الجمعة 29 مارس 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
الضرائب.. وسلة الحصاد المرٌ
الساعة 04:55 (الرأي برس-ملف أعده-نبيل الشرعبي-صادق الصليحي)

الضرائب.. وسلة الحصاد المرٌ
الرأي برس- ملف أعده/ نبيل الشرعبي- صادق الصليحي
في حين تكاد المنظمات الدولية ومراكز البحوث، تُجمع أن اليمن من أفقر دول العالم، وأن اتساع مساحة الفقر، ناجمة عن سوء استغلال الموارد.. برزت مصلحة الضرائب، من خلال تقرير احتفائي، لتقول إنها حققت أعلى ايرادات ضريبية، في وقت يكشف فيه الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، أن التهرب الضريبي يتسع عاماَ تلو الأخر.
وأن جهاز المنظومة الضريبية يعاني اختلالات واسعة، تعيق عملية تحصيل الايرادات الضريبية، وتتسبب في فقدان نسبة كبيرة من الموارد الضريبية المستحقة، تقدر سنوياَ بحوالي 4مليارات دولار سنوياَ، وهو ما يعادل 850مليار ريال يمني، في حين أن العجز السنوي في الموازنة العامة لا يتجاوز مبلغ 800مليار ريال.
ويقول مدير برامج مؤسسة «فريدريش إيبرت» الألمانية في اليمن محمود قيّاح، يقول إن التهرّب الضريبي في اليمن يعد هو القضية الكبرى، وحالياً لا يوجد سوى 3.08 في المائة من دافعي الضرائب المسجّلين، وهو رقم منخفض لبلد يضم 25 مليون شخص، وتزداد خطورة هذا مع انخفاض عائدات النفط وتزايد مدفوعات الأجور، وتزايد العجز المالي بمعدلات مثيرة للقلق.
وحسب خبراء اقتصاد اليمن تفقد نحو 4.7 مليار دولار ضرائب غير مدفوعة سنوياً «بسبب الفساد وسوء الإدارة»، لكن هذا لم يثير اهتمام الحكومات المتوالية، حالياَ الرئيس هادي وكذلك الواقفين في صف تأييد إقرار الجرعة السعرية، وهو ما يكشف عن سياسة حكومية هشة، وتعامل من قبل رئيس الدولة بعيداً عن مكامن الفساد.
ويجزم  الخبير الاقتصادي اليمني، أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء الدكتور طه الفسيّل، أن الإصلاحات الضريبية والجمركية لم تتمكّن حتى نهاية 2013 من حشد الموارد المالية غير النفطية وتعزيزها، وفي مقدمها الإيرادات الضريبية المباشرة وغير المباشرة.
ويتأكد عدم حدوث أية اصلاحات خلال العامين الماضيين، وفق الدكتور الفسيل، تواضع نسبة الإيرادات الضريبية إلى الناتج المحلي الإجمالي والتي بلغت نحو 7.3 في المئة كمتوسط سنوي للفترة 2001 - 2010 وانخفاضها إلى 6.5 في المئة خلال الفترة 2006 - 2010.
وهذه النسب حد تأكيد الدكتور الفسيل، تقل كثيراً عن النسب المحقّقة في الدول النامية والأقل نمواً، والتي تتراوح بين 15 و21 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وأرجع ذلك إلى كبر حجم التهرّب الضريبي وجمود النظام الضريبي.
وحسب الدكتور الفسيل ثقافة الالتزام الضريبي في اليمن تتسم بالانخفاض، خاصة أنها مصحوبة بضعف كل من الإطار القانوني والكوادر البشرية المؤهّلة، وأداء الإدارة الضريبية، وهذا يقود إلى اتساع نطاق التهرّب والتهريب الضريبي في الاقتصاد اليمني، إذ تصل نسبة السلع المهرّبة في السوق إلى 70 في المئة مما يدخل البلاد من سلع، وتصل نسبة التهرّب الضريبي إلى 50 في المئة من الضرائب المطلوب تحصيلها.
ويقول محمود قياح إن إصلاح إدارة الضرائب والجمارك وجمع عائداتها في اليمن لم تتم صورة أكثر فاعلية وكفاءة، في ظل التركيز على الوضع الاقتصادي غير المستقر في اليمن، والذي صار أمر ملح، لأن معظم المشاكل الحالية يمكن عزوها إلى المؤسسات الضعيفة للدولة والإدارة الاقتصادية السيئة التي لن يجري إصلاحها من خلال الحوار الوطني أو دستور جديد.
وحد قول قياح تجنّب انحراف عملية الانتقال الديموقراطي، يستدعي اتّخاذ إجراءات على الصعيد الاقتصادي تترجم إلى فرص عمل جديدة وتحسين نوعية الحياة بالنسبة للغالبية العظمى من سكان اليمن، والوقت الراهن والوضع الذي يجر البلد نحو هاوية سحيقة يستدعي اتّخاذ إجراءات من شأنها تحسين المناخ الاقتصادي تأخذ في الاعتبار التدابير المتمثّلة في التنويع الاقتصادي، وتعزيز الإدارة الضريبية والجمركية وجبايتها، والاستثمار في البنية التحتية وتقديم الخدمات الأساسية وخلق بيئة عمل أفضل للشركات، وتوسيع فرص الحصول على الخدمات المالية.
مصلحة الضرائب
وكانت مصلحة الضرائب ذكرت في تقرير لها صدر في الأسبوع الأخير من العام الماضي2014، أن الايرادات الضريبية المحصلة عن العام الماضي، بلغت 639مليار ريال أي ما يعادل 3 مليارات دولار، وهو ما يوازي حوالي أقل من 21بالمائة من إجمالي موازنة العام الماضي، والتي كان مقرر أن تسهم فيها الايرادات الضريبية بنسبة 25بالمائة.   
