السبت 04 مايو 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
د/عبدالله أبو الغيث
أنا مغتاظ من الحوثي وصالح لكني أرفض التدخل الخارجي
الساعة 17:04
د/عبدالله أبو الغيث


   نعم أنا أكاد أنفجر من الغيظ من تصرفات الحوثي وصالح وتركهم لطاولة المفاوضات في صنعاء وذهابهم للحسم العسكري في تعز وعدن، اعتقاداً منهم أنهم بذلك سيجعلون جميع الأطراف أمام الأمر الواقع، بل ووصل الأمر بهم إلى استخدام الطيران الذي استحوذوا عليه تجاه خصومهم السياسيين شركاء الوطن، وهاهم اليوم يشربون من نفس الكأس ولكن من خارج الوطن.
 

 وقبل ذلك كان غيظي شديداً وأنا أراهم يستحوذون على المعسكرات وينهبونها، ويتعاملون مع المقدرات العسكرية والأمنية للدولة وكأنها قد أصبحت ملكاً خالصاً لهم. وجعلهم غرور القوة يتصرفون مع الآخرين وكأنهم قد صاروا مجرد أتباع لهم وليس شركاء في هذا الوطن.

   غرور القوة لدى جماعة الحوثي دفعهم لتناسي الشراكة التي صدعونا وهم يتحدثون عنها، وخرجوا يفسرون الشراكة على طريقتهم الخاصة بأنها سيطرتهم على المناصب المفصلية للدولة؛ خصوصاً في القطاعات العسكرية والأمنية والرقابية والمالية والإعلامية، فهم المخلصون والبقية مجرد فاسدون وخونة!

   إحساس الحلف الحوثي العفاشي بأنه صار الطرف الأول الذي يحتكر القوة على الساحة اليمنية جعلهم يتصرفون بغطرسة وعنجهية وتعالٍ مع خصومهم السياسيين، ويعتقدون بأنهم أصبحوا قادرين على حسم سيطرتهم على عموم المحافظات اليمنية، شاء من شاء وأبي من أبى، ووصل الأمر بهم إلى قتل المتظاهرين السلميين المعارضين لهم بدم بارد، خصوصاً في تعز الحالمة.

   كانوا يسابقون الزمن لإنجاز تلك المهمة قبل انعقاد مؤتمر القمة العربية والموعد المضروب  للحوار المرتقب بإشراف دول مجلس التعاون الخليجي، ليقولوا للجميع بأن كل شيء قد انتهى، وأنهم قد صاروا سلطة الأمر الواقع في الدولة اليمنية وبدون منازع ولم يعد هناك داعٍ لأي حوار.

   لقد غاب عنهم حساسية الصراع الإقليمي المحموم، رغم معرفتهم بأن الشؤون الداخلية لبلدان المنطقة أصبحت تقاس بمدى تأثيرها على أوضاع الدول الأخرى؛ والمجاورة منها بشكل خاص، بل وخرجوا يهددون ويتوعدون؛ سواء عبر خطاباتهم المعلنة كما يفعل أحدهم، أو من تحت الطاولة كما يفعل الآخر.

   كانوا يعتقدون بصعوبة التدخل البري لقوات درع الجزيرة في اليمن – وهم محقون في ذلك – لكنهم لم يحسبوا حسابهم لقيام حلف واسع ضدهم بهذه السرعة ليمارس الضربات الجوية ضد قدراتهم العسكرية، ممثلاً بعاصفة الحزم التي بدأت عملياتها منذ ليلة أمس الخميس.

   ورغم كل ذلك الغيظ الذي يملأ قلبي وقلب غيري من أبناء الشعب اليمني، لكني أصرخ من هنا بأني أرفض التدمير الشامل لقدرات الدولة اليمنية العسكرية والأمنية، فهي ليست ملكاً للحوثي وصالح، حتى وإن استحوذوا عليها في الوقت الراهن، لكنها ملك للشعب اليمني بأكمله.

   نعم يتحرق قلبي عندما أقرأ أو أسمع خبراً عن تدمير طائرات التحالف (العشري) لمقدراتنا العسكرية والأمنية التي أنفقنا عليها مليارات الدولارات، وعلى حساب رفاهية هذا الشعب وتنميته وخدماته. ورغم سيطرة الحوثي وصالح عليها إلا أننا كنا نؤمل استعادتها منهم في يوم ما.

   باختصار نحن نرفض الظلم الذي مارسه الحلف الحوثي العفاشي ومازال، لكننا أيضاً نرفض كل التدخلات الخارجية التي تتم في اليمن بشكل سلبي، وتريد أن تجعل من اليمن ساحة لتصفية صراعاتها، بغض النظر تمت من إيران أو السعودية، الإمارات أو قطر ، روسيا أو أمريكا أو الدول الأوربية الكبرى وغيرها من الدول.

   نحن نرفض أن تتحدث إيران عن اليمن من منطلق طائفي ومذهبي، واعتبارها أن صنعاء قد صارت العاصمة العربية الرابعة التي تدخل حظيرة نفوذها. ونرفض في الوقت نفسه أن تتعامل السعودية مع اليمن وكأنها بمثابة حظيرتها الخلفية، بحيث تتبع دائماً مواقف الرياض ولا يجوز أن يكون لها مواقفها المستقلة.

   ونطالب من هنا القمة العربية القادمة ومعها مجلس الأمن باتخاذ قرارات حازمة تمنع التدخل الخارجي في اليمن من أي طرف كان، وتلزم جميع الأطراف اليمنية بالعودة إلى طاولة الحوار كشركاء متساوون، من غير استقواء من أحد أو إقصاء لأحد، ففي ذلك المخرج الآمن من طريق الهاوية الذي يكاد يودي بنا نحو الخيار العراقي أو السوري أو الليبي أو حتى الصومالي.

   أخيراً: نسجل إدانتنا هنا بأشد العبارات لما قامت به جماعة الحوثي من إغلاق لبعض القنوات الفضائية والمواقع الإخبارية وتضييقها على وسائل الإعلام وحرية الرأي والفكر، وكان غريباً حجبها لمحرك البحث "صحافة نت" رغم معرفتها بأنه مجرد قارئ أخبار يُنزل مواده من المواقع الأخرى، وهي كانت قد حجبت المواقع التي لا تروق لها، بمعنى أنه لن ينقل الأخبار إلا من المواقع المتبقية.. لكن ما العمل وعقلاء الجماعة يبدو أنهم قد قرروا التنحي جانباً وترك الأمور لأسامة ساري ورفاقه.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24