الخميس 25 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
نحن ازاء قراءة وتقديم في كتاب: "قراءة بصريّة في الفن التشكيلي التونسي" للكاتب والتشكيلي العراقي سمير مجيد البياتي - د.عواطف منصور
الساعة 13:41 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


 


في البداية وقبل تقديم الكتاب وما جاء فيه نقدّم لمحة عن كاتب الكتاب:
سمير مجيد البياتي متحصل على دبلوم معهد الفنون الجميلة ببغداد لسنة 1986. هو عضو في العديد من الجمعيات الدوليّة والتونسيّة على غرار الهيئة الادارية في منتدى التشكيليين الشبان بالعراق، عضو مؤسّس لجماعة الأصدقاء العراقيين، عضو نقابة الفنانين العراقيين، عضو في نادي القصة، كاتب عام في البيت الثقافي العراقي التونسي وغيره... ويشغل حاليا خطة خبير في الفن التشكيلي في منظمة الألكسو بتونس.
 

إنّ البياتي قبل أن يكون كاتبا فهو فنان تشكيلي بالأساس له العديد من المعارض والمشاركات الفنيّة ففي رصيده حوالي 8 معارض شخصيّة فضلا عن مشاركاته المتعدّدة في المعارض الجماعيّة سواء ببلده الأم العراق أو ببعض الدول العربيّة وبتونس على غرار المعرض التكريمي لبابلو بيكاسو وخوان ميرو، معارض التشكيليين الشبان، معرض جماعة الأصدقاء، المعرض السنوي لاتحاد الفنانين التشكيليين، المعرض السنوي لرابطة الفنانين التشكيليين وله أيضا مشاركات عديدة في المهرجانات والمحافل الفنيّة من ذلك المشاركة في بينالي تونس للفن العربي المعاصر، الأيام المتوسطية للفن التشكيلي والملتقى الدولي للفنون التشكيليّة بتونس وغيره...
 

إنّ رصيد الفنان الإبداعي والثقافي والفني لم يتوقّف عند حدود الكتابة وممارسة الرسم والمشاركة في المعارض بل إنّه أيضا غنم من عالم التصميم فقد شغل منصب مصمّم في مجلة علوم في العراق وكذلك مصمّما في ميديا قروب للدعاية والاعلان بالأردن كما صمّم شعارات لفنادق باليمن وشغل خطة مهندس للديكور في فندق رمادا حدة بالأردن ورسم وصمّم أغلفة كتب وقصص للأطفال ولدواوين لعديد الشعراء.
 

إنّ ضيفنا العراقي التونسي متعدّد المواهب من فنان وكاتب ومصمّم الى شاعر ونحن نعلم علم اليقين ان الرسم فيه من الشاعريّة ما يجعل الفنان شغوفا لأن يكتب قصيدة حول فنّه ولعله حال البياتي هنا. الكاتب والفنان اذا هو مبدع ملمّ بجلّ حقول الإبداع فنجده يشارك في الأمسيات الشعريّة وهو ايضا مستشار في نادي الشعر اليمني وله اصدارات في هذا الشأن منها "عودة جلجامش المنتظر" و "ومضات متلألئة".
 

إنّ هذا الرصيد المهمّ من الإبداعات قد جعل الفنان يجني العديد من الجوائز والشهادات التقديريّة منها جائزة مهرجان الواسطي و شهائد تقديرية من مكتب السياحة أمانة بالعاصمة ومن عدّة جهات أثنت على مشاركاته الفعالة معها.
 

سمير البياتي إذن هو صاحب حنكة في الكتابة والنقد والتحليل لم تكن وليد صدفة بل إنّه اكتسبها من عمق التجارب والاختصاصات والمهن التي خاضها وامتهنها فقد تميّزت لغته بتشكيليّة عميقة تجاوزت المعنى الظاهري للوحة لتتغلغل في دواخلها فحدّثنا عنها بأسلوب السيميائيين كيف لا يكون كذلك وهو ابن الاختصاص والشغوف به.
 

قد يظهر حديثي إطنابا في شخص الرجل ولكنها حقيقة اكتشفتها من خلال هذا المؤلّف الذي أخذتني الصدفة وحب الفن وصداقتي بالدكتور مصطفى المدايني لأن أكون مقدّمة له وأتمنى أن قد وفّقت في  ذلك.
 