ويذكر رئيس مصلحة الجمارك الأسبق علي الزبيدي أن التهرّب الضريبي والتهريب الجمركي في اليمن شهدا توسّعاً كبيراً، ففي مجال الرسوم أو الضرائب الجمركية، ورغم انخفاض التعرفة الجمركية تزيد نسبة التهريب الجمركي على 35 في المائة.
وحسب إدارة الحصر والتسجيل للإدارة العامة لمصلحة الضرائب فإن عدد الشركات الخاصة التي تخضع للضرائب لا تزيد على 14871 شركة، منها أكثر من 386 شركة تعود ملكيتها إلى أشخاص، وفي المقابل هناك ملفات ضريبية متراكمة لنحو 379 شركة، وذلك حتى العام الماضي.
وفيما يؤكد عدد من رجال الأعمال وأصحاب الشركات أن امتناع الشركات عن إعلان الأرباح سببه الرئيسي خوف الشركات من الضرائب التي وصفها بـ"الابتزاز" وكان وكيل وزارة المالية عمر يعقوب قال في فترة سابقة من العام الماضي: إن الحكومة تعتزم خفض ضرائب الشركات بنسبة من 20 إلى 35 بالمائة لحملها على إبداء المزيد من الشفافية لما من شأنه الحد من التهرب الضريبي السائد في البلاد.
وأضاف بأن الحكومة تدرس بعض الأمور مع القطاع الخاص فيما يتعلق بفتح دفاترهم أمام سلطات الضرائب، مع أنه لا أحد يحب دفع الضرائب لكن يتعين التوصل إلى نوع من التفاهم، وتزامن ذلك مع كون قانون ضرائب الشركات المعدل كان معروض على مجلس الوزراء، لكن الضرائب الجديدة مازال يجري بحثها مع القطاع الخاص.

ومع بداية العام 2008 أطلقت مؤسسة التمويل الدولية، ذراع القطاع الخاص لمجموعة البنك الدولي، مبادرة لدعم برنامج تبسيط الضرائب في اليمن في حضور مسؤولين وأعضاء في البرلمان ومجلس النواب وممثلين عن رجال الأعمال اليمنيين..
ويهدف المشروع إلى تنمية المشاركة المسؤولة من قبل القطاعين العام والخاص، وتوسيع القاعدة الضريبية بالامتثال والتقييد وتحسين انخراط الأعمال التجارية في القطاع المنظم، لتخفيف العبء الضريبي وتعزيز الوعي والحصول على معلومات وتقوية النظام والخدمات والمهارات داخل مصلحة الضرائب، والمشاركة الفاعلة من قبل المحاكم الضريبية والمجتمع المدني ووسائل الإعلام..
ويحتل اليمن حالياً المرتبة 84 من بين 178 دولة ضمن مؤشر السهولة في تسديد الضرائب، و113 ضمن مؤشـــر ممارسة الأعمال التجارية، بحسب تقرير ممارسة الأعمال 2008 الصادر عن البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية..
وفي إطار منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كان ترتيبه تاسعاً من بين 17 دولة، واحتلت السعودية أعلى مرتبة في الإقليم، تليها عمان في المرتبة الرابعة والإمارات العربية المتحدة والأردن..
وأوضح بيان صادر آنذاك عن إدارة الخدمة الاستشارية التابعة للبنك الدولي في مجال تحسين البيئة الاستثمارية "فياز"، أن هذه الإدارة شرعت في ذلك العام بإدارة برنامجاً في اليمن يركز على تبسيط السياسات الضريبية والعمليات لتقريب النظام الضريبي لأصحاب الأعمال التجارية وتسهيل إدارة النظام من قبل مصلحة الضرائب.
ويهدف البرنامج إلى خفض الوقت والتكلفة للتقيد بالقواعد الضريبية وتوسيع الشبكة الضريبية وتسهيل عملية الدخول إلى القطاع المنظم للمنشآت الصغيرة، وتوفير فرص عمل وتقليص سبل الممارسات الفاسدة..
وجاء البرنامج بعد الاتفاق، بين مؤسسة التمويل الدولية ووزارة المال اليمنية والمانحين، وبدعم من وكالة التنمية الدولية البريطانية، ويؤكد البنك الدولي أن المحرك الأساسي الذي سيقود عملية الإصلاح هي الشراكة القوية بين القطاعين العام والخاص وأصحاب المصلحة الرئيسين.
وتنفذ "فياز"، خدمات متكاملة لتحسين بيئة تمكين الأعمال التجارية في الدول الأعضاء، وتقدم مـــشورة إلى حكومات الدول النامية، التـــي في طور التحول في مجال تبسيط الأنظـــمة وســــياسات الاستثمار والترويج للاستثمار، وحول قضايا محددة تهم مناخ الاستثمار في القطاع الصناعي، ونفّذت 760 مشروعاً في العالم خلال عشرين سنة من وجودها.
وكان تقرير تابع لمؤسسة التمويل الدولية صنف اليمن بأنها ضمن إحدى عشر دولة في العالم يبلغ فيها إجمالي الضرائب المدفوعة أكثر من إجمالي الأرباح، وقال تقرير ممارسة أنشطة الأعمال الذي تم إعداده برعاية كل من البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية، وهي فرع القطاع الخاص التابعة لمجموعة البنك الدولي أن معدل إجمالي الضرائب للدولة يصل في اليمن 41.6 بالمائة من إجمالي الأرباح..
وأرجع عدد من الاقتصاديين التهرب الضريبي إلى أسباب أخلاقية تتمثل في ضعف الوعي الضريبي من خلال اعتقاد الشخص أنه يدفع للدولة أكثر مما يأخذ منها، أو عدم شعوره بما تقدمه له الدولة من خدمات، وشعوره بأنه يستطيع الاستمرار في الانتفاع من خدمات الدولة حتى مع عدم دفع الضريبة؛ وذلك أن دفعها ليس شرطًا للاستفادة من الخدمات العامة.
