الأحد 28 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
د/عبدالله أبو الغيث
هل تعي مليشيات الحوثي معنى الحرم الجامعي؟!
الساعة 18:11
د/عبدالله أبو الغيث

   يوم الأحد المنصرم نظم بعض أساتذة كلية التجارة وطلابها وقفة احتجاجية سلمية داخل حرم جامعة صنعاء أمام كلية التجارة للمطالبة بالإفراج عن الأستاذ الدكتور عبد المجيد المخلافي أحد أساتذة الكلية، حيث قامت مليشيات الحوثي باختطافه وإخفائه بصورة غير قانونية منذ أكثر من أربعة أشهر من غير أن توجه له تهم محددة.

   والغريب بأن الحوثيين الذين تعودوا على ممارسة العنف المفرط ضد كل من يعارض سياساتهم حتى بطريقة سلمية لم يستطيعوا تحمل مثل هذه الوقفة السلمية، حيث كان يمكن لها أن تنفض من غير أن يعلم بها أحد، لكن طريقتهم المتعالية والمتعجرفة في موجهة كل معارضيهم جعلتهم يمارسون أشد أنواع العنف اللفظي والمعنوي والقمعي ضد أولئك المحتجون من عضوات وأعضاء هيئة التدريس ومعهم بعض طالبات وطلاب الكلية، الأمر الذي جعل خبر الوقفة يصبح مثار اهتمام لكل وسائل الإعلام الداخلية والخارجية.

   وليتهم أكتفوا بذلك بل قاموا باختطاف مجموعة من أساتذة الكلية على رأسهم الدكتور المناضل محمد الظاهري رئيس نقابة أعضاء هيئة التدريس في جامعة صنعاء، إلى جانب عدد غير معروف من الطلاب، ونقول غير معروف لأن مليشيات الحوثي أطلقت بعضهم ومازالت تحتجز البعض الأخر، بينما تنكر وجود بعضهم لديها مع أنها قامت بمداهمة منازل أسرهم في مساء نفس اليوم من غير مراعاة لأبسط الحرمات وصادرت العديد من أغراضهم مثل الكمبيوترات وغيرها.

   اعتقال الدكتورين محمد الظاهري وعبدالله الفقيه أستاذي العلوم السياسية والكاتبين السياسيين المعروفين وغيرهم من الدكاترة الذين تم اعتقالهم من قبل مثل الدكتور فتحي العزب المرشح الرئاسي السابق يجعلنا ندرك بأن جماعة الحوثي مازالت تصر أن تجعل من تصفية ثارات (الزعيم) همها الأول!
   نقابة أعضاء هيئة التدريس بادرت بإعلان الإضراب احتجاجاُ على تلك الممارسات الهمجية التي لم تتورع المليشيا فيها حتى عن تحريض الطلاب والطالبات الموالين لها لتوجيه الإهانات لبعض أساتذتهم وهم يرددون هتافات الموت لأمريكا وإسرائيل!!

   حيث طالبت النقابة بالإفراج عن جميع المعتقلين من الدكاترة والطلاب. لكن جماعة الحوثي بدلاً من الاستجابة لتلك المطالب ذهبت تهدد وتتوعد "فهم ليسوا صالح" كما صرح أحدهم، وأخذوا يحرضون المجتمع ضد أساتذة الجامعة، وطبعاً تهمة (داعشي وتكفيري) جاهزة كالعادة لكل من يعارضهم أو يرفض سلوكياتهم حتى إن كان علمانياً أو ملحدا!!

   وكان غريباً سكوت منتديات وائتلافات أسسها بعض الإكاديميات والأكاديميين في جامعة صنعاء وامتناعها عن إدانة التجاوزات الحوثية في حق زملائهم وطلابهم، مع أنهم كانوا قد شغلونا باجتماعات متواصلة مع إسهال في إصدار بيانات فيما يخصهم وما لا يخصهم، وسبحان من خلق الدعممة!!

   سيكون من الأفضل للحوثيين الذين يتفننون في ابتكار المسميات الخاصة بهم التي توحي التزامهم بالقيم والأخلاقيات الإسلامية (أنصار الله، المسيرة القرآنية، أحفاد رسول الله) أن يعودوا لرشدهم في بعض تعاملاتهم داخل الجامعة، ويتفهموا معنى الحرم الجامعي، ويقوموا بتأهيل بعضهم ليصبحوا قادرين على التعامل مع تلك المهمة بموجب القوانين والتقاليد المتعارف عليها.

   ومثل ذلك مطلوب أيضاً في تعاملهم مع المجتمع بشكل عام، خصوصاً وهم في طريقهم لتأسيس حزب سياسي سيكون بحاجة لأصوات الناس للفوز في الانتخابات بعد أن يقوموا بالتخلي عن أسلحتهم التي يتعجرف بها بعضهم خارج إطار القوانين والأعراف التي تميز مجتمعنا اليمني.

   وما داموا يسيطرون على مؤسسات الدولة في العاصمة صنعاء والعديد من المحافظات اليمنية لا أدري ما هو السبب الذي يمنعهم من التصرف من خلال مؤسسات الدولة (شرطة ، نيابة ، قضاء....) بصفتهم سلطة أمر واقع وإصرارهم على التصرف كمليشيا مسلحة فقط لا غير؟!

    يتساءل البعض عن سر الصمت الرهيب الذي تقابل به رئاسة جامعة صنعاء التجاوزات الحوثية داخل حرم الجامعة، البعض برر ذلك بأن (اللجنة الثورية) التابعة للحوثيين وحلفائهم هي من باتت تسيطر على كل مقاليد الأمور، مستغلين حسب قول البعض ملفات فساد تصيدوها على هذا المسؤول أو ذاك، وبدلاً من تصحيح ذلك الفساد جعلوه ورقة ضغط لتنفيذ ما يريدون.. ولله في خلقه شؤون!!

   الحرية لكل المعتقلين من دكاترة الجامعة وطلابها، لا للفساد داخل الجامعة بكل أشكاله المالية والإدارية والأخلاقية، لا للاستقواء بالسلطة، لا للتجاوزات الأمنية والقمعية مهما كانت مبرراتها، تضامننا الكامل مع أعضاء الهيئة الإدارية للنقابة مع عتب نبديه على تخاذل بعضهم وتحولهم إلى أداة لتثبيط وتخويف زملائهم.
   ملاحظة: أكتب هذا المقال بصفتي مندوباً للأساتذة في جامعة صنعاء.

 

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24