 

نستهلّ تقديمنا للكتاب بمقدمة عن الكتاب ووصفٌ عام وأهمّ ما جاء فيه:
 جاء الكتاب في 254 صفحة مع غلاف أنيق من تصميم الكاتب نفسه وقد  زوّقه من الواجهة بجملة من الأعمال الفنية المختلفة  التقنيات والمواد لجملة من التشكيليين أمّا الخلفيّة فقد ضمّنها الكاتب موجزا من سيرته الذاتيّة مع صورة شخصيّة له وكذلك مجموعة من الأعمال الفنيّة، وقد اختار الكاتب عنوانا يشير حتما إلى فحوى الكتاب ومضمونه "قراءة بصريّة في الفن التشكيلي التونسي".  
 

 يبدأ المؤلف كتابه بإهداء إلى زوجته الفنانة التشكيليّة سلاف مبروك البياتي يعبّر من خلاله عن دورها المهمّ في معرفته وتغلغله في أعماق الفن التونسي وأمكنته وهو شيء محمود نثني عليه في اعتراف الرجل لزوجته وكأننا به يؤكّد تلك المقولة "وراء كل رجل عظيم إمرأة عظيمة".
 

وفي مقدّمة الكتاب يعبّر الكاتب عن أوّل محطاته في تونس وتعرّفه إلى الفن التونسي وكان ذلك من خلال أوّل مقالاته التي نشرت في جريدة "المغرب" التي كانت بدايتها بتاريخ 21-9- 2012 ضمن العدد 331، ويذكر أنّ علاقته قد تطوّرت مع الفن التونسي وفنانيه من خلال كتاباته عن الفنانين التونسيين وكذلك من خلال ريادته للمعارض والمهرجانات الفنيّة ومشاركته فيها".
 

وعن بداياته في التعرّف إلى الفنانين وقاعات العرض والمهرجانات الفنيّة يذكر الكاتب أنّ رفيقة دربه وهي زوجته كانت مفتاحه لولوج الأمكنة الفنيّة والتعرّف إلى باقة هامة من الفنانين التشكيلين سواء التونسيين أو العراقيين المقيمين في تونس وحتّى الضيوف الأجانب.
 

وفي هذا الصّدد نجده يذكر ذلك في أسلوب يغزوه المدح المُبطّن  لشخص زوجته فيقول: "وكانت مرافقتي منذ انطلاقة هذه الرحلة الفنانة التشكيليّة التونسيّة سولافة مبروك وقد أنارتني في معرفة الأماكن وسبل الوصول إليها وتولت توثيق لقاءاتي ومعارضي وتنقلاتي وتصويره بمهنيّة فائقة". حتّى أنّ تجواله بين مختلف التظاهرات الفنيّة والمعارض التي كانت تقيمها الرابطة التونسية للفنون التشكيلية واتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين وبعض الجمعيات التي تُعنى بالفن التشكيلي قد ساعده على ذلك أيضا.
 

وقد وقع الكتاب في مقدّمة وعرض لتجربة38 فنانا مع قراءة في لوحاتهم واتجاهاتهم الفنيّة و 15 قراءة  لجملة من المعارض والتظاهرات الفنيّة التونسيّة تنوّعت بدورها بين دراسة لأعمال فنانين أغلبهم من الفنانين الشبان وكذلك من العصاميين عُرضت أعمالهم في معارض وتظاهرات زارها الفنان ورسم لنا من خلال قراءته لها  أهداف فنانيها ورسائلهم الفنية كما حدّثنا عن التيارات والمدارس الفنية التي يتبعونها على غرار فنانين عرضوا أعمالهم في "بانوراما آرت" وفي "تظاهرة ألوان الحريّة"، وفي معرض "حرية الفنان"، "معرض "تنويعات" و "رسامو البلفيدير" وتظاهرة الأيام المتوسطيّة للفنون التشكيليّة" ومقتطفات من المعرض السنوي لاتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين". وفضلاً عن هذه التجارب أنهى البياتي كتابه بكشاف للفنانين التشكيليين  الذين تعرّض لتجاربهم  و أردفه بسيرة ذاتيّة لشخصه جمع فيها بياناته الشخصيّة ومؤهلاته العلميّة وخبراته ومشاركاته في المعارض الشخصية والجماعية ولقاءاته التلفزية والإذاعيّة والجوائز التي تحصّل عليها وأنهى كتابه بفهرس. 
 