كما يعتقد بعض المتهربين أن الدولة تُسيئ استخدام الأموال العامة وأنها تضر الجماعة بهذا الشكل وقد يكون السبب في ذلك بعض الاعتبارات التاريخية. إضافة إلى ذلك فإن التشريع الضريبي في كثير من الدول لا تتوافر فيه الشروط التي تبعث على احترام أي قانون وتضفي عليه الهيبة؛ لأنه يتمتع بخصائص تتنافى مع القيم التي تعطي القانون الاحترام والطاعة والعمومية، وعدم وجود عدالة ضريبية بين المكلفين والتوسع في تفسير الاستثناءات دون نص قانوني. وينتج عن ذلك ردود فعل نفسية لدى المكلف تتناسب عكسًا مع الوعي الضريبي والأخلاق المالية.
كما يؤكد البعض أن شعور الفرد بثقل العبء الضريبي عند ارتفاع معدلات الضريبة أو تعدد الضرائب المفروضة على الوعاء نفسه أو شعوره بعدم العدالة في توزيع العبء الضريبي، قد يؤدي به إلى الاعتقاد بظلمها ويدفعه إلى التهرب منها. كما تؤدي القدرة المالية والحالة الاقتصادية العامة للمكلف دورًا كبيرًا في قوة الباعث النفسي لتهربه من الضريبة، فهو يسعى للتهرب أكثر عندما يكون في حالة مالية صعبة.
وبحسب مبادئ فرض الضريبة فإن كل دخل يتحقق من أي نشاط كان ومهما كان حجمه يجب أن يخضع للضريبة، وكل دخل أو جزء لا يخضع للضريبة يعتبر تهرّبا، ويتخذ التهرب الضريبي عدة أشكال يمكن أن نؤطرها في البنود الرئيسية التالية: منها كتمان النشاط كلياً بحيث لا يصل عنه أي معلومات موثقة للدوائر المالية وبالتالي لا يدفع أية ضرائب على الإطلاق.
إضافة إلى: إخفاء كل ما هو ممكن من رقم الأعمال في جميع بيانات مكلفي ضرائب الأرباح الحقيقية، وهذا يحدث خاصة في النشاطات الداخلية التي لا تدخل فيها الدولة كطرف، ولا تمر هذه النشاطات على أي دائرة حكومية لأي سبب كان.
ومن صور التهرب الضريبي: زيادة النفقات والتكاليف على نحو وهمي حيث يتم زيادة تكاليف المواد والمستلزمات السلعية أو النفقات الإدارية، بقصد تقليص الأرباح الظاهرة وبقصد التعويض عن تكاليف قوة العمل (الأجور) حيث يتم التصريح عن عدد أقل من قوة العمل وسداد ضرائب أجورهم أقل، ويلجأ لهذه الطريقة بخاصة المكلفون بضرائب عقود تنفيذ أعمال للحكومة حيث تتوفر قيمها الحقيقية لدى الدوائر المالية.
كما يعد تهربا ضريبيا كل تخفيض في سعر مبيع السلع والخدمات ما أمكن ذلك (تخفيض الإيرادات)، وسهولة تزوير الفواتير تسهل هذه العملية إلى حد كبير، ويلجأ إلى هذه الطريقة مستوردو السلع حيث الكمية المستوردة موثقة لدى المالية في بياناتهم.
وفي هذا الجانب حذر اقتصاديون من خطورة هذه الخطوات خاصة مع قيام المستوردين بتخفيض أسعار السلع في فواتير الاستيراد من أجل التهرّب الجمركي، بما يزيد عن 20-30 بالمائة من الأسعار الحقيقية، مما يضطرهم لأن يضعوا سعر مبيع لا يزيد كثيراً عن السعر المثبت في فواتير الاستيراد بينما سعر المبيع الحقيقي يزيد بنحو 10-30 بالمائة، أي أن سعر المبيع الحقيقي يزيد بنحو 30-60 بالمائة من سعر فواتير الاستيراد مما يمكن ملاحظته بسهولة من قبل مراقب الدخل بل والتأكد منه.
ومن بين صور التهرب الضريبي تنظيم رخص استيراد بأسماء أشخاص لا علاقة لهم بالتجارة (أقربائهم أو بعض العاملين لديهم) بقصد الاستفادة من المعدلات المخفضة للبعض وبقصد التهرّب من الحصول على براءة ذمة مالية للمستورد نفسه الذي تأخر عن سداد ضرائبه.
ويقول مدير عام الإدارة العامة لكبار المكلفين بمصلحة الضرائب، في كل الأحوال يقدّم هؤلاء المكلفون بيانات ضريبية ملفقة، يعدها لهم محاسبون مؤهلون، بمن فيهم جزء كبير من موظفي الدوائر المالية حيث يعملوا لدى المكلفين كمحاسبين دون أن تظهر أسماؤهم، ثم يقوم محاسبون قانونيون مجازون بإصدار شهادات تصديق لهذه البيانات الضريبية الملفقة وهنا تكتمل الدائرة، بتواطؤ من قبل مختلف أطرافها.
فيما يضيف آخرون أن صور التهرب الضريبي  لمكلفي ضريبة الدخل المقطوع, والتي تشمل هذه الفئة صغار التجار والحرفيين وأصحاب الحوانيت وأصحاب المهن العلمية من أطباء وصيادلة ومهندسين ومحامين ومحاسبين قانونين ومن شابههم, نادراً ما تتم ويتم فرض ضريبة وفق أسس غير علمية مما يخلق تمايز غير عادل بين المكلفين ويفسح في المجال أمام تدخلات فاسدة، ونعتقد أن عدد المراقبين في الدوائر المالية لا يكفي للقيام بواجبهم على هذا النحو ولا تتوفر لديهم الوسائط الكافية لذلك.
