الجمعة 03 مايو 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
وئام عبد الملك
لقاء عابر مع آلات موت
الساعة 18:55
وئام عبد الملك

ذات مساء وأوان الفجر، تعرض الحي الذي أسكنه في مدينة تعز للقصف، لم توقظني القذائف، كانت أوجاع روحي قد أيقظتني، حين كنت أشعر باقتراب القذائف كثيرا من منزلنا، قررت أن أحتال على الخوف الذي تأتي به تلك القذائف، وأن أتحدث إليها إذا ما التقتني من غير موعد، وسأقول لها ترفقي بقلتي، اقتليني دون ألم، ولا تبتري لي عضوا، أو تشوهي لي وجها، اقتليني لا بأس لكن لا تقتلي الصغار الذين ما زالوا يحلمون، وإن أجساد الصغار لا تحتمل جنونكِ.

وفجأة سمعت طائرة تحلق، ابتعدت تلك القذائف التي أرادت أن تلتقيني، وذهبت بالطبع لآخرين لتسرقهم من الحياة، ثم أردت أن أقول لذلك الصاروخ الذي تخلت عنه الطائرة، اخفض صوتك قليلا، فأذني لم تعد تحتمل صراخك، أذان الصغار في الحي القريب من قلعة القاهرة، ما زالت تطن، وما زالت تخاف أن تسمع أي شيء، خوف أن يشبه ثانية صراخك.

غلبني النعاس، ونمت ساعتين، ما إن صحوت حتى وجدت رصاصة مجهولة الهوية، تنام بجانبي، لكنها لم تقترب مني كثيرا، كما يفعل الصغار مع أمهاتهم، ابتسمت في وجهها وقلت لها:" يا صغيرة أنت لا تقتلين بعنف كما تفعل آلات الموت الأخرى، الأكبر منك، لكن لماذا نمتي بقربي ولم تلتصقي بي؟ هل قررت أن تمنحيني فرصة للعيش أخرى؟ هل استمعت لحديثي مع تلك القذيفة عن طموحي؟ وكيف لي إن اختطفني الموت أن أحققه؟ اغتالي إن رغبتي بذلك ضحكتي، لكن هل ستكوني سعيدة، وهل ستكون اليد التي أطلقت لك العنان لتقتلني سعيدة؟ فالموت لا بد أن يقع سواء اليوم أو غدا؟"

وبينما كنا أتحدث إليها، حيث كنت هناك ذات ماضي، قتلتني رصاصة أخرى تُنسب للحرب، لم أعد اتذكر إن أوجعتني تلك الرصاصة؟ أو شردت أحلامي؟  كل ما هنالك بأني شعرت بكل شيء حولي يدور، وبرغبة كبيرة في أن أنام، ورأيتُ دمائي تغسلني، وقيل لي بأني قد ارتقيت إلى السماء، وبأن تلك الرصاصة قد تغذت عليَّ وبعض الوطن؛ لتعيش هي.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24