الاثنين 29 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
محمود الطاهر
اليمنيون أمام خارطة طريق للسلام إلزامية!
الساعة 14:44
محمود الطاهر

في 21 أبريل 2016 بدأت المبحاثات اليمنية بين المكونات المتصارعة على السلطة (حكومة الرئيس هادي والحوثيون والمؤتمر الشعبي العام) في الكويت من أجل الوصول إلى صيغة سياسية مشتركة برعاية دولية للخروج من الحرب الأهلية الطاحنة التي اندلعت في البلاد منذ اجتياح الحوثيين العاصمة اليمنية صنعاء في 21 سبتمبر 2014.

وقبلها أعلنت قوات التحالف العربي بالتزامن مع إعلان الحوثيين في 10 أبريل هدنة كإثبات حسن النية لإجراء والتحضير للمشاورات في الكويت، ووضع لها القرار الأممي 2216 كمرجعية لهذا الحوار.

وبنود القرار الأممي 2216، يطالب الحوثيين الكف عن اللجوء للعنف، وسحب قواتهم من جميع المناطق التي سيطروا عليها في وقت سابق بما في ذلك العاصمة صنعاء، والكف عن أعمال تعتبر من الصلاحيات الحصرية للحكومة اليمنية الشرعية، والامتناع عن أية استفزازات أو تهديدات للدول المجاورة، والإفراج عن وزير الدفاع اليمني اللواء محمود الصبيحي وجميع السجناء السياسيين والأشخاص الموجودين تحت الإقامة الجبرية والموقوفين تعسفيًا، والكف عن تجنيد الأطفال وتسريح جميع الأطفال في صفوف قوات الحوثيين.

ومنذ بدء المباحثات بين المكونات اليمنية، لم يصل المتحاورون إلى أي نتائج ملموسة يتطلع لها الشعب اليمني المهدد بالانهيار الاقتصادي والاجتماعي نتيجة الحرب المفروضة عليه منذ ما يزيد عن 15 شهرًا، ويطالب الطرف الحكومي بتسليم السلطة والسلاح وحل الجيش بالكامل، بينما يطالب الحوثيون بإيقاف العمليات العسكرية ورفع الحصار البري والجوي والبحري المفروض على اليمن، وبحكومة وحدة وطنية وسلطة رئاسية توافقية، والاعتراف باتفاقية السلم والشراكة، وإعلانهم الدستوري.

أما حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، فله مطالب بعض بنودها تتفق مع الحوثيين وأخرى تخالفهم، وهي إيقاف العمليات العسكرية ورفع الحصار البري والجوي والبحري المفروض، وهذه هي النقطة التوافقية مع الحوثيين، أما مطالبه الأخرى هي: الاتفاق على سلطة تنفيذية توافقية تمارس مهامها وفقًا للدستور لفترة انتقالية غير قابلة للتمديد، وتشكيل اللجنة العليا للانتخابات وإجراء انتخابات برعاية دولية، وتشكيل لجنة عسكرية تضم وزيري الدفاع والداخلية وخبراء دوليين من أمريكا وروسيا وعُمان، وتتولى اللجنة الإشراف على الانسحاب من المدن واستلام الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، ووقف الحملات الإعلامية والاتفاق على برنامج لإعادة إعمار ما خلفه العدوان وإنشاء صندوق لذلك.

لكن خلال شهرين ظل الحوار يراوح مكانه دون تقدم يذكر، عدا ما أعلن عنه أن الطرفين اتفقا على الإفراج عن معتقلين قبل شهر رمضان، كمقدمة حسن نية، لكن بقية المحاور لم يتم الاتفاق عليها، والحرب متواصلة لم تهدأ في كل جبهات القتال المشتعلة، ولم يتوقف طيران التحالف عن مهاجمة الأهداف العسكرية والمدنية التي يسيطر عليها الحوثيون منذ إعلان الهدنة في منتصف شهر أبريل الماضي، وكذلك الحوثيون لم يتوقفوا عن مهاجمة المدن اليمنية أو قوات التحالف العسكري سواء في مأرب أو الجوف أو تعز أو الجنوب.

لم يطرأ جديد على تلك المحادثات الشاقة التي يجريها المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، رغم تفاؤله اليومي بأن هناك تقدم جيد بين الأطراف، رغم نفي بعض الأطراف أنه لا يوجد أي تقدم، وأن الجميع متمسك بمطالبه الأساسية أو العودة إلى ما يسموها الحل العسكري الذي فشل أن يحقق أي هدف من الأهداف حتى ساعة كتابة هذا الموضوع.

والتهديدات المتتالية من قبل التحالف بالحسم العسكري في علم الحرب لا تبدو أنها جدية، بقدر ما هي عبارة عن ضغط لطرفي صنعاء بالمرونة ليتحقق لطرف حكومة الرئيس هادي شيئًا من التقدم في المفاوضات الجارية بالكويت، فمن لديه خطة عسكرية لتحرير منطقة ما، لا يعلن عن تفاصيلها أو ساعة الصفر لانطلاقها، فإن الحرب خدعة كما يرويها التاريخ.