بالمقابل فإن غالبية دافعي ضرائب الدخل المقطوع يدفعون ضرائب معتدلة أو منخفضة، مع وجود حالات تكون فيها الضريبية مرتفعة، ومن جهة أخرى يوجد جزء كبير من هؤلاء يدفع أقل بكثير مما يستحق على دخله الحقيقي، وبعض هؤلاء رجال أعمال حقيقيون، ورغم ذلك يسدد بعضهم بضع عشرات آلاف سنوياً كضريبية عن دخل يصل لبضعة ملايين وأكثر، مثلاً أصحاب المحلات في الأسواق الرئيسية في المدن الرئيسية، وأصحاب ورش صناعية وجزء من أصحاب المهن العلمية كالأطباء والمحامين خاصة والعديد من صغار التجّار.
كما يضاف لأشكال التهرّب السابقة التهرب من ضريبة دخل الرواتب والأجور، حيث يقوم أصحاب الأعمال في القطاع الخاص بعدم سداد ضريبية دخل الأجور والرواتب عن معظم العاملين لديهم.
ويعتبر هنا أن المتهرّب هنا هو رب العمل وليس العامل، لأن القرار في ذلك يعود لرب العمل وهدفه من عدم سداد ضريبة دخل الرواتب هو الحصول على يد عاملة أقل تكلفة، وبالمثل نعتبر عدم إشراك العاملين في التأمينات الاجتماعية، وللأسف فإن الدوائر المالية لا تفرض أية رقابة على هذا الموضوع، أما رقابة وزارة الشؤون الاجتماعية فهي شكلية ويشوبها الكثير من الفساد.
كما يقوم المكلفون بتقديم بيانات خاسرة أو بأرباح قليلة لأسباب عديد، منها تأخير دفع الضريبة ما أمكن ربما لعدة سنوات إلى حين قيام الدوائر المالية بمراجعتها وقبولها شكلا" ورفض نتائجها وتكليف المكلف وفق مبدأ التقدير (التكليف المباشر)، وهذا التأخير يتيح للمكلف استعمال مبلغ الضريبة طيلة مدة التأخير
وكشف تقرير برلماني صادر أوائل العام قبل الماضي، عن جملة من الاختلالات والتحديات التي تواجه الموازنة العامة للدولة للعام الجاري تتمثل في عدم حدوث تحسن في موارد الموازنة العامة يواكب النمو الكبير الذي تشهده النفقات العامة..
في حين لم تعكس مؤشرات مشروع الموازنة للدولة العام 2013، ما كان متوقعا من تعهدات المانحين التي حصلت عليها بلادنا في مؤتمر لندن 2002م ومؤتمري الرياض ونيويورك 2012 حيث تراجعت الاعتمادات المرصودة من موارد القروض والمنح الخارجية المقدرة للعام الجاري إلى 41 % عن ربط موازنة العام الماضي.
وأشار تقرير اللجنة الخاصة المكلفة بدراسة مشاريع الموازنات العامة للعام المالي 2013، إلى عدد من الاختلالات والتحديات التي تواجه موازنة الدولة لهذا العام والمتمثلة في عدم وجود أي تحسن وتوظيف أمثل لموارد الدولة يقابل ذلك نمو هائل تشهده النفقات العام.
ولفت التقرير إلى أن معالجة الاختلالات في جانب موارد الموازنة العامة للدولة يتمثل في اتخاذ خطوات وإجراءات جادة وفاعلة في مكافحة التهرب الضريبي والتهريب الجمركي والتطبيق الكامل لقانون الضريبة العامة على المبيعات وزيادة الأنشطة الانتاجية والاستكشافية في مجال النفط والغاز وتطوير وتنمية الحقول القائمة والعمل على خفض نفط الكلفة من خلال إحكام الرقابة على أنشطة ومصروفات الشركات النفطية وكذا متابعة تحصيل وتوريد الموارد الضريبية والجمركية المتأخرة وتنمية وتطوير القطاعات الإنتاجية الواعدة غير النفطية.
إذ تعتبر الضريبة من بين الموارد الهامة التي تعتمد عليها مختلف الدول من أجل تمويل النفقات العمومية، كما أصبحت وسيلة هامة في إنعاش الحياة الاقتصادية والاجتماعية للدول، وعلى هذا الأساس أصبحت الضريبة تؤدي وظائف مختلفة، فمن جهة تشكل وظيفة لتعبئة الموارد والأموال المتوفرة.
ويقول البروفيسور والخبير الاقتصادي اليمني سيف العسلي: "إن الضريبة تعني المواطنة، ومواطنة الفرد لا تقاس إلا بما يدفعه من ضرائب"، ولهذا أضحى التهرب الضريبي يُصنف من الجرائم، التي تجند الدول لها الكثير من الأدوات لمكافحتها، وتكشف تقارير الجرائم السنوية العالمية، أن هذه التقارير تتضمن مجموعة من الجرائم التي يكون موضوعها الضريبة ومن بينها التهرب الضريبي.
وصار التهرب الضريبي يشكل محطة اهتمام غالبية دول العالم، نظرا لخطورته والمتمثلة في تنوع وتعدد التقنيات المستعملة لارتكابه، ثم الآثار السيئة التي يخلفها على الموارد المالية التي يعمل على تقليصها واستنزافها بشكل كبير، الأمر الذي ينعكس أيضا على السياسة الاقتصادية والاجتماعية للدولة التي تعتمد على الضرائب بشكل كبير ضمن الموارد العامة.
