الأحد 19 مايو 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
عماد زيد
البحث عن نقطة حبر في وجه مقاتل!!
الساعة 19:03
عماد زيد


الابتعاد عن الكتابة قد يأتي نتاج شعور طافح باللامبالاة في التفاعل مع ما يُكتب واللاقدرة في التغيير.. نتيجة خروج المشهد عن سياقة الطبيعي. 

فالكتابة في حالة كهذه ستكون ضمن سياقين:
الأول: الامتلاء بعبارات الرفض وتوصيف المشهد في سياق الطرف الرافض والذي يمثل الجناح المقصي مشهديّاً جراء استقواء طرف آخر بعيداً عن الآليات المعتبرة والمحددة بموجب العقد الأجتماعي.. بالتالي يبقى التوصيف من قبل الطرف المقصي: بأبجدية الهلاك للآخر، والأكتفاء بأحرف المضلومية دون أجتراء منطقي على النظر خارج دائرة شعور الذات وما تعرض له.. لذلك تقل التضحية من أجل الوطن إن وجدت فرصة للتضحية.. أجتناباً للمثالية وتمسكاً بعلة الوقوف على أعتبارات غياب النزاهة التنافسية والخروج عن المنظومة الأعتبارية والمتفق عليها كأرضية بناء مشتركة.

السياق الآخر: يتسم بالنظرة التجاوزية للخطأ بحثاً عن حالة صواب جزئية تقي البلد من اعتمالات الأنهيار.. وغالباً ما تكون هذه النظرة انطباعية وقتية نتيجة المعايشة الواقعية لآلام المجتمع جراء المعترك الصعب في مواجهة حاجياته الأساسية إزاء الأزمة السياسية.. لذلك قلما تكون تلك النظرة التجاوزية قائمة على أسس العقلية المؤسسية.. نتيجة وجدانية أرتباطها بأعتمالات الواقع والبحث عن خيوط أمل في سواد المرحلة الطاغية والمتسللة عمداً من جدران النهار. 

السابق يجعل الكاتب نقطة تجاذب بين خيارين وحيدين يجسدان ضبابية وظلامية المرحلة.. فالانجذاب لطرف معين يجعل من الكاتب مُعين لطرف.

وفي أتون الحيرة ستكون رحلة البحث عن نقطة فاصلة بين مطلقية المثالية التي يحضر فيها الإيثار وبين مطلقية العقلانية التي لا تتنازل لاعتبارات مرحلية.. ليبقى الكاتب جاهد البحث عن إيجاد نقطة تماس تفصل بين المختلط العبثي من خلال التعبير بمعانٍ مثالية في خطابة كيما يكون التقريب بين مفهومين جعلت رأس كل طرف ينطح الآخر.. فبقدرة الكاتب على تشتيت ذهنية الأقتتال.. سيكون نجاحه أن تحققت حالة التفاته جانبية إلى ما تم تدميره.. وتركيز أعين المقتتلين على أفق آخر يشع منه الإخاء والتعايش والقبول بأختلاف وجهات النظر والتسليم بالأرضية المشتركة والمواتية للتنافس على البناء.. 

لكن تلك المهمة الصعبة للكاتب ستكون باهتة الظهور في ظل تسيد دوي أصوات الموت.. لتبقى إلى جانب نضاله تحّين فترة إرهاق تجعل كل مقاتل يستعيد جزء من عقله للخروج من صراع الأجساد الممزقة..
عندها سيكون الكاتب نقطة حبر على وجه كل مقاتل تستثير خصمه للتمييز بين لون الدماء ولون الحبر..
عل ذلك الوقوف التأملي كفيل باستمالة العقل لإيقاف الأجساد الضخمة عن تدمير ما حولها.. عندها سيكون كل طرف قادر على التمييز بين الإنسان والغول بين الحبر والدم.. وسيكون الكاتب موطن الالتفاته لذلك الأفق الذي يشع منه السلام.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24