يتمحور الكتاب إذن حول قراءة بصريّة لباقة هامّة من الفنانين التشكيليين التونسيين والتعريف بهم من خلال عرض لتجاربهم الفنيّة جاءت في شكل مجموعة من المقالات التحليليّة والنقديّة. وقد لا حظنا أنّ الكاتب عند تحليله لتجارب كبار الفنانين على غرار "الحبيب بيدة"، "المنجي معتوق"، "علي الزنايدي"، "ابراهيم العزابي" و"محمود شلبي" يُسهب في النقد والقراءة وتتسلسل عنده التعبيريّة التشكيليّة وهو ما أظهر عنده الجانب الأكاديمي فالفنان دارس للأساليب والتقنيات ومتمرّس فيها يقرأها في عمقها، في أصلها حتى أنّه يستنطقها من الداخل فيحدّثنا عن الأفكار وعن عمق اللون والخط وانسجامهما معا ومع فكر الفنان وتقنياته. إنّه بذلك يؤكّد على  أهميّة التوثيق لهذه المرحلة الراهنة من حركة الفن التشكيلي التونسي والتعرف على الأجيال الفنيّة ولعلّه الأساس من مؤلّفه هذا.
 

 

وفي نفس السياق مع حديثنا السابق نجده ينطلق في قراءته بتجربة الفنان القديرالحبيب بيدة ليسرد لنا من خلال تجربته آفاقه الإبداعيّة فعنون مقالته ب "الحبيب بيدة، انسجام اللون مع الشكل" وفيه جاء الكاتب على أسلوب الفنان التجريدي المليء بالعوالم الخصبة والذاكرة الطفوليّة وشبّهه بأسلوب جورج براك وكاندنسكي وخوان ميرو ومن هذا المفهوم البصري الذي يقيم عليه كتابه يذهب البياتي إلى وصف ودراسة بعض الجوانب التشكيليّة لمجموعة من اللوحات الفنيّة من ذلك الخطوط والألوان والأشكال... حتّى أنّه يتغلغل داخل اللوحات أحيانا ليقرأ سيمائيّة اللوحة فيستبطن الجلي ويُظهر الخفي ليقرأ المكان والزمان والذاكرة والأماني والأحلام وهو ما بيّنه الفنان في كل من تجارب الفنانين بثينة الجمعي وسليمة غناي ومريم الحيدري ورائدة سعادة وغيرهنّ...
 

اتّخذ الفنان من التجارب الفنيّة الرائدة في تونس ولا سيما لكبار الفنانين علي غرار الفنانين "بيده" و"علي الزنايدي" إطاراً منهجيًا وفكريًا للكتاب فقد حاول في دراسته وقراءته لأعمالهم أن يأتي على جماليات اللوحة وعلى بنيتها وتركيبتها فحدّثنا عن اللون والخطوط والتقنيات والمواد المتعدّدة على غرار قلم الرصاص والزيت والباستيل والأكريليك وغيره... وجاء على أسلوب الفنان التعبيري والذي وصفه بالسردي والمتسلسل باعتباره يطرح في أعماله الفنيّة حياة الناس ومشاغلهم في الصحراء والمدينة والعروبة وقد شبّهه في بعض اعماله بالفنان البلجيكي بيتر بروجيل خاصة عند رسمه للمدينة وللشخوص التي ترتاد الأسواق.
 

يدرس البياتي لوحات الفنانين دراسة سيميائيّة تتغلغل وتتعمّق في دواخل اللوحة لدرجة أن الكاتب وهو فنان بالأساس لم يترك كبيرة ولا صغيرة إلاّ أتى عليها فهو يقرأ الأسلوب ويشبّهه بأساليب اعلام التشكيل العالمي فيقرأ اللون والخط والشكل والحركة والمعنى والجمالية بمستوى عالي وإن دلّ ذلك على شيء فهو يدلّ على ثقافة الفنان وتعرّفه الحق والعميق بالفنانين وأساليبهم وحتى أفكارهم وتوجهاتهم الفنيّة
 

ولعلّ ذلك هو هدف الفنان من تأليف هذا الكتاب فقد وضح ذلك منذ العنوان وهو دراسة ووصف بعض الجوانب البصريّة للوحات التشكيليين التونسيين.
نجد أن البياتي لا يستثني في كتابه التجارب المعاصرة التي ترتئي البرمجيات الحديثة في ممارستها على غرار سناء  طمزيني التي تشتغل على التوثيق الفوتغرافي باعتبار أعمالها لا تعرض على الجدران ولا تقتنى على حدّ تعبير الكاتب ولكنّها تؤسّس للفن المفاهيمي وتجربة سوسن بلحاج في الخزف المعاصر التي وصفها الكاتب بالسيراميك التكنولوجي. 
 