وفي بلادنا التعاطي الرسمي مع التهرب الضريبي لا يتجاوز، مجرد تناولات خجولة لا تتعدى القول، يجب إصلاح قنوات التحصيل الضريبي ومنع التهرب الضريبي والجمركي، والذي يترتب عليه من الانعكاسات التي يتسبب بها التهرب الضريبي مثل عدم التحقيق الفعلي للموازنة العامة للدولة بحكم أن الإيرادات الضريبية تمثل الباب الأول من الموارد ، وانتشار البطالة والفقر ثم مساهمته في التوزيع الغير العادل للدخل والثروات بين مختلف مكونات المجتمع.
إذ تعتبر الضريبة من بين الموارد الهامة التي تعتمد عليها مختلف الدول من أجل تمويل النفقات العمومية، كما أصبحت وسيلة هامة في إنعاش الحياة الاقتصادية والاجتماعية للدول، وعلى هذا الأساس أصبحت الضريبة تؤدي وظائف مختلفة، فمن جهة تشكل وظيفة لتعبئة الموارد والأموال المتوفرة.
 وليس هذا فحسب بل تشكل الضريبة وظيفة محفزة للنمو الاقتصادي وهذه الوظيفة أو غيرها من وظائف الضرائب، يمكن أن تتأثر بمجموعة من العوامل المختلفة التي تقف عائقا من تحقيق النتيجة المتوخاة منها.
ولذلك نحن نعاني من عجز دائم على مستوى الموازنة العامة نظرا لعدة أسباب من بينها التهرب الضريبي الذي يساعد على تقليص حجم الموارد، سواء كان هذا التهرب على مستوى الضرائب المباشرة التي يخلفها التهرب الضريبي كفعل يسعى إلى التحايل على النصوص القانونية، واستغلال الثغرات الممكنة فيها من أجل تجنب أداء الضرائب بشكل كلي أو جزئي، عبر آليات وأدوات تقنية لا تهدف إلى خرق النصوص المعمول بها، كما يؤثر على مجموعة من المجالات الحيوية التي تشكل الركيزة الأساسية للدولة.
ولا يتوقف معاناة بلادنا من التهرب الضريبي عند المستوى السالف الذكر، بل يتعداه إلى التضليل وتشويه الحقائق وتقديم معلومات خاطئة حول النشاط الذي يقوم به المكلف بالضريبة إلى جانب تغيير طبيعة المواد المستعملة في الإنتاج عبر عدة آليات تقنية ثم التظاهر بالخسارة وعدم تضمين رقم الأعمال المحقق من خلال تقديم معلومات وحسابات خاطئة لإدارة الضرائب.
والأشد من ذلك هو أنه يوجد من يتباهي حينما يتهرب من الضريبة، وهذا غير صحيح لأن المواطن الصالح هو الذي يؤدي واجباته الوطنية بكل فخر واعتزاز ومسؤولية، ويقول البروفيسور والخبير الاقتصادي اليمني سيف العسلي: "إن الضريبة تعني المواطنة، ومواطنة الفرد لا تقاس إلا بما يدفعه من ضرائب".
ولذلك ينبغي تحسين جودة صياغة النصوص القانونية وملاءمتها مع الواقع الاقتصادي والاجتماعي للدولة، وضرورة تجنب المشرع للنقل الحرفي للنصوص المستوردة من الدول الأخرى حيث أثبت الواقع على أن بعض النصوص لا تتماشى مع واقع المجتمع اليمني.
كما يجب محاربة الفساد الإداري الذي تعاني منه الإدارة اليمنية بشكل عام، وذلك بمحاربة الرشوة والفساد الإداري وإخضاع الكل للضريبة استنادا إلى مبدأ العدالة الضريبية، والتشديد على تضريب القطاع غير المهيكل الذي أثبت بدوره على أن مجموعة من المنشآت الاقتصادية والأشخاص الذين يعملون تحت مظلته ثروات ضخمة نتيجة إفلاتهم من الضرائب التي تحرم منها الدولة.
ويعرف التهرب الضريبي بأنه ضياع موارد مستحقة وتخلف عن معايير الحوكمة تعد الضريبة وسيلة مالية تستخدمها السلطات العامة لتحقيق أغراضها، فهي انعكاس للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في المجتمع الذي تفرض عليه، وهي الينابيع التي تستقي منها الدولة الأموال اللازمة لسد نفقاتها العامة..
التهرب الضريبي
غير أن المكّلف بالضريبة لم يصل إلى التجرد من أنانيته بصورة كاملة بحيث ينظر إلى الالتزام بدفع الضريبة على أنه واجب مقدس، لذا فإنه من الطبيعي أن نتوقع من جانب المكّلفين بدفع الضريبة رد الفعل الذي يأخذ صورة الدفاع عن مصالحهم، وذلك إما بتفادي الضريبة كليًا أو على الأقل بالتقليل من نطاق الاقتطاع الضريبي المفروض عليهم، ومن هنا نشأت ظاهرة"الّتهرب الضريبي" أو الإفلات من الضريبة..
وفي اليمن تمتنع الشركات اليمنية المساهمة والمغلقة عن إعلان أرباحها السنوية باستثناء البنوك، تخوفا من الالتزامات الضريبية التي تصل إلى 41.1 بالمائة من إجمالي الضرائب الواجب سدادها من الأرباح، كإحدى أعلى النسب الضريبية عالميا بحسب البنك الدولي.
وقال عدد من الاقتصاديين إن عدم إعلان الشركات اليمنية لأرباحها السنوية يعد دليل خلل يعيشه الاقتصاد اليمني، كما يضعف مواقف الشركات اليمنية المالية خارجيا، ويستغرب مدير عام جمعية الصناعيين اليمنيين علي المقطري، عدم إعلان الشركات اليمنية لأرباحها، مؤكدا أن ذلك يؤدي إلى ظلم المساهمين الصغار في هذا الشركات، ويضعف موقفها المالي في تعاملاتها الخارجية..
