها أصيل وبعضها باهت كأنه صدى أو حالة ركيكة من الإدِّعاء ...الأمرُ اللافت للنظر هو تزايد عدد الأقلام التي صعدت على سلم "اللايكات" والمجاملات والآراء النقدية المادحة والمغشوشة،وهذه الظاهرة تتضح أكثر لدى فئة يمكن تسميتها ب"شاعرات المعلّقين" ممن يشدُّهم المظهر الخارجي للشاعرة ومجاملتها ويقدّرون طموحها في أن تكون شاعرة يُشار لها بالبَنان،فيكيلون لها المديح وربما تجد من يساعدها في تعديل ما كتبتْ أو الإضافة على حروفها الذهبية لتصبح سبيكة فنية لا يضاهيها في البناء والإحكام قصائد المعلّقات،والمؤسف أن تجد من بين هؤلاء كتّابا وأساتذة ونقادًا ممن يساهمون في  مدح  ودعم ما تخطه الأنامل الذهبية.

 

   الكثيراتُ ممن وقعن في فخ الشّعرية الكاذبة  لا يتحملنّ إلا جزءًا يسيرًا من المسؤولية؛ربما لأنّ الإنسان بطبعه يميل للنجاح وتحقيق حلمه في التميز وإثبات الذات،وهو أمر مشروع، أو لعدم المقدرة على الإحتكام لميزان نقدي لغياب الأدوات والثقافة والتجربة الكافية،لكن المسؤولية الكبرى تقع على النقّاد والشعراء ممن مالوا للمجاملة وساهموا في خلق حالة من الفوضى والركاكة وعدم المصداقية وصعود من لا يستحقون منابر أكبر منهم.

 

الزمن كفيل بغربلة النتاج الأدبي،ولا يمكث في الأرض إلا ما فيه خير لها، ولكن ربما التنبه لهذه الظاهرة أمر يسهم في الحد من تفاقمها ويقلل عدد شاعرات المعلّقين!

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24