 

أبرز الكاتب الفنان من خلال قراءته بعض الجوانب الإيديولوجيّة كذلك لجملة من الممارسات التشكيلية التي انبنت على أساس فكري في مستويات عديدة  من ذلك تجربة "لمياء عمارة" العنيفة والغاضبة والصادمة أحيانا وسلمى حاجي ولطفي الغرياني في فن الفوتغرافيا وغيرهم كثيرون من فنانين شبان...
 

قدّم كذلك  تجارب تشكيلية جمعت في ممارستها الفنيّة بين الواقعية والتجريدية والتكعيبيّة  والتعبيريّة والإخراج الفني المبهر والبحث السريالي على غرار صادق الطويلي وعبد الستار العبروقي وجماعة بانوراما  آرت التي أثارت إعجاب الفنان فقال عنها: "هذه إطلالة على بعض الأعمال المعروضة وهناك الكثير الكثير يحتاج الى التأمل والقراءة ولكل لوحة لها قصة او حكاية...شكرا لهذا الكرنفال اللوني الكبير المبتهج وجميل ان يوثق بكتيب قد احتوى كافة الأعمال المعروضة بإخراج وطباعة فاخرة إنه سجل يعتز به الفنان في تثبيت مرحلة من تاريخ السفر الفني التونسي."
 

نجد البياتي يُشبّه العديد من الفنانين التشكيليين بكبار الفنانين والأعلام من ذلك تشبيه حبيب بيدة بجورج براك وكاندنسكي وخوان كما شبّه علي الزنايدي بالفنان البلجيكي بيتر بروجيل ونجده يشبه كذلك محمد شلبي بفيكتور هيجو تونس وقال عنه إنّه أكثر عتمة من رامبرانت فهو يدخل العتمة في نفوس شخوصه ويدخلنا الكاتب الفنان بدوره في غوغاء اللون الداكن لنقرأ مكنون الأشكال ونغوص في هموم الفنان.
 

حدّثنا كذلك عن التشكيلي القدير علي الزنايدي وجمعية البلفيدير وتقاليدها في رسم الطبيعة وانفتاحها على المدرسة الانطباعيّة وعن أهدافها ومعارضها وحدّثنا عن ابراهيم العزابي ومرواحته بين التجريديّة والواقعيّة فقال عنه إنه فنان يخلق أجواءه بسحر المفردات وعن انتقاله بين المتاحف العالمية وعن افكاره التنويرية في التسويق للوحات من خلال المزاد العلني للوحات وحدّثنا عن تأثره بالمدرسة الشكليّة
 

جاء الفنان في كتابه على عديد التجارب الفنيّة المهمّة ذات التكوين الأكاديمي والتي يستفيد منها قارئ الكتاب كثيرا فهي متعدّدة المناهل الفنية ومتنوّعة التقنيات من ذلك تجربة الفنان منجي معتوق التي وصفها بالحفر في اللون أو الألوان التي تنحت في السطح فالفنان يشتغل على عمق اللوحة والكتلة  وهو رسام يرسم دون أن يفسر في حين أفسح لنا الكاتب عن مضامين الفنان وكشف لنا عن عوالمه التي ترسم الحياة والموت تحت طائلة اللون وحسبه ذلك.
 

كذلك تحدّث وأسهب كثيرا في مؤلّفه هذا عن اللون وجمالياته في ملئ الفضاء وتناغمه مع الأشكال والتقنيات والمواد في رسم الشخوص وشفافيته في نقل التعبيرات على غرار تجربة مراد الحرباوي، المنجي معتوق، عبد الحميد عمار، سارة بن عيسى، وهيبة الشهيبي وغيرهم كثيرون...
ولم يثنيه تجوّله بين المعارض وتعرفه الى الفنانين عن موافاته لمجموعة من التظاهرات الفنيّة على غرار تظاهرة "الفن من صعدة لصعدة" الذي جمع الصورة مع الكلمة والحركة حتى أنّه لم يهمل في كتابه الإبداعات الطلابيّة التي وصفها بأنها جادّة وجيّدة ولعلّه بنى هذا الرأي أو الوصف على قول وحكم الفنان المنجي معتوق حولها.

