الجمعة 03 مايو 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
الأستاذ/ خالد الرويشان
الثّورُ مُنْهَكٌ والسّكاكينُ لامعة !
الساعة 10:24
الأستاذ/ خالد الرويشان

في مصارعة الثيران ثمّة مؤامرة مُعْلَنَةٌ يتم تنفيذُها أمام الجميع , قبل أن تبدأ اللعبةُ القاتلة . إنها أشبه بفترة إنتقالية تُهيّئُ الثورَ بإرهاقه وإنهاكِهْ , وتُكسِّرُ قُرونَ عِنادِهْ , وتحدُّ مِنْ جُمُوحِ طِرَادِهْ , وتهدُّ مَتْنَ قُوّتِهِ وزِنادِهْ ,.. كي يصبح مجرّد نعجةٍ سائمة , لِجَوْلةٍ قريبةٍ قادمة ! 

والحكايةُ تبدأ فور دخول الثورِ الجامح الثائر إلى الحَلَبَة , ليجد أمامه حصاناً مُدرّعاً بالحديد , يَعْتَليْهِ رجلٌ يحملُ حَرْبةً هائلةً , ومهمّته أن يُنْهِكَ الثورَ , ويُدميه بالطّعن المُوغِلِ في سِنامِهِ الضخم , وتِرْقُوَتِهِ النافرة .. يحدث ذلك قبل أن تبدأ اللعبة !.. وما إن يُكمل الرجلُ مهمّته حتى يغادر الساحة بحصانه وحربته البشعة , وليدخل فارسٌ آخر كأنّهُ هُوَ !.. ذو لباسٍ أبيض موشّى بالذهب ,.. يدخلُ مختالاً كملك , حاملاً الخِرْقَةَ الحمراءَ في يَدْ , والسّكاكين الطويلة اللامعة في اليد الأخرى ! بينما يقف الثّورُ المنهَكُ مغتسلاً بدمائه وحيرته , وبالكاد تحمله قوائمه ! والغريب أن تشتعل أكُفُّ النخبة الصّاخبة بالتصفيق للفارس الذي يتبخترُ متراقصاً أمام ثورٍ مُدَمّى .. نِصْفَ ميّت ! 

وتبدأ اللعبةُ غير المتكافئة , بين الثور المُثْخَنِ بالجراح , وسكاكين الفارس اللامعة ,.. وبالطبع , فإن النتيجة تصبح من قبيل تحصيل الحاصل ! فالثور المسكين يظلُّ يلاحق بلا جدوى , خِرْقَةَ أحلامه القانية الحمراء المتوهّجة في يَدِ الفارس الذي يُلوِّحُ لَهُ بِها مُخادِعاً , متراقصاً , مُتنقّلاً .. مقترباً .. مبتعداً ! حتى أنّه في لحظة غرور يُوْلي الثورَ ظهره غيرَ خائفٍ منه , أو حتى ناظرٍ إليه ! ولتنفجر النُّخبة الحاضرة تصفيقاً , وتصفيراً , وتقف مهلّلةً مبهورةً بالفارس السّاطع بنياشينه وسكاكينه !.. وحينها , يكون الثورُ قَدْ كفَّ عن الحركة إعياءً ويأساً ! ثم إنّهُ لم يعد يرى شيئاً !.. فهو لا يُفرّق بين خِرقَةِ الأحلام الحمراء , وسكاكين الفارس البيضاء !.. بين سياج الحَلَبَة وهياج النُّخبة !.. بين السّكاكين تَنْغَرِزُ في لَحْمِه , وصيحات الغضب تَنْغَرِزُ في أذنه !.. إنّ عينيه غائمتان مكسورتان , وَ رُوْحَهُ دائخةٌ هامدة بعد أن أصبح كل شيئ أمامه يدورُ ويدورْ .. الساحةُ , والفرسان , والاصوات والالوان والوجوه والسكاكين .. الأرض والسماء .. كل شيئ يدور ويبعث على الغثيان !.. وفجأةً , يشعر أنّ الظلام يغمُرُ كلّ شيئ .. السّكاكين فقط تلمعُ كأنيابٍ جائعة , بينما الصّخَبُ يَرُجّ المكان , والفوضى تصبح هي النظام ! 

يقف الثور لاهثاً , مستسلماً , غائماً بين الحياة والموت .. وينظر إلى خيال الفارس الذي يتراقص أمامه داعياً له بما يشبه الرجاء , وبلسان حالٍ يوشك أن يقول .. أرجوك .. أعرف ما تريد !.. تعال وخلّصني من العذاب .. وقطّع كيف ما تشاء !..

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
1
2016/06/02
غرباء في الوطن
من هو الثور
نريد نعرف منه الثور ومن هو الفارس المعتلي الحصان ؟؟
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24