الثلاثاء 07 مايو 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
د/عبدالله أبو الغيث
هل بمقدور جماعة الحوثي حل حزب سياسي كالإصلاح؟
الساعة 14:22
د/عبدالله أبو الغيث

   تواصل جماعة الحوثي تسريب تهديداتها عن نيتها في حل حزب الإصلاح، وأن القرار قد تم اتخاذه بالفعل، وينتظرون فقط الوقت المناسب لتنفيذه. ولعمري فهذا أمر لم نسمع به إلا في اليمن بلد العجائب، بحيث تذهب جماعة مسلحة لا تحظى باعتراف قانوني حتى اللحظة، وتفتقد لتوصيف يشرعن وجودها على الساحة اليمنية – باستثناء شرعية البندقية – لتهدد وتتوعد بحل أحزاب سياسية معترف بها، وتمارس عملها وفقاً لقوانين الدولة اليمنية النافذة.
 

 نحن هنا لا ندافع عن حزب الإصلاح، ليس فقط لأن الحوثيين لا يمتلكون حق اتخاذ مثل هذا القرار فقط ، ولكن لأن الحوثيين قبل غيرهم يدركون بأن الإصلاح حزب يستعصي على الحل، وحتى لو اعتقلوا كل قياداته بعد حله فأعضاءه يبلغون الملايين، وينتشرون بشكل متوازن في كل الساحة اليمنية من صعدة إلى المهرة – بعكس انتشار الجماعة المنحصر في منطقة جغرافية محصورة – وذلك يعني بأن الحوثيين في حال ما فكروا باتخاذ مثل هذا القرار المتهور إنما سيُخرِجون الإصلاحيين، خصوصاً الشباب، من حالة الجمود التي تفرضها عليهم قيادتهم الحالية إلى حالة ثورية عارمة ترفع شعار "لم يعد هناك من نخاف عليه أو نخشى أن نخسره".

   وبما أن الحوثيين يتقمصون شخصية السيسي ويعتبرونه أستاذهم الملهِم لهم حسب تصريحاتهم العديدة، فسيكون عليهم الاتعاظ من مآلات حظره لجماعة الإخوان المسلمين وحزبهم (الحرية والعدالة)، فها هو السيسي اليوم يدرس السبل الممكنة للتصالح مع الإخوان، بعد أن أدرك بأن الحل الأمني ضدهم والتنكيل الشنيع الذي مارسه تجاههم لم يمنعهم من شل حركة الدولة المصرية وإيقاف عملية تطبيع الأوضاع فيها رغم الانتخابات التي تمت، ولعل عزل وزير الداخلية محمد ابراهيم يوم أمس وتقديمه ككبش فداء وهو من هو، إنما هي خطوة تقدم لإتمام المصالحة بين الجانبين التي بدت شواهدها تظهر على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، خصوصاً بعد أن تبخرت الترويجات التي حاول نظام السيسي وبعض حلفائه في الخليج تعميمها باعتبار الإخوان جماعة ارهابية وأدت إلى مفعول عكسي صب في خدمة التنظيمات الإرهابية الحقيقية.

   فإذا كان ذلك هو حال نظام السيسي الذي يتميز بالتفاف كل مؤسسات الدولة من حوله، ويفرض سيطرته على كل أرجاء الدولة المصرية، ويحظى بدعم مادي خارجي بلغ عشرات المليارات من الدولارات، ويُنظر له في الخارج باعتباره الحاكم الشرعي لمصر. فهل يمكن للحوثيين أن يحققوا ما عجز عنه أستاذهم؟ خصوصاً وهم لا يمتلكون حتى جزء بسيط من الإمكانيات التي توفرت له.. اعتقد بأن الإجابة معروفة وواضحة ولا يجادل فيها إلا مكابر أو مدلس.

   نختتم حديثنا بخصوص الموضوع بالتساؤل عن مواقف الأحزاب اليمنية إزاء هذه التسريبات – بغض النظر عن صحتها من عدمه – فنحن لم نسمع حتى مجرد إدانة من أي حزب، خصوصاً الحزب الاشتراكي الذي ذكرت تلك التسريبات بأن الحوثيين قد ابلغوه مقدماً بخطوتهم تلك، وكان المفترض أن يخرج لنا نافياً أو مؤكداً، مع التوضيح هل هو صاحب الفكرة أم أنه كان مجرد مستشار؟ ولماذا يتم استشارته هو بالذات؟ وماذا كان موقفه من تلك الاستشارة إن كانت كذلك؟.

    والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل سكوت الأحزاب اليمنية عن إدانة تلك التهديدات تجاه حزب سياسي يشاركونه العمل في الساحة اليمنية منذ الإعلان عن قيام التعددية الحزبية بعد قيام الوحدة اليمنية يعبر عن رهبة وخوف صار يملأ القلوب؟ أم أنه يعبر عن رغبة دفينة تجعل أصحابها يتوهمون بأنه سيكون بمقدورهم وراثة مكانة حزب الإصلاح أو حتى جزء منها؟ مع علمهم اليقيني بأن ذلك غير ممكن، وأن الدور القادم سيكون عليهم بالتأكيد، ما لم يتحولوا إلى أوراق كلينكس يحتفظ بها (السيد) في جيبه إلى حين حاجة.

    •    وقفات:
- الوقفة 1: الاتفاقية التي وقعتها شركة طيران اليمنية مع شركة طيران ماهان الإيرانية نصت على أن تسيّر كل شركة (14) رحلة في كل اتجاه، بمعنى أن كل شركة ستسيّر في كل يوم رحلتين ذهاب ورحلتين إياب بين صنعاء وطهران، ما مجموعه (56) رحلة في الأسبوع الواحد للشركتين. وبما أن حركة الانتقال البشري بين صنعاء وطهران محدودة ولا تحتاج أكثر من رحلة وحيدة في الأسبوع فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو، ترى ما الذي ستنقله تحديداً كل هذه الرحلات؟. ثم إذا كانت شركة اليمنية قادرة على تسيير (28) رحلة ذهاب وإياب بين صنعاء وطهران كل أسبوع، فلماذا تعطل رحلات إلى بلدان أخرى بدعوى عدم الإمكانية أو عدم الجدوى؟ مع أنه بإمكانها توزيع الرحلات التي وقعت على تسييرها إلى طهران على (14) بلداً، بمعدل رحلة أسبوعية ذهاب ورحلة أخرى إياب، ولتكن طهران إحدى تلك الوجهات.

- الوقفة 2: أول قرار جمهوري يتخذه الرئيس هادي بعد خروجه من الحصار المفروض عليه في صنعاء إلى عدن تمثل بعزل قائد الأمن المركزي في عدن واستبداله بقائد جديد، وبغض النظر عن اسم القائد المعزول والقائد البديل، والجهات التي يحملون الولاء لها، فإن عجز الرئيس هادي عن تنفيذ هذا القرار في عقر داره سيجعل مًن صفق لخروجه يدركون بأن العجز إنما يكمن في أسلوب عمل هادي وليس في الحصار الذي فرضته عليه جماعة الحوثي، وسيكون ذلك القرار أول قرار يتخذه من عدن وآخر قرار أيضاً. وذلك سيجعل الجميع يتحلقون أمام شاشة التلفاز منتظرين ساعة الإعلان عن خبر القبض على (الرئيس) هادي، لكنه هذه المرة لن يعود إلى قصره، لكنه سيذهب إلى زنزانة في إحدى المعسكرات؛ ومن غير المستبعد أن تكون في نفس مقر الأمن المركزي في عدن.

- الوقفة 3 : شغلتنا بعض المواقع يوم أمس بصور لمحافظ تعز وهو واقف في إحدى الجولات مع بعض الناس والسيارات، وقيل لنا أنه كان يساعد في تنظيم حركة المرور. ونحن نقول من هنا للأخ محافظ تعز ومعه بقية المحافظين في مختلف المحافظات بأن الناس لا ينتظرون منكم أن تنزلوا الجولات لتنظيم حركة المرور أو رفع القمامة من الشوارع... إلخ، بحيث تكون الكاميرات قد سبقتكم إلى هناك لتسجل هذا الموقف (العفوي) وتنشره! الناس فقط ينتظرون منكم أن تُلزموا المسؤولين عن تلك الجهات بأداء عملهم على خير وجه، فتلك مهامهم. وأن تضعوهم أمام خيارين: إما اعتدلت وإما اعتزلت، وسيكون ذلك جيداً إن تم بعيداً عن أعين الكاميرات ووسائل الإعلام.

- الوقفة 4 : الاعتداء الذي تمارسه جماعة الحوثي ضد صحيفة أخبار اليوم ومقرها، ومصادرتها لمطابعها وممتلكاتها ونقلها إلى مؤسساتها الخاصة، إنما يدل على تشييع الرؤى النظرية التي ظل الحوثيون يتشدقون بها عن الدولة المدنية واحترام حق الاختلاف مع الآخر. ويعبر لنا عن المستقبل الذي بات ينتظر اليمنيين في ظل هيمنة الجماعة على مقدرات الدولة اليمنية ومختلف شؤونها.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24