وفي هذه الأثناء، قال ولد الشيخ في إحاطته لمجلس الأمن في 22 يونيو إنه استمع خلال شهرين بتمعن لوجهات نظر المشاركين ومخاوفهم، وهو استخلص من ذلك خارطة طريق تتضمن تصورًا عمليًا لإنهاء النزاع وعودة اليمن إلى مسار سياسي سلمي، بحيث يتضمن إجراء الترتيبات الأمنية التي نص عليها القرار الأممي رقم 2216 وتشكيل حكومة وحدة وطنية تعمل على إعادة تأمين الخدمات الأساسية وإنعاش الاقتصاد اليمني، إضافة إلى الإعداد لحوار سياسي شامل لا يستثني أحدًا بما في ذلك المرأة والشباب، يحدد الخطوات الضرورية لتثبيت الحل السياسي الشامل ومنها قانون الانتخابات وتحديد مهام المؤسسات التي ستدير المرحلة الانتقالية وإنهاء مسودة الدستور.

ويوم الأحد 26 مارس قال بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة، الذي وصل الكويت للقاء الأطراف اليمنية المتصارعة، إن موقف المجتمع الدولي واضح وهو أن النزاع يجب أن يقف وأن اليمن يجب أن يعود إلى مسار الانتقال السياسي والعمل لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني.

وطالب الوفدين بالعمل بجدية مع مبعوثه الخاص من أجل إقرار خارطة طريق للمبادئ وكذا الالتزام بوقف الأعمال القتالية من أجل ترجمة التقدم المحرز حتى يومنا هذا وأن يتوصلوا بأسرع وقت ممكن إلى حل شامل.

بمعنى أن المبعوث الأممي جاء بنفسه ومبعوثًا للدول العظمى لفرض خارطة الطريق للتسوية السياسية على الأطراف اليمنية، وليس حث ودعوة صديق لتنفيذ ذلك.

جاء ذلك في ظل تشبث كل طرف بموقفه، ويبدو أن زيارة بان كي مون وحديث مبعوثه المتواصل عن التفاؤل باقتراب نجاح المفاوضات، وبات من المؤكد أن الأمم المتحدة ستفرض رؤيتها وهي رؤية توفيقية استلهمت رؤية الطرفين، وزيارة بان كي مون إلى الكويت حيث مفاوضات الأطراف اليمنية تؤكد هذا الاتجاه.

أما التحركات العسكرية التي تعلن من قبل الطرفين والتهديدات المتواصلة باقتحام صنعاء أو عدن، تأتي في إطار الضغوط المتبادلة لتمرير الأجندات والشروط ليس إلا، فلا الحوثي سيجتاح الجنوب مرة أخرى، ولا التحالف العربي بإمكانه إسقاط صنعاء.

لكن في الأخير ستقبل كل الأطراف بالحل التوافقي المفروض من الأمم المتحدة الذي قد يصاغ ويتحول إلى قرارٍ أممي آخر ربما يتجاوز أو يلغي القرار 2216، وهذا ما تؤكده التحركات الدولية في الآونة الأخيرة، التي توصلت إلى يقين أن الحل في اليمن لا يمكن أن يكون عسكريًا، بعد مرور عام ونيف من إعلان "عاصفة الحزم" دون أن تسجل نجاح يذكر، حتى ما تم تحريره استولت عليه مليشيات مسلحة تسعى لتكوين دويلات في اليمن والدليل ما حصل في عدن "المحررة لأبناء المناطق الوسطى"، إضافة لتنامي عناصر الإرهاب واستحواذها على المزيد من المساحات في ظل الانفلات الأمني والانشغال بالصراع، وهو ما بات يمثل تهديدًا لمصالح إقليمية ودولية، وهو ما جعلهم يتحركون لفرض الضغوط للقبول بخارطة أممية جديدة.

وفي حال نجحت الأمم المتحدة بفرض رؤيتها وهو متوقع في ذلك، يجب ألا يخرج ذلك عن أربعة محاور أساسية من أجل ألا يعود الفرقاء إلى الاقتتال مرة أخرى، وهي سلطة توافقية تدير مرحلة انتقالية لمدة عامين مع الحفاظ على مصالح كل الأطراف حتى لا تظل سببًا للإعاقة، وهذا لا يعني اعتراف بانقلاب الحوثيين، وإنما حل جذري لانتهاء الأزمة لا سيما، وأن الحكم في اليمن مبنيًا على التوافق وفقًا لمبادرة مجلس التعاون الخليجي التي بمقتضاها سلم الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح الصلطه لخليفته عبده ربه منصور هادي لمدة عامين.

المحور الثاني هو إجراء مصالحة وطنية داخلية، ومصالحة بين اليمن والإقليم حتى تضمد الجراح ولا تبقى هناك ثارات أجيال.

والمحور الثالث، إنجاز برنامج لإعادة الإعمار تتحمله دول الخليج وتلتزم بتنفيذه، ويساعد فيه المجتمع الدولي وأن تعيد دول الخليج نظرتها لليمن "من الإقصاء والتهميش إلى الاحتواء والمساعدة".

والمحور الرابع والأخير، إعادة بناء الجيش على أساس وطني وعلمي ومهني بعيدًا عن المحاصصة أو العشوائية أو التسيب مع الأخذ في الاعتبار الكفاءات والخبرات والقدرات الموجودة وعدم إقصائها أو إلغائها.

المصدر: نون بوست

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24