الثلاثاء 07 مايو 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
منيف الهلالي
حين ترتديك وتخلع ما دونك..!
الساعة 21:22
منيف الهلالي

تشعر أحيانا برغبه بالسير في الشارع العام؛ السير منفردا دون حاجة لمن يشغل صمتك، أو يتحكم بناظريك، ترتديك وتخلع ما دون ذلك، تسير بالقرب من فوضى السيارات والمشاة أيضاً، تتوقف عند أول (عربية) لبيع البطاط، تشترط على البائع أن يغمر البطاط بــ"السحاوق الحار"، وأن يقطع حبة ليمون ويضعها بطرف الصحن البلاستيكي، تحملها بيدك مسرعا نحو الرصيف واللعاب يسيل من فمك، وما أن تضع كرتونا على الأرض لتجلس عليه حتى تجد يد أحد المجانين قد امتدت إلى ذات الصحن، فترتشف اللعاب الذي بات على مشارف شفاهك -حين تشعر بجوعه - وتترك له الصحن، وتذهب إلى (العربية) لتأتي بآخر، تحمله بيدك، وتسير إلى مسافة بعيدة منه ثم عند أول ظل يصادفك تفترش الأرض لتلتهمه، وما إن تضع أول لقمة في فمك حتى تكتشف أن عيني أنثى أرهقتها شمس (الجولة) ترصد حركة يدك، فتناديها، وتسلمها الصحن، ثم تواصل مسيرك نحو (العربية) القادمة، يدفعك فضولك للتوقف أمام أحد المصارف، ثمة أشخاص يخرجون وفي أياديهم أكياسا كبيرة مملؤة بالنقود، وآخرون يضعون عملات أجنبيه في جيوبهم، تقلب كفيك مستغرباً، ثم تواصل مسيرك نحو البطاط، ليست سوى خطوات حتى تشعر أن المكان يضج بأصوات الزوامل، وصفير الشاصات، تدرك ساعتها أنك على مقربة من سوقٍ للقات، تقرر أن تترك المسير في الشارع العام وتقتحم السوق؛ لتتعرف على نوعية القات، وأسعاره، تقف عند الزحام؛ لترى وجوها مرعبة وثيابا متسخة تتقافز من سيارات فارهة وهي متوشحة للكيلاشنكوف وتوابعه، تتوقع أن معركة كبيرة ستبدأ في الحال، غير أنك تطمئن سريعا حين ترى أصحاب (القِعَش) يتحولون إلى كائنات ودودة أمام بائع القات، بيد أن طمأنينتك تتحول إلى صدمة مدوية حين ترى تلك الكائنات تشتري أقل علاقية قات بعشرين الفاً، ساعتها تخنقك الصدمة وأنت ترى في ذات المكان طفلاً كادت عيناه أن تخرج من مكانيهما وهو يبتلع قطعة خبزٍ ناشفه عثر عليها بجوار برميل للقمامة..!!

البطاط: البطاطس
السحاوق: مجموع طماطم مع فلفل وثوم ومسحوق بآلة خاصة أو بالعصارة
القعش: شعر الرجال الكثيف المتسخ أو غير المسرَّح

«من صفحته على الفيس بوك»

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24