الثلاثاء 07 مايو 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
أحمد طارش خرصان
أنا في إب
الساعة 19:10
أحمد طارش خرصان

أنا في إب، مرافئ جاهزة للندم ، وقوارب عالقة في قبضة المَدّ ، أقاوم التآكل كمعدن رخيص تلقفته غوائل المناخ وتقلبات الطقس لا رفيق لدي سوى الخيبة والإحساس بالهزيمة والرغبة ، في أن أغادر هذا العالم صوب الوجهة التي تخلصني من حظي العاثر .

أنا في إب
أقاوم الموت برماح مهشمةٍ ، وأمررني بين فكي مقاييسهم الوطنية ، لأجدني نهاية الأمر خائناً ومنبطحاً وتافهاً .

أنا في إب 
تتساقط من يدي الأحلام وأعجز عن الرد أمام طفلتي وهي تسألني ببراءة من لا يدرك 
ما الذي أبقى الأوغاد من أبيها ؟ : متى ستشتري لي حذاءاً جديداً...؟
كيف يمكنني أن أخبرها أن لا أحذية هنا ، سوى تلك التي لم يحن بعد عودتها حتى اليوم...؟

أنا في إب 
أتكدس على الأرصفة كأكياس النفايات ، وأذرع الشوارع بحثاً عن ظلّ حنجرتي وصدى صوتي العائد كيتيم فقد أبويه في حادث سير مفزع .

أنا في إب
أتعرى دون ندم أمام ذاتي المكلومة ، وأجلدني كما لو أنني الوحيد في غرفة الشنق - بحسب قاسم حداد - وأسرف في توزيع الشتائم وهتك أستار اللحظة التي أوقعتني كفريسة للفرز والتصنيف الممتلئ بقلة الأصل والرجولة المثقوبة .

أنا في إب 
أشاهد كيس الدقيق وهو يتعرض للقصف اليومي دون هوادة 
أقرأ في عيني أبنائي ما يمزق كرامة ومروءة فتىً ، لم يكن أكثر من جسر ، عبر عليه أبناء الوزراء إلى كراسي الوزارات والسفارات والملحقيات في العالم ، بينما أنا وكثيرون هنا في إب .
لست وحدي من يقول

أنا في إب
لا جواز سفر لدي فيما وزير الإدارة المحلية يستخرج جوازات دبلوماسية لبناته ، ويرمي بإحداهن لتكون مديراً عاماً في رئاسة الوزراء ، ويمنح البعض منهن تأشيرة دخول إلى عالم الإغاثة الذي يحكم قبضته عليه رفقة أقاربه ومن يحب .

أنا في إب 
أتتبع خطى الشهيد أمين الرجوى وأرفع أثر ابتسامته من على الطرقات والأرصفة ، وأقاوم السقوط في بئر الفاقة ، بما تبقى لدي من حماسة وصلابة منحتنيها ساحة الثورة التي حولها لصوص المشترك إلى غنائم وهدايا وهبات مجانية .

أنا في إب
أتجرع مرارة الفقد وأحاول النسيان ، كطريقة لم تعد مجدية تجاه قلبي المشرع للخرائب .
أداعب ضحكات الطفل الذي غادره والده ، دون أن يعرف حقيقة اللصوص الذين نقف وهم على ضفة واحدة ، أتحاشى ما يخرم المروءة ويريق ماء الوجه ، ولا أكترث لتقييم الأحذية العالقة في المنافي والخيانات المكلفة ، ولست ملزماً بتقييم لقطاء الخطيئة وأبطال المعارك الورقية ،
ولست مهتماً لجولات الوزير المخلافي وتصريحاته التي طرحت مولودها السوء في أروقة التخطيط ، كفتىً تحققت على يديه كل معاني المساواة والدولة المنشودة. 

أنا في إب
أهاجم الخطأ 
ولا آبه للتهديدات الجوفاء
أتحدث عن الشيخ عبدالواحد صلاح بما يوجع وأناديه بالمحافظ وأحترمه كثيراً ، وأهاجم الحوثيين وممارساتهم وأنعتهم بأسوأ النعوت وأكثرها دونية وانحطاطاً ، وأتبول في وجه الخطأ 
دون أن أكترث لما يقوله أولئك الذين لا يحملون سوى همّ أبنائهم وأي المناصب تليق بهم .

أنا في إب
فيما أنتم هناك
جثامين مغتصبة
وأوجه مزدانة بالإبتذال والدونية الفاضحة.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24