 

المُلاحظ أيضا في هذا الكتاب أن الفنان اهتمّ كثيرا بالإنتاجات الفنيّة النسويّة فذكر العديدات وحاول أن يستقري ما استبطنته لوحاتهن او ممارستهن الفنيّة فجادت قريحته في كشف مكنون عوالمها فباح لنا بأسرارها نذكر على سبيل الذكر لا الحصر تجربة سعاد ماني وفن اللحظة الحامل لإيديولوجيتها وعن تجربة "الخطيرات القادمات" وصفها بالمهمة في طرح افكار شباب اليوم  وهو ما ذهبت اليه اميرة التركي في تجربتها والذي قرأه الكاتب في دلالاتها السياسية المطروحة رغم ان الكاتب أنكر ضلوعه في السياسة. 
 

ومن الجدير بالذكر أنه نوع في شواهده بين أنواع مختلفة من الفنون لنجد على سبيل الذكر لا الحصر الرسم والنحت والخزف والتصوير الفوتغرافي والفن المفاهيمي وغيره... إلى جانب تأكيده على حب الفن والفنانين والتغلغل في عالم الفن الدفين لينفتح على عوالم الفنانين وقراءة ابداعاتهم.
وقد أنهى الفنان كتابه بمقتطفات من التجارب التي عرضت في المعرض السنوي لاتحاد الفنانين التشكيليين التونسين ومعرض تنويعات ومعرض لمسات قفصية ولمحة عن أعمال حنان دربال ومحمد فنينة ولطفي عنون فحدثنا من خلال كل ذلك عن تناغم اللون مع الكلمة وعن الرسم دون قيود وعن النحت في اللون وعن تداخل الالوان مع الحركة في شفافيّة وانسجام وعن التجريد وعوالمه. 

 

وفي الأخير وبعد هذه القراءة والتقديم لهذا الكتاب أريد أن أثني على المجهود المحمود للفنان التشكيلي والكاتب سمير البياتي وأهنئه على هذا الإنجاز التشكيلي المهمّ وإنّنا نعلل سبب اختياره ا لموضوع الكتاب لخلوّ الساحة التونسيّة من مثل هذه الموضوعات في الوقت الذي حَظِيت فيه موضوعات أخرى باهتمام كبير من قبل الأوساط الثقافيّة التونسية.

 
اجمالا تميّز الكتاب  في مجمله بمنهجيّة واضحة رسم البياتي خطوطها العامّة في قراءته الوصفيّة والسرديّة والسيميائيّة لكلّ تجربة صاغها والتزم بتطبيقها على كل التجارب الأخرى في كتابه ولعلّه التزام التزم به المؤلف منذ البداية كما برز الجانب الأكاديمي عنده في عملية التحليل والدراسة التي ابتعدت عن السطحيّة والفراغ وجمعت بين اللغة التشكيلية الثرية والقاموس الفني والدراية بالمدارس الفنية المختلفة وأساليبها.

 

غير أنّني في الأخير لي مؤاخذة هي في سبيل النقد البناء أو اللوم وهي أنني تمنيت أن يأتي الكتاب في مجمله على التجارب الفنية التونسيّة لفنانين تونسيين نهجوا الحداثة والمعاصرة في أساليبهم الفنية ولهم باع في الساحة الفنيّة التونسية الراهنة على غرار سامي بن عامر، الهاشمي الجمل، سمير التريكي، محسونة السلامي، محمد اليانقي، نجا المهداوي، عمر كريّم، رشيد الفخفاخ، محمد نجاح، بوجمعة الطرابلسي، فدوى دقدوق، نادية الجلاصي، فاتن شوبة، سناء الجمالي، نعمان قمش وغيرهم كثيرون وذلك حتى نستفيد ويستفيد الباحثون في الماجستير والدكتوراه من تجاربهم وحتى يستفيد من تجاربهم فأغلب الباحثين يجدون صعوبة في ايجاد المراجع المختصّة في الفن التشكيلي التونسي بعض التجارب التي أتيت على ذكرها في هذا الكتاب هي تجارب لم تتعدّى حدود المعارض فأغلب الأسماء الشابة خاصة تواجدت ربما امامك في معرض وهي لا تكاد تكون استنساخا عن تجارب كبار الفنانين العالميين فنحن في تونس نشكو قلة التوثيق في الفن التشكيلي التونسي. 
 

أخيرا وليس آخرا شكرا للكاتب وشكرا للحضور الكريم متمنية اني وفقت في قراءة الكتاب وتقديمه.


أستاذة بالمعهد العالي للفنون والحرف، جامعة القيروان

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24