ويعزي الدكتور طه الفسيل، أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء، عدم إعلان الشركات اليمنية لأرباحها إلى سببين رئيسيين، الأول: حجم الشركات اليمنية المساهمة ضعيف، الأمر الذي يؤدي إلى أنها لا تهتم بإعلان الأرباح، ومعظمها شركات عائلية محدودة تعتبر قضية الأرباح شأنا داخليا..
والثاني بحسب الفسيل: خوف شركات القطاع الخاص من الضرائب يؤدي إلى عدم إعلانها للأرباح، حيث تصل ضرائب الأرباح سنويا إلى 35 بالمائة. من جانبه طالب مدير عام الاتحاد العام للغرف التجارية الصناعية الدكتور محمد الميتمي بإنشاء سوق للأوراق المالية لتحريك كثير من الأموال، والمدخرات الحبيسة في البنوك.
فيما يقول الأكاديمي علي اليدومي: إن اليمن تأخرت كثيرا في إنشاء سوق الأوراق المالية، مؤكدا على أصحاب القرار " البنك المركزي، وزارة المالية، وزارة التخطيط والتعاون الدولي، سرعة إنشاء سوق للأوراق المالية في اليمني، مشيرا إلى أن ذلك سيشكل فرزا طبيعيا للشركات النظيفة والتي تتمتع بمركز مالي قوى، وتلك التي تعمل بطرق غير مشروعة..
ويتفق معه الدكتور طه الفسيل، في أن وجود سوق للأوراق المالية في اليمن سيساعد على قيام الشركات بإعلان أرباحها السنوية، ومن جهته كشف رئيس مصلحة الضرائب السابق أحمد غالب أن 80 في المائة من الشركات تتهرب من دفع ضرائب الدخل بتقديم كشوف غير صحيحة عن أرباحها السنوية، مؤكدا أن ما تدفعه تلك الشركات من ضرائب الدخل لا يمثل25با المائة من أرباحها الحقيقية.
وقال إن استمرار التهرب يؤدي إلى خلل في الاقتصاد اليمني، كما يضعف مواقف تلك الشركات المالية في تعاملها خارجيا، ويعوق إنشاء سوق الأوراق المالية التي تتطلب الشفافية، وأرجع عدم إعلان الشركات الخاصة أرباحها إلى تخوفها من الضرائب التي تصل سنويا إلى 35 في المائة. كما أن حجم الشركات اليمنية المساهمة ضعيف ومعظمها شركات عائلية محدودة تعتبر قضية الأرباح شأنا داخلياً.
اختلالات وتجاوزات

وكشف تقرير رقابي حديث عن العديد من الاختلالات والتجاوزات التي تحول دون تطوير القطاع الضريبي وتساهم  في اتساع حجم التهرب الضريبي, لافتاً إلى أن حصيلة الإيرادات الضريبية في الهيكل العام للموازنة العامة للدولة لا تُمثل سوى نسبة 10٪.   
وهذا الأمر يشير إلى اعتماد الموازنة شبه الكلي خلال الأعوام السابقة على العائدات النفطية لتمويل الإنفاق العام وهو ما يشكل احد  ابرز الاختلالات الهيكلية في الموازنة العامة للدولة  يضاف إلى ان التقرير أشار إلى عدد من الاختلالات والتجاوزات المتعلقة باليات التحصيل و الربط الضريبي أو إنجاز الإقرارات الضريبية والملفات المتراكمة من عام لآخر لآلاف القضايا الضريبية .    
وتكشف تقارير جهاز الرقابة عدم وجود أدلة فنية متطورة تحكم إجراءات وأعمال المحاسبة والربط والتحصيل الضريبي والمنازعات الضريبية.. حيث سمح ذلك بالاجتهاد والتباين في النتائج مما يساهم في إيجاد بيئة تسمح بإظهار النتائج على غير حقيقتها وتساعد على التهرب الضريبي.
وهذا الأمر تزداد خطورته في ظل غياب معايير للتدقيق وقواعد محاسبية وطنية ملزمة تتسق مع القواعد والمعايير الدولية تحكم قياس واثبات المعاملات في الدفاتر والإفصاح عن المعلومات المحاسبية وتحديد مسؤوليات مدقق الحسابات.  
 ويشير جهاز الرقابة إلى ان الحصيلة الضريبية المحققة لم تتمكن من تعويض النقص المترتب عن انخفاض عائدات النفط سواء في تضييق الفجوة بين الموارد والاستخدامات أو في تقليص العجز الصافي البالغ 506  مليارات ريال.
ولفت الجهاز في أحدث تقرير له صدر العام الماضي، إلى أنه بالرغم من تواضع الحصيلة الضريبية مقارنة بالمجتمع الضريبي والطاقة الضريبية المتاحة إلا أنها تركزت في عدد محدود من المكلفين ومن مؤشرات ذلك تركز حصيلة الضرائب المباشرة في ضريبة الدخل والأرباح المحصلة من وحدات الجهاز الإداري للدولة والوحدات الاقتصادية للقطاعين العام والمختلط والتعاوني بما نسبته 65٪ من إجمالي حصيلة الضرائب المباشرة.
بينما المحصل من القطاع الخاص التجاري والصناعي لم يتجاوز ما نسبته 35٪ وتركزت حصيلة ضريبة أرباح شركات الأموال بما نسبته 50٪ منها في عدد 11 مكلفاً أي كبار المكلفين مقارنة بالحصيلة من جميع مكلفي هذا القطاع.
