الخميس 02 مايو 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
أحمد طارش خرصان
البلدُ.....كلّ البلد
الساعة 19:31
أحمد طارش خرصان


(إلى ملاذي الآمن وروحي المتخمة بالضوء ....زوجتي)

( الليلة دي
الليلة دي أحلى فرحة وأحلى عيد
ياقمر نوَّر 
وخللي النور يزيد...)

هذا كلٌّ ما ظل عالقاً بمساءاته المؤرقة وعذاباته الباقية كوشم في روحه المنفلته، كظبي شارد وخائف. 
في الحياة ثمة فتيات ونساء وضروب حظ عاثرة ، وصباحات مبللة بأمل الظفر بلحظة نقاء مفترضة .
في الطريق إلى حيث لا ندري ، ثمة ما يدفعنا لمواصلة الحياة( الأمال..... الطموح... الأحلام البسيطة...... والرغبة في أن يكون أحدنا محطَّ إعجاب مزدانة بمشاعر صادقة...)

والتوق لأن تلامس فتاة ما بأصابع روائحها الطرية قلبك المثخن ، قبل أن تقع في بحيرة ألقهاالعذب ، ودون أن تسمع رداً دافئا لتحيتك الصباحية لها ، لتصحو على ضحكات رفاقك بعد أن منحتهم مشهداً طريفاً ومجانياً.

تستعيد ذكرياتك السابقة مفتتةً ، وتحاول لملمتها من على الطرقات والأزقة الريفية ، في محاولة لترتيب عمرك المندثر وأحلامك المتدثرة بالنسيان والغياب القسري. 

تتذكر المرعى وضحكات الفقيه المتقطعة، والمرافقة لحركة أصابعه المتسللة ، قبل أن تترك أثرها كوشم على فخذ أحدنا، متى تجاوز قواعد التلاوة عند مراجعة الفقيه لواجباته اليومية إزاء طلابه. 

أحاول كتابة ما يشبه سيرة ذاتية، قد لا تتجاوز مقالة واحدة ، ربما لن تجد طريقها للنشر في أحدى الصحف اليومية أو الأسبوعية ، لكنني سرعان ما أقع فريسة للأمزجة السيئة ، والفرضيات الخالية من أيّ منطق. 

لا تجد ما تدفع به هذه الأمزجة السيئة بعيداً ، إذ سرعان ما يعود بك( الموتور) -الذي يقلك باتجاه القرية - إلى الأيام الأولى لتواجدك في ساحة خليج الحرية ممتلئاً بأمل ، لم يكن ليعكر من صفوه سوى ما حصدناه من خيبات وانكساراتٍ متلاحقةٍ ، دفعت ببعضنا - مثلاً- إلى كيل الشتائم لكل ما قمنا به آنذاك ، وما رافقها من محاولات التنصل عن ذلك، مبدين - لمن يظننا سبباً فيه - صدق المقصد وبساطة الهدف ونبله. 

تطاردك الأمزجة السيئة، ويُظهر البعض براعةً في إنتاج وخلق مثل هذه الأمزجة، 
وبعفوية مطلقة وبراءة متقنة ، دون وعيٍ - ربما - بما ستتركه من أثر عليك ، وأنت تحاول مقاومة الصقيع في مساءات( وراف) المتخمة بالأحزان والأشياء المبهمة. 

- إستقال عبد ربه يا أبي....
هذا كل ما قالته إبنتي ( العصماء) - عندما قرعتُ باب المنزل - وبحزن عميق نجح في النيل من كراهيتي لرجلٍ ، إتضح لنا أنه لم يكن سوى ضحية ساعدتْ المركز المقدس ، في إحكام السيطرة على مستقبلنا جميعاً - كيمنيين- وبإذلالٍ تمكن أخيراً من إهانتنا- جميعاً - لا إهانة الرئيس وحده . 

لم يكن من السهل التظاهر وإبداء عدم الإكتراث لما كان ، غير أن زوجتي - حفظها الله- سرعان ما شرعتْ في إعلان تضامنها الإنساني مع هادي كرئيسٍ أراد - بحسب قولها - تجنيب اليمن ويلات الحروب والإنقسامات باهظة الكُلفة. 

مرجعةً السبب في ذلك إلى الرغبة في الإجهاز على هادي ،من قبل ( ال.......) حدَّ توصيفها ، كي يتسنَّى لهم العودة من جديد لحكم هذا البلد وتحت راية المخلص والقائد الضرورة. 

لم يكن الأمر محتاجاً لأكثر من فطرة سليمة ومنطق قويٍ ، لإدراك ما يحاول الحوثيون القفز عليه وتجاوزه ، في محاولة بائسة لإضفاء المشروعية لكل ممارساتهم المهينة لواجهة البلد ورمزها ، وبصلف مسنودٍ بهمجية العنف والخيانات المبرمة مع أولئك الذين فقدوا شرف العسكرية في كثير من محطات الرجولة والإنتماء للجندية ونواميسها العتيقة. 

لا تحمل زوجتي ( الفاضلة) مؤهلاً أكاديمياً عالياً في السياسة ، ولا تجد ما تتباهى به سوى حصولها المتأخر على شهادة الصف السادس في صفوف محو الأمية، وانتصارها الذي انتزعتْ بموجبه وعداً مني، بالسماح لها بمواصلة تعليمها في الصفوف التالية في مدارس التعليم الأساسي ، غير أنها تكاد في قراءاتها لكل ما يحدث ،تتفوق على كثير من دعاة السياسة - بما فيهم المجلس السياسي للحوثيين - ، بما تمتلكه من مقياس أخلاقي ومنطقي. 

لن يصل الحوثيون إلى هدفهم بكل هذه الهمجيات الموغلة في الإذلال وتصدير الإهانات لأكثر من عشرين مليون مواطن ،كل ٌّ حلمهم أن يجدوا في هذا الوطن حيزاً - ولو بسيطاً - لممارسة أحلامهم ونزوعهم الفطري للتعايش والتسامح. 

قد يعود هادي ويرجع عن إستقالته، وقد يتوصل المختلفون إلى ما يشبه الحل والنجاة والإبتعاد - بنظرهم - عن كل ما قد يضع البلد برمته على حافة دمار متوقع ، وكارثة لن يسلم أحدنا من تداعياتها المرعبة .
وقد لا يعود هادي متى تمسك الحوثيون بإستقوائهم بأدوات العنف ، ومكتسباتهم الميدانية الجالبة للغرور، ما قد يدفعهم إلى خطوات حمقاء ، ستضعهم في مواجهة البلد ..... كلٌّ البلد.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24