الاثنين 29 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
زين العابدين الضبيبي
الاستمناء المعرفي مروان الغفوري نموذجاً
الساعة 16:28
زين العابدين الضبيبي

يرتبط مصطلح الاستمناء عادة بالجنس دون الالتفات إلى جوانبه الأخرى والتي من أهمها الاستمناء المعرفي والثقافي وهي التي تمثل خطورة كبيرة بتزييفها للوعي المجتمعي وتمنح صاحبها هالة من الذهول يشكلها من خلال ما يستدعيه في كتاباته من أسماء وعناوين وأقوال لتضفي على النص الهش نوعاً من الرصانة الوهمية التي تخدع القارئ وتبتلعه في وحلها ظنا منه أنه في عمقها وتبعده عن تحليل النص في معناه المحدود والذي يمكن اختزاله بأسطر معدودة، ليظل القارئ يحاول الربط بين أجزائه المستجلبة لتمتين المعنى الذي لا يحتاج لذلك، هذا الإستمناء يتضح جليا في كتابات مروان الغفوري ليكشف عن غياب الرؤية والرأي، ولعلكم تتساءلون كيف، سأخبركم.

تشير بعض الدراسات الفيسلوجية إلى أن الإستمناء والذي يصاحب مرحلة المراهقة ينقسم إلى قسمين قسم منه نابع من فحولة طبيعية في جسد الفرد السليم والقسم الآخر رغبة تقوم وتتفاعل عن طريق مؤثرات خارجية من خلال المشاهدة أو السماع، هذه العوامل الخارجية هي التي تساعد الجسد السقيم على تحسس أعضائه وتمثل له غذاء مؤقتاً سرعان ما يزول بممارسة الفعل القائم على استدعاء هذه المؤثرات الخارجية بالخيال أو بالصورة أو الوسائط المتاحة لتنطفىء الرغبة من جديد حتى تبعثها مؤثرات خارجية أخرى بعكس الجسد السليم الفحل الذي يهضم الغذاء جيداً ويحوله لطاقة دائمة ومكبوحة، وتنتمي كتابات صديقنا مروان إلى النوع الآخر والتي يجتهد أن يمنحها صبغة استدعائية سرعان ما تزول أمام القارئ الحصيف ويكتشف ضحالة الأنا الفارغة التي لا تنطلق رؤيتها من داخلها بل من خلال استعراضها لنصوص وشواهد تثقل النص وتهيمن على المعنى الهش الذي يتنافر في جزئيات عديدة ويضيع في مشهد الرقص الاستعراضي والاستمناء المعرفي الذي يتخذه صديقنا ركيزة أساسية لبناء ما يريد قوله، لتمييع قضية ما أو تلميع أو الإساءة لشخص ما، وهذا النوع من الكتابات يشي بسهولة ويسر عن ضحالة الكاتب وعجزه في تكوين رؤية واضحة تقول ما تريد معتمدة على ذاتها ومعرفتها المهضومة جيداً بحيث تتحول ذات الكاتب إلى ناقل يمرر الأفكار والمعارف المستدعاة منقولة ومشوشة تذهب بعيداً وتتجمع أجزاؤها المتنافر في قارورة هي نص الكتب، هذه القارورة التي تبتلع الكاتب نفسه، إضافة إلى ما يغري به تصفيق الغوغاء من توغل في الإسراف بتحميل النص كمية كبيرة من الإستدعاءات، وهو ربما لا يكتشف ضحالة ذاته التي تتمترس خلف النصوص والعناوين التي يتعسفها بأنا منتفخة كمؤخرة "فيفي عبده" ولا أدري لماذا أستدعي هذا الشاهد كلما قرأت لصديقنا ولغيره من الأصدقاء الذين يعتقدون أن العالم توقف وبلغ ذروة تألقه في ما يكتبون بحيث يمنحهم حق تقييم ومساءلة الأسماء التي كرسها منجزها الإبداعي والمعرفي الكبير ورصيدها الوطني والنضالي الذي لا تجهله عين الإنصاف، أو يخولها بغسل قاذورات بشرية ساهمت في تخلف الوطن والتهمت مقدراته واستغلت طيبته لتشيد ذواتها الإنتهازية. هذا الإستمناء الذي يضر أكثر مما ينفع يضر من خلال افتعاله لمواضيع يبتغي من وراءها تلميع الكاتب لنفسه ومن يدفعون له وتمييع القضايا الوطنية من خلال مواربة المعنى وتشتيته في مزق من الشواهد وينفع في كونه يحيل القارئ البسيط على بعض العناوين ويكرس في ذهنه بعض المقولات المتناثرة، هذه الكتابات تحاول أن تكون نخبوية غير أنها تنطلق من ذات تشربت الأفكار الدينية بأبعادها السياسية بالتلقين وتنتج نصاً تلقينياً وإن كانت تريده تنويرياً غير أنها تفشل لأن ثقافتها التلقينية تطفو وتشكل محدداً لمسار النص وتحيل الكاتب إلى واعظ سيء يعيد تلقين المستمعين للنصوص الدينية والتراثية ولا ينتج خطاباً عصرياً يواكب الحياة ويتعامل مع القضايا بشفافية ووضوح ورؤى عصرية ناتجة عن معرفة تضيف جديداً ولا تعيد معاداً.

ما دفعني لكتابة هذا المقال هو انتشار ظاهرة الاستمناء هذه التي تسيء للرموز الوطنية والثقافية وللقضايا أيضاً وتخاتل الذهن الجمعي بمضامينها الغوئائية ولا تخدم القضية الوطنية الجوهرية التي يزعم أنه ينتمي إليها صديقنا ومن على شاكلته بينما هي في حقيقتها تخدم الطرف النقيض ويستفيد منها فهي تجير له الكثير من الرموز الرافضة والمناهضة له من قبل أن يخلق أصدقاؤنا.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24