وفيما يتعلق بضريبة المرتبات على العاملين بالقطاع الخاص تركزت في المحصل على  العاملين 22 شركة من شركات الأموال والأشخاص والأفراد بما نسبته 48% من إجمالي الضريبة المحصلة من مكلفي هذا القطاع.   
وبخصوص ضريبة المبيعات التي أثارت جدلا كبيرا بين القطاع الخاص والحكومة اليمنية خلال السنوات الماضية تركزت المحصلة منها على الوحدة التنفيذية لكبار المكلفين في عدد 31 مكلفا بمبلغ 35. 2مليار ريال بنسبة 72٪ من إجمالي ضريبة المبيعات المحصلة من جميع المكلفين المقيدين في الوحدة التنفيذية البالغ عددهم 1257 مكلفاً.
وأظهرت بيانات الوحدة التنفيذية لكبار المكلفين عدم وجود أرباح حصلت مكتبيا لعدد كبير من مكلفي ضرائب الدخل والأرباح التجارية والذين حجم أنشطتهم التجارية والصناعية كبيرة ومتعددة ، بالإضافة إلى أن عدداً كبيراً من كبار مكلفي ضرائب الدخل والأرباح كانت ضريبة المرتبات والأرباح التجارية المحصلة منهم مكتبيا بمبالغ ضئيلة إذ لا تتناسب مع حجم أنشطتهم.  
واشار التقرير الى ان العبء الضريبي للحصيلة المحققة بلغت ما نسبته 6. 7٪ من الناتج المحلي الإجمالي بنقص نقطتين مقارنة بالنسبة المستهدفة في البيان المالي لمشاريع الموازنات أو وبالطاقة الضريبية المتاحة والمقدرة بـ 19٪، وأكد التقرير وجود قصور في عمليات المحاسبة والربط والتحصيل الضريبي على نحو يسمح بالتهرب الضريبي.
الربط الضريبي
ومن المظاهر التي وقف عليها التقرير بلوغ عدد الإقرارات الضريبية المقدمة 227. 940 إقراراً بما نسبته 31٪ مقارنة بالمستهدف وكذا إتمام أعمال المحاسبة والربط  الضريبي لعدد 114. 465 مكلفاً بنسبة 24٪ من إجمالي المستهدف انجازه البالغ 476. 832 مكلفاً، في حين بلغ عدد المكلفين الذين تم محاسبتهم وفقاً لحسابات منتظمة 1042 مكلفا وبنسبة تقل عن 1٪ من إجمالي عدد المكلفين الذين تم إجراء المحاسبة والربط الضريبي لهم.   
وأوضح التقرير أن ملفات التهرب الضريبي المعدة بلغت عدد 2. 428 ملفاً بما نسبته 36٪ من إجمالي الملفات المحالة للإدارة الضريبية  في حين بلغ عدد الملفات التي تم انجازها من  قبل لجان الطعن 228 ملفًا وبنسبة 30٪ مقارنة بعدد الملفات المحالة لها وهو ما فاقم التراكم الضريبي من عام لأخر، في ظل عدم قيام الإدارة الضريبية باتخاذ الإجراءات الكفيلة بمعالجة وإنهاء حالات التراكم حيث بلغ عدد ملفات حالات التراكم 193. 056 ملفاً.
وأرجع التقرير ذلك إلى غياب الدور الفني المعني بوضع وتطوير إجراءات  التحاسب الضريبي لكافة قطاعات المكلفين وغياب برامج المراجعة الفنية في الدورة المستندية المتبعة في تنفيذ إجراءات التحاسب الضريبي ترتب عليه محدودية قابلية نتائج التحاسب للرقابة والضبط الداخلي.
وظيفة محفزة
وتشكل الضرائب وظيفة محفزة للنمو الاقتصادي وهذه الوظائف التي تم ذكرها يمكن أن تتأثر بمجموعة من العوامل المختلفة التي تقف عائقا من تحقيق النتيجة المتوخاة منها، وبهذا فالضريبة أضحت تشكل ثروة هامة بالنسبة لليمن التي تعتمد عليها، ثم أداة فعالة تساهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلد،ويقصد بالتهرب الضريبي التخلص بوسيلة ما من الالتزام بأداء الضريبة كلا أو جزءا.
وعليه نجد هناك مجموعة من الجرائم التي يكون موضوعها الضريبة ومن بينها التهرب الضريبي، هذا الأخير أضحى يشكل محطة اهتمام جميع الدول، نظرا لخطورته والمتمثلة في تنوع وتعدد التقنيات المستعملة لارتكابه، ثم الآثار السيئة التي يخلفها على الموارد المالية التي يعمل على تقليصها واستنزافها بشكل كبير، الأمر الذي ينعكس أيضا على السياسة الاقتصادية والاجتماعية للدولة التي تعتمد على الضرائب بشكل كبير ضمن الموارد العامة.
ذلك نجد مجموعة من الانعكاسات الأخرى التي يتسبب فيها التهرب الضريبي مثل عدم التحقيق الفعلي للموازنة العامة للدولة بحكم أن الإيرادات الضريبية تمثل الباب الأول من الموارد ، وانتشار البطالة والفقر ثم مساهمته في التوزيع الغير العادل للدخل والثروات بين مختلف مكونات المجتمع.
واليمن أصبح يعاني من عجز دائم على مستوى الموازنة العامة نظرا لعدة أسباب من بينها التهرب الضريبي الذي يساعد على تقليص حجم الموارد، سواء كان هذا التهرب على مستوى الضرائب المباشرة التي يخلفها التهرب الضريبي كفعل يسعى إلى التحايل على النصوص القانونية، واستغلال الثغرات الممكنة فيها من أجل تجنب أداء الضرائب بشكل كلي أو جزئي، عبر آليات وأدوات تقنية لا تهدف إلى خرق النصوص المعمول بها، كما يؤثر على مجموعة من المجالات الحيوية التي تشكل الركيزة الأساسية للدولة.
والتهرب الضريبي عانى منه اليمن كثيرا ، كما أنه يسعى إلى التضليل وتشويه الحقائق وتقديم معلومات خاطئة حول النشاط الذي يقوم به المكلف بالضريبة إلى جانب تغيير طبيعة المواد المستعملة في الإنتاج عبر عدة آليات تقنية ثم التظاهر بالخسارة وعدم تضمين رقم الأعمال المحقق من خلال تقديم معلومات وحسابات خاطئة لإدارة الضرائب، هذه العوامل تؤثر بشكل أو بآخر على السياسة الاقتصادية اليمنية التي كانت ولا تزال تعاني من عجز على مستوى الموازنة العامة.
بل هناك من يتباهي حينما يتهرب من الضريبة، وهذا غير صحيح لأن المواطن الصالح هو الذي يؤدي واجباته الوطنية بكل فخر واعتزاز ومسؤولية، عوض اللجوء إلى التهرب من هذه الواجبات، إلى جانب ذلك يجب محاربة الفساد الإداري الذي تعاني منه الإدارة اليمنية بشكل عام، وذلك بمحاربة الرشوة والفساد الإداري واخضاع الكل للضريبة استنادا إلى مبدأ العدالة الضريبية.
القطاع غير المهيكل
كذلك التشديد على تضريب القطاع غير المهيكل الذي أثبت بدوره على أن مجموعة من المنشآت الاقتصادية والأشخاص الذين يعملون تحت مظلته ثروات ضخمة نتيجة إفلاتهم من الضرائب التي تحرم منها الدولة، وينبغي تحسين جودة صياغة النصوص القانونية وملاءمتها مع الواقع الاقتصادي والاجتماعي للدولة، إضافة إلى ضرورة تجنب المشرع للنقل الحرفي للنصوص المستوردة من الدول الأخرى حيث أثبت الواقع على أن بعض النصوص لا تتماشى مع واقع المجتمع اليمني..
وحسب الباحث عبداللطيف علي صيفان، ذكرت بعض الاحصائيات بان عدد ملفات التراكم حتى العام قبل الماضي، لدى مصلحة الضرائب اليمنية بلغة ( 166.283) ملف ضريبي لم يتم البت فيها للسنوات السابقة .هذه العدد الكبير من ملفات التراكم من وجه نظري يعتبر مؤشراً خطيراً من عدة اوجه: الاول على ضعف الإجراءات الفنية المتبعة . الثاني القصور التشريعي بالقوانين الضريبية . الثالث عجز الادارة الضريبية على دراسة و معرفة اسباب هذه المشكلة وايجاد الحلول العملية لها .
رغم تعاقب القيادات المتتالية على وزارة المالية ومصلحة الضرائب الا انهم لم يبدوا الاهتمام الكافي لمثل هذه الحالات الخطيرة من حالات ضياع المال العام كما ان الادارة الضريبية لم تبذل الجهد الكافي ايضا لمواجهة هذه المشكلة التي ستظل تدور في دائرة مغلقة لا نهاية لها .
علما بانها تكبد خزانة الدولة عشرات المليارات فضلنا على انها تعكس عدم الامتثال الضريبي وحجم التهرب الضريبي الكبير و الذي تتحمل الجزاء الكبير منة قيادة مصلحة الضرائب بسبب غموض التشريعات الضريبية والإجراءات المعقدة التي تمارسها اضافة الى عدم تطبيق العقوبات الرادعة للحد من التهرب الضريبي .
اسئلة تحتاج إجابات
والأسئلة التي تبحث عن اجابة: ماهي اسباب التراكم ؟ ولماذا بلغت الى مثل هذا الحد ؟ ثم ماهي الإجراءات التي اتخذتها مصلحة الضرائب في مواجهة هذه المشاكلة ؟ وماهي رؤيه المصلحة لحل مسألة التراكم ؟ وهل اتخذت مصلحة الضرائب إجراءات ناجحة لحل هذه المشكلة من قبل؟ ثم من المتسبب فيها ؟ هل هي الادارة الضريبية ام المكلف بدفع الضريبة ام الاثنان معا؟..
اسئلة مهمة تحتاج الاجابة عنها من قبل قيادة وزارة المالية ومصلحة الضرائب والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة كون هذه الجهات هي المعنية والمختصة في مثل هذه الحالات . ولكن الذي ينبغي قوله اننا جميعا مسؤولون عن التهرب الضريبي و عن حالات التراكم الكبير بمعنى اخر بان مصلحة الضرائب والمكلفين بدفع الضريبة والمواطنين والدولة كلهم مسؤولون بطريقة مباشرة وغير مباشرة والمسئولية الاكبر تقع على القائمين والمشرفين على تطبيق القوانين الضريبية والجهات الرقابية المشرفة عليهم .
ان خسائر التهرب الضريبي بالمليارات لا تمثل خسارة فقط لإيرادات الدولة في أمسّ الحاجة إليها، ولكنها تعتبر تهديد للعدالة الضريبية التي هي مبدا اصيل من مبادى الضرائب حيث من غير المنصف بفرض وتحصيل الضريبة من شريحة معينة من المجتمع والشريحة الاخرى تتمتع بالتهرب الضريبي والادارة الضريبية تساعدهم من خلال تجاهل هذه الاعداد المهولة من ملفات التراكم .
وهذه الايرادات كان من المفترض ان تستفيد منها الدولة في عملية التنمية والاصلاح والتطوير ويستفيد منها الوطن والمواطن من خلال الخدمات الاجتماعية والتنموية وخلق فرص العمل الجديدة للشباب ورفع الدخول والمرتبات لموظفي الدولة والمستفيد.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24